default Author

إنهم يتنصتون على صمتك

|

قبل نحو تسعة أعوام، حين استكتبوني في هذه الصحيفة، وطُلِب مني أن أختار عنوانا لعمودي، حِرْتُ وأنا حديثة التجربة في هذا المجال. ولكن وبما أني لا أكتب إلا ما أشعر به وما أصدقه وأؤمن به، قررت أن يكون اسم العمود أو الزاوية "كلام الصمت"، بعضهم اعتبره اسما شاعريا، وبعضهم رأه غريبا كنوع الموضوعات التي أكتبها، وهي حقائق وغرائب تبدو كأنها نسج من خيال.
آمنت بالاسم، واتخذته جزءا من بَوْحي، إلى أن جاء اليوم الذي اطلعت فيه على مقال نُشِر حديثا يثبت أن للصمت صوتا، وأنك قد تسمع صدى صمتك، ووقع كلماته، ورنة حروفه.
خطر في بالي عديد من المسلسلات والأفلام، الجيد منها والسيئ، التي تصور لك حديثك مع نفسك؛ لتوضح ما يريد البطل، وما تطمح إليه البطلة، وما يخطط له المجرم، وما تنوي فعله زوجة الأب، بطريقة مملة، تسلب منك متعتك بالمسلسل أو الفيلم، وأغلب حديث النفس بصوت عالٍ نجده في المسلسلات العربية، ويزيد مع سوء الإخراج والسيناريو.
لِنَعُد إلى حديث الصمت، تسمع نفسك تتحدث، وتعرف ماذا تريد، ولكن كيف تستمع إلى شخص صامت يجلس بجوارك؟! أعلن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جهازا يمكنه "سماع" الكلمات التي تقولها دون صوت داخل رأسك، حيث إنه يسمع أوامرك وأفكارك الداخلية "غير المنطوقة" وحديثك الصامت مع نفسك.
ويستطيع الجهاز، الذي يطلق عليه اسم "التر ايجو"، التعرف على كلامك الصامت مع نفسك، من خلال قراءة الإشارات التي يرسلها دماغك إلى فمك وفكك، ويتصل بالمستخدم من خلال سماعات رأس تلتصق بالوجه والرقبة، وتلتقط مجموعة من الأقطاب الكهربائية الإشارات الكهربائية الصغيرة، التي تولدها حركات العضلات الداخلية الدقيقة، التي تحدث عندما تتحدث بصمت مع نفسك. يتصل الجهاز عبر البلوتوث بكمبيوتر مهمته تفسير الإشارات، وتحديد الكلمات التي يعبر عنها مرتدوها، وبناء عليها يُتخَذ الإجراء لخدمتك.
أُجريت التجارب على 15 شخصا، وكانت ناجحة بنسبة 92 في المائة. ويصفه أرنوف كابور، طالب دراسات عليا وقائد مشروع التر ايجو، بأنه "أداة لزيادة المعلومات الاستخبارية"، من خلال معرفة ما تفكر فيه، كما يمكنك من فعل ما تريد من دون أن تصدر أي أوامر.. إنه نوع من أنواع التخاطر عن بعد بينك وبين كل مَن حولك من بشر وأجهزة، الجميل في هذا الابتكار أنه قد يكون حلا ومنقذا للأشخاص ذوي الإعاقات، والمصابين بالشلل، أو مَن يعاني غيبوبة؛ حيث سيعرف مَن حوله ماذا يريد، وما إذا كان واعيا لما حوله، ولكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك.
ولعله أيضا يساعد على حل بعض المشكلات الزوجية والعاطفية، التي يكون سببها صمت الشريك وعدم تعبيره عما يجول في خاطره.

إنشرها