Author

أطلس الاستثمار الأجنبي في المملكة

|

التحول إلى اقتصاد إنتاجي يرتكز على الابتكار واقتصاد المعرفة يتطلب جهودا كبيرة وخاصة في بلد ارتكز اقتصاده لعقود طويلة على ريع النفط والخدمات التي تقدمها الحكومة، لهذا نحتاج إلى كثير من العمل في هذه الاتجاه، وقد وضعت "رؤية المملكة 2030" مسألة الاقتصاد المزدهر كأحد أهم محاورها، ومن بين تلك المبادرات المهمة في التحول نحو اقتصاد إنتاجي مزدهر فتح باب الاستثمار الأجنبي، وعلى الرغم من أن المملكة ليست بحاجة إلى رؤوس أموال فهناك مؤسسات تمويلية كبيرة متوافرة وهناك سوق مالية قوية، لكن الاستثمار الأجنبي يبقى مطلبا أساسيا نحو بناء مجتمع الاقتصاد المعرفي المنشود، فنقل الخبرات والمعرفة والتكنولوجيا سيأخذ أهمية قصوى في تحديد تلك الاستثمارات التي نرتقبها. والمملكة اليوم قادرة على توفير جميع البنى التحتية اللازمة لكافة أنواع الاستثمارات وخاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا، فهناك اليوم شبكات اتصال قوية وفعالة، كما أن كثيرا من المواد الخام متوافرة وبأسعار تنافسية، إضافة إلى الاتجاهات الحديثة في الصناعات التحويلية التي سوف تسهم كثيرا في إمدادات سريعة للصناعات المتقدمة. ورغم أن الحديث عن جذب الاستثمارات الأجنبية يبدو سهلا إلا أن الواقع يشهد منافسة عالمية كبرى في ذلك، وفي هذا المسار بالذات تبذل الهيئة العامة للاستثمار جهودا مشهودة لجذب استثمارات عالية القيمة وتسويق مكانة السعودية كوجهة استثمارية عالمية مميزة تجذب الاستثمارات من القطاعات المختلفة، ومن بين أهم المبادرات إطلاق "أطلس الاستثمار" في السعودية، الذي يرسم خريطة الفرص الاستثمارية المتاحة المختلفة في جميع القطاعات الاستثمارية.
ولأن مبادرة جذب الاستثمار الأجنبي ليست هدفا بذاتها، وليست لمنافسة الصناعة المحلية، بل الغاية منها تنمية رأس المال المحلي بأنواعه سواء كان بشريا من خلال التوظيف والتدريب المستمر أو في شكل أصول مالية كأسهم وأدوات أخرى أو معرفة وتكنولوجيا حديثة ومتطورة، لذا فإننا بحاجة إلى حماية الاستثمارات المحلية من أي استثمار أجنبي يمثل شكلا من أشكال الاستغلال للفرص المتاحة وخاصة لاستقدام عمالة أجنبية غير مدربة أو مؤهلة أو تحقق نقلة حقيقية للمعرفة والخبرات والتكنولوجيا أو أنه لا يحقق الأهداف المرجوة للاستثمار الأجنبي كما تم التخطيط لها، وفي هذا تقوم هيئة الاستثمار بمتابعة حالة الاستثمارات الأجنبية وخاصة تلك التي سبق أن منحت تراخيص قبل إنتاج "رؤية المملكة 2030"، وقد خصصت هيئة الاستثمار من أجل هذا إدارة لمتابعة الاستثمارات التي نفذت 4950 زيارة ميدانية للمشاريع المرخصة التي بلغ عددها نحو 7911 ترخيصا برأسمال 227.8 مليار ريال، وقد رصدت من خلال أعمالها 87 ترخيصا مخالفا وغرمت 182 ترخيصا آخر خلال العام الماضي 2017. وهذه النتيجة مرضية إلى حد بعيد، فالزيارات التي تمت لما يقارب 60 في المائة من التراخيص الممنوحة لم تجد غير نسبة ضئيلة جدا من المخالفات، لكن نظل نطالب بأن تكون هذه الاستثمارات قيمة حقيقية لاقتصاد المعرفة خاصة، وأن يتم تدريب أبنائنا على أرقى التكنولوجيا المعروفة العامة وعلى الاتجاهات الحديثة في صناعة المستقبل.

إنشرها