Author

قيادة المرأة للسيارة .. مكاسب اقتصادية مهمة

|

من مطلع هذا الأسبوع يمكن ملاحظة عدد من النساء يقدن السيارات في مختلف مدن المملكة، حيث تم الإذن بذلك من قبل خادم الحرمين الشريفين، وذلك بعد أن تم إجراء عديد من الإصلاحات النظامية والاقتصادية. فمن الجانب النظامي، تمت تهيئة نظام المرور من أجل إمكانية منح رخصة القيادة للمرأة، كما تمت إصدار نظام مكافحة التحرش، ونظام الجرائم المعلوماتية، وقبل ذلك كله تم عمل جهد كبير بشأن هذا المشروع. وكل هذه الجهود لم تبذل لقضية قيادة المرأة للسيارة، بل لأن هذه المسألة أصبحت ترتبط كليا بقضايا أخرى عديدة فرضها التطور الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، فالمملكة اليوم تسعى بكل جهدها إلى تقليص نسبة البطالة إلى أقل من 7 في المائة، وهذا تحد ضخم إذا كنا نعرف أن البطالة بين النساء هي الأكبر. ومع كل جهود وزارتي "العمل" و"الداخلية" وجهات أخرى عدة من أجل توطين عمل المرأة في المملكة، ومن ذلك العمل في المحال النسائية، مثلا، فضلا عن الصناعة، لكن هذه الجهود وقفت أمام معضلة تنقل المرأة بسلاسة وأمان وتكلفة أقل، فقد تتعرض خلال نقلها إلى مقر عملها وإعادتها منه إلى الاستغلال، حتى لم يعد الدخل الناتج للمرأة من عملها كافيا لتغطية هذه المصروفات. ومشكلة ارتفاع تكلفة نقل المرأة إلى مقر عملها قديمة منذ تم فتح مدارس البنات، لكن كان الراتب وبدل النقل الذي تمنحه الدولة للمرأة كافيين لتغطية هذه النفقات، وهذا هو الذي جعل تكلفة نقل المرأة تستغل من جانب سلبي، وعطل جهود توطين المرأة في القطاع الخاص. لكن مع تمكن المرأة من قيادة السيارة، فإن هذه المعضلة قد حلت تماما، خصوصا أن كثيرا من مؤسسات القطاع الخاص تمنح سيارات للتنقل.
في جانب آخر، فقد كانت ظاهرة استقدام السائق شائعة جدا في المجتمع السعودي، وهذا يكلف الأسر كثيرا من الأموال، سواء في الاستقدام أو حتى في التدريب أو غيرها من المشاكل المصاحبة، وقد جاءت التوقعات أن يتسبب قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، في توفير الاقتصاد السعودي أكثر من 25 مليار ريـال "نحو 6.6 مليار دولار" سنويا. ذلك لأن الأسر السعودية تنفق أكثر من هذا الرقم الضخم كرواتب سنوية للسائقين الأجانب، إذ يعمل في المملكة أكثر من 1.39 مليون سائق أجنبي، وهو ما رفع فاتورة التحويلات الأجنبية وأرهق الاحتياطيات من النقد الأجنبي.
وغني عن القول أن قيادة المرأة للسيارة اليوم ستؤثر حتما في الأسواق، ومن ذلك سوق السيارات نفسها والأسواق المرتبطة بها، وأيضا سيكون هناك طلب فعال على عدد آخر من المستلزمات النسائية الخاصة بالقيادة، التي قد تحتاج إليها المرأة السعودية نظرا لطبيعتها وعاداتها، وكل هذا سيحرك قطاعات مهمة جدا، وإن كان من المتوقع أن تؤثر قيادة المرأة للسيارة في سلوك المجتمع، ما يوجد توجهات جديدة في الطلب والأسواق، بل حتى مواقع التسوق وطرق العرض.
كما أنه من المتوقع جدا أن تبدأ الجهات الحكومية والشركات بفتح أقسام نسائية لمواجهة المتطلبات المتجددة التي ستفرضها قيادة المرأة للسيارة، وهو ما يعزز من فرص التوظيف ويحقق المستهدف من خطط خفض نسب البطالة.

إنشرها