Author

خامنئي في مواجهة شعبه

|
كاتب اقتصادي [email protected]


"سيحكم المجلس الوطني للمقاومة إيران قبل عام 2019"
جون بولتون ــــ مستشار الأمن القومي الأمريكي

مع تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية على الساحة الإيرانية ضد النظام الإرهابي الحاكم، وفشل هذا النظام في الوصول إلى حلول ما لشعبه الغاضب، تتزايد الضغوط العالمية عليه، ولا سيما تلك الآتية من الولايات المتحدة. فواشنطن أعلنتها بوضوح منذ وصول دونالد ترمب إلى الحكم، لا يمكن التعامل مع النظام الإيراني القاتل المخرب الإرهابي المتدخل في شؤون دول المنطقة، الممول الرئيس للإرهاب على الساحة العالمية. وتضغط الإدارة الأمريكية على كل جهة عالمية مؤثرة للسير على خطاها، ليس من أجل تصعيد الضغط على هذا النظام فقط، بل للتخلص منه نهائيا، وتسليم الحكم إلى سلطة شعبية إيرانية، تعمل على مواجهة المصائب التي وقعت فيها البلاد على مدى أكثر من أربعة عقود.
الوضع يتغير بسرعة في إيران، فما كان في الأمس من مظاهرات واحتجاجات تنتهي بعمليات قمع وحشية، فضلا عن اعتقالات بالجملة، هي اليوم أكثر اختلافا، حتى لو قورنت بتلك التي انطلقت في فترة الإرهابي أحمد نجاد. أوجه التغير كثيرة، وعلى رأسها بالطبع التحرك الأمريكي الواضح ضد واحد من أسوأ الأنظمة في التاريخ الحديث. وتحرك واشنطن هذا أزاح مكتسبات هائلة حصل عليها نظام الملالي في عهد الرئيس باراك أوباما، بما في ذلك - بالطبع - الاتفاق النووي، الذي تمكنت طهران من إيقاع أوباما فيه، ومعه مجموعة من الحكومات الغربية البلهاء. ومن أهم مؤشرات أدوات التغيير ضد النظام، أن المجتمع الاقتصادي النخبوي "كي لا نقول رأس المال الوطني"، صار فجأة جزءا من المشهد الاحتجاجي، وهو أمر لم يتوقعه أحد، ولا سيما أولئك الذين لم يلاحظوا جيدا الآثار الماحقة للموقف الأمريكي الجديد.
بعد جون بولتون، الذي بشر بانتهاء النظام الإرهابي الطائفي في إيران، أعلن رودي جولياني المحامي الشخصي لترمب، أن الرئيس "سيخنق آيات الله المستبدين". هو بذلك كان يشير بوضوح أيضا إلى الإجراءات الاقتصادية المتصاعدة ضد نظام المهدي الفالت. والحق أنها إجراءات قوية بصورة كبيرة، واكتسبت مزيدا من القوة بعد أن رضخت القوى الغربية "اللطيفة" إلى المطالب الأمريكية بعدم التعامل مع إيران، ما جعل شركات أوروبا تنسحب في غضون أسابيع من الساحة الإيرانية، وتعلن غيرها أنها لا تفكر أساسا في دخول هذه السوق. ويعترف أحد الدبلوماسيين البريطانيين المختصين بشؤون المنطقة، بأن أوروبا "اللينة" لا يمكنها الوقوف أمام الهجوم الأمريكي على النظام الإيراني. وفي إشارة لها مغزى كبير، قال "يكفي النظر إلى التزام الشركات الأوروبية بالتحذيرات الأمريكية حتى قبل أن تطلب منها حكوماتها ذلك رسميا"!
الموقف الأوروبي "الحريري" لم يعد له معنى، وفي الأيام الماضية، تقدم أوروبيون للحديث علنا عن أنه يصعب الدفاع عن النظام الإيراني، أو حتى عن الجناح الإصلاحي ضمن هذا النظام. طبعا الأسباب معروفة، تنحصر في أن أدوات الاحتجاجات والمظاهرات تغيرت بالفعل، وأن النظام نفسه لا تبدو عليه أي سمات للتغيير، وأيضا بسبب مواصلة تحدي خامنئي ونظامه المجتمع الدولي، ولا سيما في أعقاب الإعلان رسميا عن نياته بدء التخصيب الفعلي لليورانيوم، وهذا - كما هو معروف - يتصدر قائمة المحظورات الدولية. قبل أيام بدأ النظام الإرهابي بقتل المتظاهرين علنا، وسيواصل إرهابه هذا، لأنه - ببساطة - لا يعرف طريقة أخرى بديلة. وقتل المتظاهرين يعني أن الأمور تتجه إلى محطات أخرى في التغيير المنتظر في إيران.
ومن أهم المتغيرات في أدوات التغيير، الانتفاضة الكبيرة في "بازار طهران"، فحتى قبل هذه الانتفاضة كان الإيراني العادي يتعاطى مع طبقة التجار، بصيغة تعاطيه نفسها مع النظام نفسه، أي أنهما وجهان لعملة واحدة، لأن هذه الطبقة توفر الدعم اللازم "أو المطلوب منها" للنظام منذ وصوله إلى الحكم. ورغم كل الحقائق التي أظهرت حقيقة النظام منذ الخميني إلى خامنئي حتى المهدي الفالت، ظل التجار محورا رئيسا لتمويل الخراب الإيراني، سواء ضمن النطاق المحلي، أو خارجه إلى الإقليمي والدولي. الآن تغير المشهد، فالتجار أنفسهم باتوا يعانون أزمات مالية هائلة، ولا سيما مع ترنح العملة الإيرانية في الأشهر الماضية، وضغوط العقوبات المفروضة على البلاد. الأمر هنا بات مختلفا، فهذا مصدر من مصادر الدعم المالي ينتفض!
ما يجري في إيران لا يشبه أي حراك آخر في السابق، فالمتغيرات واضحة، والتغييرات المتوقعة تبدو كذلك أيضا. ولا شك أن التعاون الدولي الصادق للوقوف في وجه النظام الإرهابي الإيراني سيسرع من الخطوات نحو التغيير المطلوب، ليس وطنيا فحسب، بل عالمي أيضا. من واجب هذا العالم أن يحقق بعض العدالة للشعب الإيراني الذي نال منه نظام الملالي بأبشع الصور، قبل أن ينشر بشاعاته في الأرجاء. إنها ساعة الحقيقة لنظام طائفي دنيء، حارب كل الحقائق من أجل الأوهام.

إنشرها