default Author

فاعلية التكنولوجيا الرقمية في مكافحة الفساد «2 من 2»

|


وافق الصليب الأحمر الأيرلندي على اختبار الحل، الذي قدمه طومسون ببرنامج لتوزيع المعونة على اللاجئين في لبنان. ومنح كل مستفيد بطاقة بلاستيكية صغيرة مختومة برمز الاستجابة السريعة QR؛ وهي نوع من العلامات المرئية المقروءة آليا. وتخصم الأموال عندما يتم مسح البطاقات ضوئيا بأجهزة الدفع في المحال التجارية الكبيرة. وتم تحصيل 500 قسيمة إلكترونية قيمة كل واحدة منها 20 دولارا في لبنان، ولم يذهب أي سنت إلى غير محله.
ويقول دانييل كوران، رئيس قسم جمع الأموال في الصليب الأحمر الأيرلندي: “لقد كانت النتائج رائعة” وباستخدام لوحة بيانات أعدها طومسون، تتبع دانييل كوران إنفاق المستفيدين في الوقت الحقيقي، وهو ما ساعد على استخلاص رؤى قيمة لاحتياجاتهم “فوجئ أن اللاجئين المتجهين للتوطين في أيرلندا اشتروا منتجات للأسنان بدلا من ملابس للشتاء”.
وتسمح هذه التكنولوجيا أيضا للمؤسسات الخيرية بمناشدة فئة أصغر سنا من المتبرعين الذين يستخدمون الهواتف الذكية، وتقلل من اعتمادها على حملات التسويق المباشر المكلفة، وهذا يعني تدفق مزيد من الأموال إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها. ويقول كوران: “هذه الطريقة أرخص وأكثر شفافية وسرعة وفعالية لا لمجرد الحصول على التبرعات، ولكن لتوصيل التبرع فعلا في نهاية المطاف إلى المستفيد”. وتتوسع شركة AID:Tech بسرعة بعقود لتوفير برمجية لتسليم تحويلات العاملين إلى صربيا، ومدفوعات الرعاية الاجتماعية في الأردن، والمعونة إلى النساء المشردات في أيرلندا، وتحصل الشركة ما بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين دولار من المستثمرين، وتعتزم فتح مكاتب في سنغافورة ودبي. يتمثل الهدف في أن يكون هناك ما لا يقل عن 100 ألف شخص على المنصة.
ولا يتردد طومسون في أن يقول، إنه يسعى إلى القيام بعمل جيد من خلال عمل الخير. فيقول “إننا مؤسسة تهدف إلى تحقيق الربح، ولكننا نستخدم التكنولوجيا لحل بعض أكبر مشكلات العالم”. ويضيف أن المنصة يمكن أن تستخدمها الحكومات والوكالات المعنية بالرعاية الاجتماعية حول العالم بقاعدة عملاء محتملين يقدر عددهم بالمليارات. وهناك استخدام واعد آخر لسلاسل مجموعات البيانات “بلوك تشين”، وهو التخزين الرقمي الآمن للوثائق. وتعتبر “سلاسل مجموعات البيانات “بلوك تشين” قوية للغاية؛ لأنها تمنحنا شيئا لم نكن نملكه في العالم الرقمي” كما يقول جونزالوبلوسون، أحد مؤسسي منصة Signatura ومديرها التنفيذي، وهي منصة يمكن استخدامها لتوقيع الوثائق والتصديق عليها بين عدة أشخاص.
ويضيف “من السهل تعديل المعلومات الرقمية، وتمنحنا سلاسل مجموعات البيانات “بلوك تشين” خاصية عدم قابلية التعديل. ويعمل بلوسون مع ثاني أكبر مدينة في الأرجنتين، وهي قرطبة التي سنت أخيرا قانونا يلزم الموظفين العموميين بتقديم استمارات الإفصاح المالي. وتضمن سلاسل مجموعات البيانات “بلوك تشين”، أن هذه الاستمارات مرئية للجمهور ولا يكون بالإمكان تعديلها. واستخدم بلوسون وفريقه أيضا هذه التكنولوجيا لإنشاء منصة مشتريات باسم Teneris، يمكن أن تستخدمها الشركات والحكومات لطلب الحصول على عطاءات من موردي السلع والخدمات، وهي عملية كثيرا ما تكون ملأى بإمكانات تقديم الرشا والتواطؤ في العطاءات. ومع ذلك لسلاسل مجموعات البيانات “بلوك تشين” قيودها، يقول بيث نوفيك، الأستاذ في جامعة نيويورك والمتخصص في استخدام التكنولوجيا لتحقيق الشفافية في الحكومة. “ويحدث الفساد أيضا بعد منح العطاءات، على سبيل المثال عندما يستخدم مقاول بناء مواد رديئة ليقوم بعمله بأقل تكلفة”.
وهنا تقدم البيانات الضخمة أداة تحقيقات واعدة كما يقول نوفيك. فالتكنولوجيا تتيح تجميع بيانات عن الإنفاق الحكومي والتعاقدات الحكومية وتحليلها للبحث عن علامات تفيد بالإهدار والاحتيال والفساد. وكما يوضح نوفيك، “يمكن اكتشاف أي نماذج للمحسوبية في الحصول على العقود”. ويقول نوفيك، وهو محام بحكم التدريب يرأس مختبر الحوكمة في جامعة نيويورك، إن حشد مشاركة المواطنين يحدث فرقا أيضا. ويقوم أشخاص مثل دييفو مينديبورو بذلك بالفعل، فقد أنشأ ميندويبورو، الصحافي السابق ومحب التكنولوجيا، فريقا من المبرمجين لتطوير تطبيق على الأجهزة المتنقلة يسمح للمكسيكيين بالإبلاغ عن الخدمات العامة دون المستوى. فيمكن لمستخدمي الهواتف الذكية التقاط مقاطع فيديو قصيرة للحفر الفارغة في الطريق أو الأشجار التي تتم إزالتها بشكل غير قانوني ونشرها كوسيلة لفضح الموظفين العموميين والضغط عليهم لاتخاذ إجراء حيال ذلك. ويستخدم هذا التطبيق، الذي يطلق عليه اسم Supercivicos، تكنولوجيا نظام تحديد المواقع عالميا GPS للإشارة إلى تاريخ وموقع تصوير مقاطع الفيديو، ثم يبني قاعدة بيانات للتقارير التي يمكن أن تستخدمها الجماعات المدنية والوكالات الحكومية لتحديد المشكلات في الخدمات وإيجاد حلول لها. ويريد ميندويبورو أن يكون المستخدمون صحافيين مدنيين منخرطين. ويقول: “إن الأمر لا يتعلق بالإشارة إلى ما هو خطأ فحسب، بل إنه يتعلق بسرد قصص”. ويضيف: “نعتقد أنه يمكن تصدير هذا المشروع إلى بلدان أخرى في أمريكا اللاتينية”.
وفي أوكرانيا، هناك طموحات مماثلة لنظام ProZorro Sale (اسم يجمع كلمة الشفافية باللغة الأوكرانية واسم زورو Zorro، الشخصية المكسيكية الخيالية التي دافعت عن الفقراء ضد المسؤولين الفاسدين). وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت منظمة الشفافية الدولية في أوكرانيا تجري محادثات مع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير لتكييف النظام لاستخدامه في أماكن أخرى في أوروبا. وبالطبع، رغم فعالية التكنولوجيا الرقمية فإنها قد تواجه معوقات من الحكومات التي يعد دعمها ضروريا لمكافحة الفساد الرسمي.
وفي أواخر العام الماضي، انتقد صندوق النقد والبنك الدوليان أوكرانيا لتقويض المكتب الوطني لمكافحة الفساد، الذي أنشأته أخيرا، وعدم الوفاء بوعودها بإنشاء محكمة مستقلة لمكافحة الفساد. ويقول فيكتور نستوليا، مدير برنامج مشروعات الابتكار في منظمة الشفافية الدولية بأوكرانيا: “إن الأدوات الإلكترونية مهمة، ولكن المؤسسات أكثر أهمية بكثير”.

إنشرها