Author

لا مفر من رفع الإنتاج تدريجيا

|

في اجتماعهم الأخير في العاصمة النمساوية فيينا، قررت منظمة أوبك وحلفاؤها من خارجها زيادة الإنتاج، بالسعي إلى عودة الالتزام باتفاق التخفيضات إلى 100 في المائة، بدلا من الامتثال الكبير الذي وصلته المجموعة حتى الآن، الذي بلغ أكثر من 150 في المائة في أيار (مايو). ولكن لم يتضح بعد كيف سيترجم هذا القرار إلى زيادة ملموسة في الإنتاج، لأن الرقم الذي تم تداوله على نطاق واسع كان في حدود 600 ألف برميل يوميا، وهو رقم تقريبي ستفترضه الأسواق. هذا القرار سيترك أسواق النفط العالمية متشددة من جانب العرض، ما قد يتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات في المستقبل غير البعيد.
مع ذلك، هناك عديد من الأسباب التي تجعل منظمة أوبك وحلفاءها يشعرون بأنهم مضطرون إلى زيادة الإنتاج تدريجيا. أولا، تعاني أسواق النفط بالفعل عجزا في العرض، في الواقع، ربما كانت تعاني عجزا لأربعة أرباع متتالية، وفقا لبنك ميريل لينش الأمريكي. في عام 2017، بلغ متوسط الفجوة في العرض نحو 340 ألف برميل في اليوم، ما يدل على نجاح اتفاق "أوبك" وحلفائها من خارج المنظمة في تجفيف مخزون النفط العالمي العام الماضي، حيث أدت عملية سحب المخزون إلى انخفاض إجماليه إلى ما دون متوسط السنوات الخمس، وهو تطور حدث - على الأرجح - قبل عدة أشهر، على الرغم من أن البيانات تُنشر متأخرة شهريا.
السبب الثاني في حاجة منظمة أوبك وحلفائها إلى زيادة العرض هو أن الطلب مستمر في النمو بوتيرة قوية. في هذا الجانب، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب بمعدل 1.4 مليون برميل في اليوم هذا العام مقارنة بعام 2017، وقدر عدد من المحللين الأكثر تفاؤلا مثل "جولدمان ساكس" نمو الطلب بمعدل 1.7 مليون برميل في اليوم. قد تختلف التوقعات، ولكن في كلتا الحالتين، يبدو أن الطلب العالمي لا يزال قويا، ما قد يؤدي إلى تفاقم فجوة العرض مع اقتراب نهاية العام.
علاوة على ذلك، عادة ما يرتفع الطلب موسميا في أشهر الصيف. ووفقا لبعض التوقعات، يمكن أن يرتفع الطلب بمقدار 1.1 مليون برميل في اليوم بين الربعين الثاني والربع الثالث. وهذا الـ 1.1 مليون برميل في اليوم نمو على أساس ربع سنوي، وليس مقارنة بمستويات 2017. بطبيعة الحال، سيخف هذا الطلب الموسمي بعد الصيف، لكن لا يمكن تجاهل الضغوط في السوق.
ثالثا، تتضاعف الاضطرابات في الإمدادات، وتضع كل منطقة توتر في العالم كمية كبيرة من النفط في خطر، فقد فقدت فنزويلا بالفعل ما لا يقل عن 500 ألف برميل في اليوم منذ أواخر عام 2017، لكن الأحداث تسير بخطى متسارعة الآن، وقد تؤدي عمليات الإغلاق الحالية التي يقال إنها جارية، بسبب أزمة في الموانئ الفنزويلية، إلى تسارع الخسائر، رغم أنه يصعب الحصول على بيانات دقيقة في الوقت المحدد.
وتقدر بعض المصادر أن صادرات النفط الخام الفنزويلي انخفضت 32 في المئة في النصف الأول من حزيران (يونيو) مقارنة بالفترة نفسها في أيار (مايو). وفي الأسابيع القليلة الأولى من حزيران (يونيو)، كانت شركة النفط الوطنية الفنزويلية تصدر 765 ألف برميل في اليوم فقط، بانخفاض قدره 368 ألف برميل في اليوم. إذا استمرت هذه الأرقام، فإن نصف زيادات الإنتاج المرتقبة من قبل منظمة أوبك وحلفائها سيتم تعويضها فقط من تراجع الإنتاج الفنزويلي في حزيران (يونيو). في هذا السياق، يبدو أنه سيكون هناك تركيز كبير من قبل المحللين ووسائل الإعلام على تفاصيل زيادات الإنتاج من قبل دول "أوبك" وحلفائها، عندما يؤدي الانخفاض في الإنتاج الفنزويلي وحده إلى إلغاء قدر كبير مما تحاول "أوبك" وحلفاؤها تحقيقه.
في هذه الأثناء، خسرت ليبيا فجأة 450 ألف برميل في اليوم بسبب الهجمات على أكبر محطتين للصادرات في البلاد. ويبدو أن هذه الانقطاعات مؤقتة، لكن التجارب السابقة توحي بأن الانقطاعات المستقبلية ممكنة تماما. ومن المتوقع أيضا أن تخسر نيجيريا بضع مئات الآلاف من البراميل يوميا من صادرات النفط في تموز (يوليو)، بسبب انقطاعات في خطوط الأنابيب. ثم هناك إيران، التي يمكن أن تفقد ما بين 500 ألف برميل أو مليون برميل يوميا بسبب العقوبات الأمريكية. أسوأ سيناريو هو عندما تعاني هذه البلدان الأربعة اضطرابات مستمرة، وجميعها في الوقت نفسه، سيكون من الصعب على "أوبك" وحلفائها سد الفجوة.
السبب الرابع وراء الحاجة إلى مزيد من إنتاج "أوبك" وحلفائها هو أنه يبدو من المحتمل بشكل متزايد أن تقديرات نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي ستتقلص خلال العام المقبل. لقد كانت مشكلات خط الأنابيب معروفة منذ بعض الوقت، لكن الاختناقات بدأت تؤثر بشكل كبير. من المتوقع أن يتسع خصم أسعار نفط هذه المناطق، وستضطر الشركات إلى مواصلة تأجيل عمليات إكمال الآبار. وفي نهاية المطاف، يجب أن يتباطأ نمو الإنتاج.
مع أخذ جميع هذه العوامل في الحسبان، فإن قرار "أوبك" وحلفائها عدم اتخاذ إجراء أكثر دراماتيكية هو في الواقع عامل تصاعدي للغاية بالنسبة لأسواق النفط. هذا ما دفع أسعار النفط إلى الارتفاع يوم الجمعة بعد الاجتماع، عندما أصبح واضحا للأسواق أنه لن تكون هناك زيادة بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم، التي كان متوقعا أن تُقرر في الأصل.

إنشرها