Author

تحول مهنة التعليم

|

لعل مهنة التعليم بسموها وأهميتها ودورها المحوري في تحقيق نقلات أساسية في تجهيز الجيل الجديد لحياة قادمة، لعلها من أهم الوظائف التي يجب العناية بتعظيمها وتدقيق الاختيار فيمن يريد أن يشغلها، والكرم في التعامل مع من يمتهنون هكذا مهنة. لا يوجد خلاف على الأهمية، لكن الواقع الذي نعيشه يستدعي أن نقوم بتقويم العمل في المجال بشيء من الروية والتدقيق.
ذلك أن ما نشاهده اليوم من تغيرات فكرية وعلمية وبيئية يستدعي أن يكون المعلم أهم عرابي التحول المنطقي الذي يجمعنا بما حولنا ويجعل منا منشئين للفعل وليس منتظرين لما يقدمه الآخرون لنا. المبادرة اليوم أساسية في تكوين مستقبل الدول، وهو ما يجعل البرامج الإبداعية أكثر نجاحا وأقرب لتحقيق غايات أهمها المساهمة الفاعلة في التقدم العالمي.
غني عن القول إن المدرسة بشكلها التقليدي لم تعد المكان الذي يمكن أن يجهز أبناءنا ليكونوا فاعلين ومبدعين، أضف إلى ذلك التجهيزات التي لا تزال بحاجة إلى تطوير بما يتوافق مع المتطلبات العصرية والنمو المتسارع للعلوم التي نحتاج إلى أن نتعلمها في المدرسة أولا، ثم نستمر في التعلم خارج الأسوار بحكم سرعة التغيير في واقع الحياة ومكوناتها وخدماتها.
الشخص الذي نراه اليوم مختلفا كثيرا عن إنسان الأمس، معلوماته مختلفة، ورؤاه متغيرة، وأدواته التي يتعايش بها مع الواقع ومع الآخرين مختلفة، ولو راجع بعضنا حياته قبل عشر سنوات فقط لوجد اختلافا كثيرا. القضية التي يجب أن تبقى ماثلة أمام أعيننا هي أن التغيير مستمر والتطور متسارع، وهو ما يستدعي الوقفات الأهم التي يجب أن يبدأ بها مسؤولو تخطيط التعليم الآن، وليس غدا.
لنبدأ بالمكونات المادية، وهي الأسهل في عملية التحول الكبرى التي نحتاج إليها. صحيح أن تكاليف المدرسة المستقبلية ستكون مضاعفة، لكنها مقبولة ويمكن احتمالها، ويمكن كذلك التعامل معها باحترافية مالية وهندسية تخفض تكاليفها علينا. يمكن أن نتصور القادم من الأيام، وهو يجعلنا نقلص في تكاليف أمور أخرى، ومنها الأداة الأهم في العملية، وهي المعلم الذي قد يتحول إلى مرجعية تقنية عالية.
عندما نتحدث عن توظيف المعلمين وما يمكن أن يظهر في القادم من الأيام كمنافس للمعلم، نحن نتحدث عن حالة من التعقيد يصعب أن تترك دون بحث ودراسة وتمحيص، لكنها لا تعني انتهاء المعلم الإنسان الذي لا بد من تأهيله على أعلى المستويات.

إنشرها