default Author

نظرة على النقود الورقية عالميا

|

بدءا من سلاسل الأصداف في جزر سليمان، إلى الأقراص الحجرية الكبيرة في جزيرة ياب الميكرونيزية، إلى أقراص الجبن البارميجيانو - ريجيانو في إيطاليا، اتخذت النقود أشكالا كثيرة على مر التاريخ. واليوم، تمثل الأوراق النقدية تعبيرا فنيا عن السيادة الوطنية، مع اختيار بلدان كثيرة تخليد مؤلفين ونشطاء مشهورين والأحياء البرية المحلية والمعالم الوطنية الرمزية بهذه الأوراق النقدية. وبعبارة أخرى، تمثل النقود الورقية الحديثة ما يطمح إليه كل بلد من جوهر وتاريخ وجمال ومثل عليا. وكي نشاهد هذا التنوع عمليا، لسنا في حاجة سوى أن ننظر إلى البلدان الأعضاء في صندوق النقد الدولي البالغ عددها 189 بلدا، التي تصدر 136 عملة وطنية فريدة وتشكل أربعة اتحادات نقدية.
ومن بين العملات البارزة كواشا مالاوي، وهي أصغر ورقة نقدية في دراستنا، إذ يبلغ حجمها 87 في المائة تقريبا من حجم ورقة دولار الولايات المتحدة. ونجد على الطرف النقيض دولار بروناي ودولار سنغافورة، اللذين يمثلان أكبر ورقتين نقديتين متداولتين حجما، حيث يتجاوز مجموع حجم كل منهما 150 في المائة من حجم ورقة دولار الولايات المتحدة، الأمر الذي يستدعي امتلاك محفظة عميقة لوضعهما فيها.
والأوراق النقدية الموجودة على نطاق العالم مستطيلة الشكل، غالبا ما تكون أكثر عرضا مما هي أكثر طولا. فالفرنك السويسري - على سبيل المثال - يكون رفيعا جدا عادة، في حين أن الجنيهات البريطانية والشلنات الكينية أكثر تربيعا. ومع ذلك، على الرغم من التباينات في التصميم، فإن الخواص المحددة للعملة واحدة، فهي وحدة قياس، ومستودع للقيمة، ووسيلة للتبادل. ولا توجد أيضا للورقات قيمة متأصلة، فقيمتها، لا "المسطحة" النقدية، أو النقود، تُحدَّد إلا من خلال العرض والطلب، وتعد عملة قانونية بموجب مرسوم حكومي.
وأهم عنصر يفصل عملة وطنية عن غيرها هو قيمتها.
فالبنوك المركزية تقرر ما هي أكبر ورقة نقدية متداولة، ويحدد عدد أصفارها قيمتها الاسمية، وهذا يشير إلى القوة الشرائية للورقة داخل البلد. وحاليا، تراوح أكبر الورقات النقدية المتداولة بين ورقة الـ20 دينارا البحرينية وورقة الـ500 ألف دونج الفيتنامية. وتاريخيا، بسبب التضخم المفرط، طبعت بلدان كثيرة وأوراقا نقدية تتضمن عددا مبالغا فيه من الأصفار، فقد أصدرت يوغوسلافيا ورقة قيمتها 500 مليار دينار عام 1991، وأصدرت زيمبابوي ورقة قيمتها 100 تريليون دولار عام 2009، واليوم تعد الوحدات المئوية من العملة "مثلا، ورقة المائة دولار الأمريكية" الورقة النقدية الأكثر شيوعا المتاحة أكثر من غيرها في كل بلد. ولكن القيمة الحقيقية "معبرا عنها هنا من حيث قيمتها بدولارات الولايات المتحدة" تعتمد على المكان الذي تستخدم فيه.
وأكبر ورقة نقدية متداولة على نطاق البلدان تعادل، في المتوسط، 33 دولارا أمريكيا، ولكن الاختلاف في القيمة الحقيقية من بلد لآخر لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا مما هو. فثلاث أوراق قيمة كل منها 100 جنيه من جنيهات جنوب السودان "وهي أكبر الأوراق النقدية المتداولة في ذلك البلد" تشتري قدح قهوة متوسط الحجم في مقهى من مقاهي Starbucks، وعلى النقيض من ذلك، تشتري ورقتان فقط من أكبر الأوراق النقدية في بروني - وهي الأوراق التي تبلغ قيمة كل منها عشرة آلاف دولار - سيارة ركاب صغيرة من موديل 2018. ومع ذلك، فإن النقد قد لا يظل متربعا على العرش إلى الأبد.
فمع تزايد استخدام العملات الرقمية والمعاملات التي تجري عبر الإنترنت على نطاق العالم، قد يكون مستقبل النقد الورقي عرضة للخطر. فما كانت له قيمة يوما ما بسبب ماديته على وجه التحديد، يتراجع أمام اقتصاد عالمي جديد يجري فيه مزيد من المعاملات - الكبيرة والصغيرة - إلكترونيا. وقد تصمم البلدان يوما ما وتصدر أوراقا نقدية ذات طابع افتراضي، تكون مدمجة فيها سمات أغنى للاحتفاء بكل ما تعده عزيزا عليها.
ولكن، حتى ذلك الحين، ستحتفظ الأوراق النقدية الورقية بجاذبيتها التي لا يمكن إنكارها.

إنشرها