Author

علي بنات

|
شاهدت مقطعا يعرض نشاط الفقيد علي بنات، وهو شاب أسترالي، حقق ثروة كبيرة، فقرر أن يصرفها على العمل الخيري. توفي علي بالسرطان في الـ13 من شهر رمضان في إفريقيا، وهو يمارس هوايته المفضلة في إطعام الجياع، وإسكان المحتاجين، وإيجاد مصادر الرزق لمن لا يجدون قوت يومهم. توفي وهو مقتنع بأن ما قام به هو العمل الأفضل والوسيلة المثلى لقضاء أيام الإنسان على هذه الأرض. أهم وصايا علي كانت الدعوة إلى العمل الخيري، سواء كان الشخص هو منشئ العمل أو كان مساهما فقط. الوصية أن يكرس الواحد منا جزءا - مهما كان يسيرا - من طاقته وماله للعمل الخيري، وتتبع حاجة الناس، وقضاء ما يستطيع أن يقضيه منها هي الوسيلة المثلى للعيش في عالم أصبح الناس فيه متباعدين، والعلم بالمحتاج محدودا مع انتشار الخديعة والاستغلال بمختلف صورهما. نقطة التحول في حياة علي هي عندما أبلغه الأطباء أنه مصاب بالسرطان، وليس أمامه سوى سبعة أشهر، فقرر أن يبيع كل ممتلكاته ويتجه نحو إفريقيا، حيث بدأ مشروعا خيريا، وأنشأ مؤسسة للتبرع للفقراء في القارة السمراء. يرى علي أن إصابته بالمرض كانت منحة من الله تعالى، حيث تحولت حياته واهتماماته من المادية التي سيطرت على شبابه إلى الروحانية التي جعلت لحياته قيمة مختلفة. عاش علي ثلاث سنوات بعكس توقعات الأطباء، حقق خلالها نجاحات كبيرة في تعليم وسد حاجة الفقراء، وأكد للعالم أجمع أن العمل الخيري أسهل وسائل السعادة. نصيحة علي للشباب بالتوجه نحو العمل الخيري هي نصيحة لكل من عمل في المجال، ولعل نشر مفهوم العمل الخيري بين فئات الشباب مهم، في وقت سيطرت فيه الضغوط النفسية والاجتماعية على أغلب فئات المجتمع. تذكرت وأنا أستمع إلى المقطع الصوتي لعلي قصة سابقة للمحسن الشهير الدكتور عبدالرحمن السميط، حيث كان هو وزوجته يدفعان سيارتهما التي غرقت في الوحل في إحدى القرى النائية في دولة إفريقية. قالت زوجة عبدالرحمن له وهي تدفع السيارة وعلى وجهها علامات الإرهاق: هل في الجنة سعادة أعظم من سعادتنا هذه؟ قالتها كلمة عادية، لكنها بالنسبة لنا تعني كثيرا. إنها تعني أن السعادة ليست متعلقة بالماديات، وإنما هي تنبع من إسعاد الآخرين، وذلك ما يفعله كل من يعملون في المجال الخيري.
إنشرها