Author

الصادرات السعودية .. وتحديات الجودة النوعية

|

لا يوجد تنويع اقتصادي دون صادرات من مختلف السلع والمنتجات التي تتم صناعتها محليا، ونعم للاكتفاء الذاتي، لكن مع الحضارة العالمية الحديثة، ومع تنوع متطلبات الحياة لا يمكن لأمة واحدة أن تعيش بمعزل عن المنتجات التي تقدمها الأمم الأخرى، وهذا يتطلب من جميع الأمم أن يكونوا فاعلين في إنتاج الحضارة الإنسانية الحديثة، والدول الناجحة والفاعلة في الحضارة اليوم هي الدول التي تمتلك ميزانا تجاريا متوازنا، فهي تنتج للعالم بقدر ما تأخذ منه، ورغم أن الميزان التجاري الموجب محبب ومريح لكثيرين، لكنه مع ذلك قد يكون مؤشرا غير جيد، ويجب أن تتم قراءته بحرص شديد، فالمملكة ذات ميزان تجاري موجب، وهي بذلك في وضع مريح من جانب الاحتياطيات الأجنبية، لكن من جانب آخر، فإن هذا يأتي أساسا من منتج اقتصادي وحيد، وهو النفط، أو المنتجات ذات العلاقة به، وهذا بقدر أهميته، فإن تأثيره سلبي فيما لو فقد هذا المنتج قدرته على منح المملكة التوازن المطلوب. إن ذلك يعني حتما انهيارا سريعا وكبيرا في النقد الأجنبي، ومن ثم صعوبة التعامل التجاري مع العالم، وشراء السلع منه، لهذا نعود ونؤكد ضرورة وأهمية التنوع الاقتصادي، الذي يظهر على شكل تنوع في الصادرات.
نحن اليوم نواجه تحديات كبيرة في تنويع الصادرات، أهمها على الإطلاق تنويع القاعدة الصناعية في المملكة بشكل يجعل المنتجات كثيرة ومنافسة في الأسواق العالمية ومطلوبة بشكل قوي، وكانت هيئة تنمية الصادرات السعودية قد حصرت التحديات في 65 تحديا داخليا وخارجيا، من بينها إجراءات أو رسوم داخلية، وكذلك فرض رسوم جمركية أو اشتراطات معينة تطلبها بعض الدول، والهيئة ترصد المعوقات التي تواجه المنشآت السعودية للتصدير، من المصدرين أنفسهم ومن تجاربهم الحية، وذلك عن طريق "استبيان تحديات التصدير" في الموقع الإلكتروني للهيئة، كما أنها تعمل جنبا إلى جنب مع وزارة التجارة والاستثمار لإزالة جميع المعوقات، وبناء بيئة اقتصادية ملائمة للتصدير بشكل أساسي، كما أن هناك فريق عمل دائما معنيا بقضايا وعوائق الصادرات السعودية في الأسواق العالمية.
ولكن في اقتصاد اعتمد في تمويله كله على النفط، فإن الثقافة التصديرية من أهم المعوقات التي تواجه القطاع الخاص، فاختيار الدول التي سيتم التصدير إليها من أصعب القضايا التي تواجه الشركات ورجال الأعمال السعوديين، ولذا، فإن دور هيئة تنمية الصادرات مهم للغاية في هذه المرحلة، من خلال بناء هذه الثقافة، والمشاركة الواسعة في المعارض الدولية والخاصة، وتشجيع المنتجين السعوديين على عرض منتجاتهم، كما أنه من المهم فهم طبيعة بعض التكتلات الاقتصادية الخاصة، مثل الاتحاد الأوروبي والاتفاقيات الدولية المماثلة، حيث إنها تؤثر بشكل قوي في قابلية أي منتج للمنافسة أو عدمها، ومن ذلك أيضا فهم الأدلة والاشتراطات الخاصة ببعض الدول بشأن الكميات المسموح بها، من أي مادة في أي منتج، فكل هذا قد يؤثر بشكل أو بآخر في خطوط الإنتاج، وبالتالي، تكلفة التصدير.
جانب تحديات تكلفة التصدير قد يكون حاضرا، لكن مع ذلك، فإنه قد لا يعد بقوة تأثير غيره من التحديات الخارجية مثل الاتفاقيات، ذلك أن الهيئة تعمل مع جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة على دعم التصدير بما يتناسب مع الاتفاقيات الدولية، حيث تبقى المنافسة، وفقا لعنصر الجودة والسعر، أهمية أساسية في الأسواق العالمية، وبخلاف ذلك، فإننا قد ندخل في قضايا الإغراق. لهذا، تعمل الهيئة على مساعدة المصدرين على الحصول على خدمات لوجستية مساندة في الوصول إلى الكفاءات البشرية المؤهلة في مجال التصدير، وكذلك التعريف بمزودي خدمات التصدير، وكل ذلك لتطوير قدرات التصدير للمنشآت السعودية، وزيادة فرص وصولها إلى الأسواق العالمية، لكن مع كل ذلك، فإن الأمر يبقى في يد الصناعة السعودية وكثافتها وجودتها وقابليتها للتصدير.

إنشرها