Author

الحد الأدنى للأجور

|
ناقش مجلس الشورى مقترحا مقدما من أحد الأعضاء يحدد مبلغ ستة آلاف ريـال كحد أدنى لأجور المواطنين في القطاع الخاص. الموضوع الذي طرح على المجلس عدة مرات ويتكرر في كل دورة - تقريبا - من أهم مكونات الاقتصاد الداعمة لمجموعة كبيرة من القرارات التي قد لا يطلع عليها غير المختصين في المجال. الأهم هنا، هو أن الرقم يؤثر في المؤشرات المالية الوطنية، ويمكن أن يسيطر على قرارات تسعير السلع والخدمات، كما يمكن أن ترتكز عليه مجموعة من قرارات الدعم المالي للمواطن. كون مجموعة من الأعضاء - بل الأغلبية - ربطوا الرقم بمعدلات أرباح القطاع الخاص وارتباطها بتوظيف المواطن واعتبارها مجرد وسيلة لضمان دخل معين للداخلين في السوق دون تأهيل، يشير إلى أن المشروع نفسه لم يحظ بالكم الكافي من الشرح والإيضاح والنقاش قبل الدخول في عملية التصويت. هذه الجزئية بالذات تستدعي مراجعة عمليات جمع الأصوات الداعمة للخلوص إلى أغلبية في المجلس lobbying ولا أعلم هل هي مقننة أم لا. ذلك أن القرارات التي تناقش تؤثر بشكل مباشر في المواطن وواقع ومستقبل الوطن. نأتي على نقطة لا بد من البدء في تركيز أهميتها ودورها في الاقتصاد، وهي تعيين المؤشرات الأساسية التي تخدم الاقتصاد بشكل عام وتحمي مستقبله. المؤشرات التي تقدمها وزارة الاقتصاد مهمة، لكن دور الجمعيات والهيئات الحيادية والمتخصصة المحترفة والدولية يبقى أساسا في ضمان قبول المؤشرات واعتمادها من قبل الجميع، خصوصا من هم خارج دائرة الاقتصاد. المؤشرات المتعلقة بنضوج الاقتصاد وتفاعله مع احتياجات المجتمع وكفاءة أدوات السيطرة على قوانين الحماية للمستهلك وغيرها، تسمح بأن يصبح اتخاذ قرار حول الحد الأدنى للأجور سهل النقاش وأقرب إلى الواقع واحتياج مكونات الاقتصاد المختلفة، وأهمها الموارد البشرية. يأتي في المجال تأكيد أن "رؤية المملكة" والقرارات النابعة منها والمتعلقة بضمان مشاركة أوسع للمواطنين في سوق العمل، سيكون لها أثر مهم ومواز خلال الفترة المقبلة، حيث سيكون مردودها واضحا في تحسين نوعية مخرجات الجهات التعليمية والتدريبية وتحسين نوعية الوظائف وضمان تقارب الواقع مع طموحات الموارد البشرية في الاقتصاد الوطني. المهم أن يبقى نقاش هذا الموضوع حيا في المجلس، وأن يكون واقعيا ومحفزا للتقارب المطلوب بين ما يدرس في المجلس وواقع المواطن واحتياجاته، كمهمة أساسية للمجلس في الحاضر والمستقبل.
إنشرها