Author

البحرين .. وعظمة الأخوة

|

التحرك الخليجي العربي الجديد بقيادة المملكة لمواجهة المشكلات الاقتصادية المؤقتة التي تواجهها البحرين الشقيقة، أتى ثماره قبل أن يتم الإعلان عنه. ونقول الجديد، لأن السعودية وشقيقتيها الإمارات والكويت توجهت قبل أيام باتجاه الأردن الشقيق لمساعدته على الوصول إلى أفضل وضع اقتصادي ممكن، من خلال توفير الأدوات اللازمة لذلك، بما ينعكس بصورة إيجابية مطلوبة على الساحة الأردنية. البحرين تمر بصعوبات اقتصادية، وهذا أمر يحدث حتى في البلدان الأكثر ثروة والأكبر مصدرا للدخل الوطني. وفي الفترة الأخيرة، ظهرت مؤشرات واضحة على إمكانية اندلاع أزمة مالية، بسبب الدين العام المتضخم. وهذه نقطة محورية على صعيد السمعة الائتمانية للبلاد، التي تؤثر سلبا فيها إذا ما اندلعت الأزمة المشار إليها فعلا.
المملكة تحركت على الفور، كما تفعل مع أشقائها دائما، وتحركت معها الإمارات والكويت، ليس فقط من أجل الحيلولة دون اندلاع الأزمة المذكورة، بل أيضا لطرح الأدوات اللازمة لدفع مسيرة الاقتصاد البحريني نحو الاستدامة. وبالمناسبة هذه استراتيجية تتبعها السعودية مع الأشقاء منذ زمن، لأنها تعتقد أن المساعدات المباشرة والمعونات المجردة، أثبتت على مر العقود أنها لا تحل أي مشكلة بصورة استراتيجية، بل لا تعدو عن كونها "مسكنات". وعلى هذا الأساس نلحظ الجانب الاستراتيجي في تعاطي المملكة مع أزمات كهذه. يضاف إلى ذلك، أن الاستدامة المطلوبة في البحرين وغيرها من البلدان التي تعاني المصاعب نفسها، تفتح آفاقا اقتصادية واعدة في المديين المتوسط والبعيد، ما يعزز الحراك الاقتصادي وثباته فيها.
بعد قرار المملكة والإمارات والكويت، كان طبيعيا أن يتعافى الدينار البحريني من أدنى مستوى له في 17 عاما. وانطلقت المؤسسات المالية الدولية التي تعنى بشؤون المنطقة، للتأكيد على أن الأمور تتجه نحو المكامن الاقتصادية الآمنة في البحرين. وتوقع بنك "باركليز" في تقرير له، أن يؤدي التعهد بالمساعدة إلى تهدئة مخاوف المستثمرين العالميين بشأن قدرة البحرين على الإيفاء بالتزاماتها. والتحرك الثلاثي الخليجي البريء من أي مطامع أو مآرب، سيدفع أيضا وبقوة عملية الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة في البحرين. وهذه نقطة أيضا مهمة بالنسبة للجهات الإقليمية والدولية. وهذا ما أكده وزير المالية محمد الجدعان بقوله "البحرين بدأت حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وستستمر في ذلك بدعم من أشقائها في الخليج لما فيه خير واستقرار البحرين والخليج".
هكذا هم الأشقاء الحقيقيون. وقد عودتنا السعودية على أن تقوم بفعل الخير، خصوصا لأشقائها، وتمضي لا تنتظر شكرا ولا أجرا إلا من الله -عز وجل. وهي تنطلق في ذلك من ثوابتها التي ألزمت نفسها بها طواعية. ستمضي البحرين في الطريق الاقتصادية الصحيحة، وهي تقوم بذلك بالفعل، إلا أنها كانت تحتاج إلى بعض الأدوات. وهاهي توافرت من أشقائها. كثير من الجهات المالية العالمية أكدت أن البلاد ابتعدت بالفعل من خلال هذا التحرك عن دخولها في الأزمة، وأنها تتوقع للبحرين مزيدا من التقدم على صعيد الإصلاح الاقتصادي الذي يجلب الاستثمارات المباشرة. وهذا هو المطلوب بالفعل الآن، ولا سيما أن منهجية تدخل الأشقاء في حل الأزمة تستند إلى أسس سليمة وبعيدة المدى.
ستنعم البحرين وغيرها من البلدان العربية بسند الأشقاء غير المشروط، لأنهم لا يريدون إلا الازدهار للشعوب العربية. وإذا كانت هناك شروط، فهي تنحصر فقط في أن يمضي البناء الاقتصادي في هذه الدولة أو تلك على أسس سليمة، وأن تسير الإصلاحات بالشكل المطلوب لكل الأطراف.

إنشرها