Author

المساجد .. تطوير التوظيف والأداء

|
على مدى أكثر من أربعة أسابيع، لم يتوقف خطيب مسجد الحي الذي أسكن فيه عن التحذير من خطورة العلمانيين والليبراليين الذين يعيشون بيننا، وينتظرون اللحظة المناسبة لإفساد حياتنا والانقضاض على أعراضنا ونسائنا، على حد زعمه! هذا الخطاب المتشنج المشحون بالتحريض والسوداوية في بعض مساجدنا وخطبنا، جزء من بقايا إرث الصحوة الذي كان يتردد عبر أشرطة التسجيلات الإسلامية بأخطائها الفادحة ولغتها المندثرة. هذا الإمام لم أسمعه يوما يخطب عن عاصفة الحزم، أو شهداء الحد الجنوبي أو حملات التوعية الصحية والأمنية والمرورية التي تقيمها الوزارات. وبعض خطباء المساجد خارج مسرح الأحداث المحلية، ومنهم من جعل من منبره مكانا للأفكار الحزبية والخارجية، ولم نسمع لهم مشاركاتهم في الهم الوطني أو الشأن الاجتماعي بكل ما فيه من تداعيات تستدعي من خطيب المسجد أن يكون حاضرا ومشاركا بفكره باعتباره مواطنا ينتمي لهذا البلد ويحمل أمانة الكلمة ورسالة التبليغ للناس. لقد سمعنا عشرات الخطب والمحاضرات وقرأنا تغريدات لأئمة مساجد بأسمائهم الصريحة وهم يناصرون "محمد مرسي" و"أردوغان" ومن على شاكلتهما من رموز الأحزاب والجماعات، وحين يأتي الحديث عن المملكة لا نسمع لهم صوتا ولا نقرأ لهم باستثناء البعض حرفا، لأن الولاء للجماعة حتى لو كانت خارج الوطن مقدم على الولاء للوطن، وهذا أمر محير، كيف لإمام مسجد يحمل هوية هذا البلد ويأخذ راتبه من وزارة الشؤون الإسلامية ثم يسخر منبره للإشادة بجماعات وأحزاب لا تنتمي إلينا ولا يجمعنا بها صلة! إن المرحلة الحالية تتطلب الرقابة الصارمة والمتابعة الدقيقة للمساجد، باعتبارها دورا للعبادة، وأيضا مؤسسات وطنية لا يسمح باستخدامها للحزبيين والحركيين وأصحاب الأجندة المشبوهة، وهنا أطالب وزير الشؤون الإسلامية بدراسة مقترح سبق أن كتبته هنا، يتم من خلاله تصنيف المساجد إلى ثلاثة أقسام كبيرة ومتوسطة وصغيرة، ويتم للمساجد الكبيرة والمتوسطة التي تتوافر فيها إمكانات متعددة، مثل السكن والمكتبات وجماعات التحفيظ وغيرها، أن يكون إمام المسجد والمؤذن من المتفرغين تماما للوظيفة، ويتم الاختيار وفق معايير واضحة للتوظيف، مثل المؤهل الشرعي وسلامة الفكر والقدرة على تفعيل دور المسجد، ليكون مركزا توعويا فكريا لأهل الحي، ثم ترتبط جميع المساجد بموقع إلكتروني لمراقبة كل الأنشطة التي تتم داخلها، أما المساجد الصغيرة فبالإمكان السماح للمتعاونين فيها بالعمل وتحت رقابة الوزارة. إن تطوير نظام التوظيف لاختيار أفضل الكفاءات، سيسهم في توفير آلاف الفرص الوظيفية خصوصا خريجي أقسام العلوم الشرعية، وسيمكن للشباب الواعي الذين لم تتلوث أفكارهم بالحزبيات والقوميات من تقديم خطاب واع وعقلاني يحاكي اهتمامات المجتمع ويتناغم مع تنمية الوطن. فهل يفعلها وزير الشؤون الإسلامية؟
إنشرها