FINANCIAL TIMES

رهان على الذكاء الاصطناعي لتشديد الرقابة على العقوبات

رهان على الذكاء الاصطناعي لتشديد الرقابة على العقوبات

عندما كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب النقاب عن أنه سوف يسحب دعم بلاده للاتفاق النووي في إيران، تنبهت لهذا الأمر شركة قانونية في سيدني.
في الشهر الماضي، عندما رُفعت العقوبات التجارية الأمريكية المفروضة على شركة التكنولوجيا الصينية زي تي إي، بدأ محام في هونج كونج بالتنقيب ضمن الأحكام والشروط غير البارزة لاستكشاف الفرص المتوافرة لموكليه.
بعد أن ألغت كوريا الشمالية المحادثات المقررة مع كوريا الجنوبية بسبب التدريبات العسكرية المشتركة، هرعت مجموعة من المحامين في سيؤول لمراجعة بياناتها وتقديم المشورة للموكلين من أجل الرد المناسب على تلك الإجراءات.
هذا هو المجال الذي تجتمع فيه العقوبات الدولية مع العالم التجاري، وحيث يحقق عدد قليل من الشركات القانونية المبتكرة، بما فيها في منطقة آسيا والمحيط الباسفيكي شهرة لها.
التخفيف من المخاطر والامتثال للأنظمة الدولية في مختلف الولايات القضائية ليس بالأمر الجديد على المنظمات العاملة عبر الحدود، بحسب ما يقول أندرو ديل، شريك في مكتب هونج كونج للشركة القانونية روبس آند جراي.
مع ذلك، المخاطر المرتبطة بعدم الامتثال فيما يتعلق بالعواقب القانونية والفرص الضائعة لم تكن قط أعلى مما هي عليه الآن، بحسب ما يقول.
عندما تُفرض عقوبات على بلد ما، يترك الأمر للشركات الفردية للتأكد من امتثالها. الإخفاق في القيام بذلك يمكن أن يكون مكلفا جدا، بحسب ما يقول إيميليوس آفجوليس، أستاذ القانون والتمويل المصرفي الدولي في جامعة إدنبره.
وهو يستشهد باتفاقية العفو مقابل شروط معينة مع بنك إتش إس بي سي بقيمة 1.9 مليار دولار في الولايات المتحدة في عام 2012، بعد غسيل أموال لأكثر من 880 مليون دولار من أموال عصابات المخدرات المكسيكية من قبل المجموعة المصرفية الدولية.
يضيف البروفيسور آفجوليس قائلا: "إن أُمسِك بك وأنت تمارس أعمالا في بلدان محظورة أو مع أشخاص محظورين، أو منظمات محظورة، (ربما تواجه الشركات حظرا على) ممارسة الأعمال في الولايات المتحدة". هناك أيضا إمكانية حدوث تهديد للسمعة.
العقوبات التجارية وأمان وخصوصية البيانات هما أحدث شواغل الامتثال بالنسبة لعملاء الشركات، بحيث تتصدران قوانين مكافحة غسيل الأموال الدائمة، ومكافحة الرشوة والفساد وتحديات مكافحة الاحتكار. المزالق الحالية تشتمل على الموقف المائع المحيط بالعقوبات الأمريكية في كل من إيران وكوريا الشمالية، إضافة إلى نظام حماية البيانات العامة في أوروبا المعروف بـ GDPR، الذي يقيد كيفية استخدام الشركات للبيانات الشخصية الخاصة بالمقيمين في الاتحاد الأوروبي.
يقول البروفيسور آفجوليس إنه حتى وقت قريب كانت معظم خدمات الشركات القانونية التي تعنى بالامتثال للعقوبات، تقتصر أساسا على إيجاد كيانات قانونية في ولايات قضائية مناسبة ومراقبة ورصد المدفوعات وسلاسل التوريد للتأكد من أن الشركات ما زالت تمتثل للقانون - أو على الأقل أن تكون ممتثلة بما يكفي لأن تبقى بعيدة عن المتاعب القانونية أو المتاعب المتعلقة بالسمعة. الآن، تغير الزمن، وتوقعات العملاء تتزايد باستمرار، والشركات القانونية الأكثر ابتكارا أصبحت تستهدف التفهم الأعمق لقوانين الولايات القضائية المتعددة المعقدة، والتوفير الأسرع للمعلومات التي يمكنها التصرف استنادا إليها.
بالنسبة لشركة المحاماة يولتشون التي يوجد مقرها في سيئول، أصبحت العقوبات التجارية المفروضة على كوريا الشمالية مجالا للخبرة والابتكار والفرص المتاحة.
كارل إم، عالم فيزياء نظرية سابق ويعمل الآن في منصب كبير إداريي التكنولوجيا في يولتشون، طور "نظام امتثال رقميا يرتكز إلى العملاء"، يدعى AlgoCompliance أي آلجو للامتثال.
تراقب خوارزميات إم متعددة اللغات مواقع الحكومة الإلكترونية بشكل يومي لكشف التغييرات في الأنظمة. باستخدام الذكاء الاصطناعي، يقوم النظام بتحديد ما يمكن أن يكون مفيدا بالنسبة لعملاء يولتشون، لتقييم ما إذا كان التغيير في التعليمات من شأنه أن يثير انتهاكا في الامتثال. كما تسمح البيانات التي تم جمعها أيضا لفريق إم بأن يرسم خططا لسيناريوهات تمكن العملاء من التركيز على مخاطر محتملة.
يقول إم: "بدلا من البدء من القانون، بدأنا من البيانات". ويضيف أن المبادرات المتعلقة بالامتثال أصبحت أكثر موثوقية بالنسبة للتخطيط وبالنسبة لإجراء التدقيق عندما تكون مدفوعة من البيانات.
كما تحاول شركات قانونية أخرى تقديم تحليلات ومعلومات متعمقة.
في شركة روبس آند جراي في هونج كونج، يقول ديل إن الشركة شرعت في جمع وترتيب المعلومات، لإيجاد معلومات استخباراتية تساعد العملاء على التخفيف من المخاطر. كما يقول: "كلما أمكن، من الأفضل استثمار الوقت والمال والجهد في تجنب المخاطر بدلا من التعامل معها بعد أن تصبح أزمة". منذ أن بدأت الشركة في بناء أداة تحليل روبس لإدارة المخاطر والتخفيف منها (آر 2 إم 2)، طورت أكثر من قبل ما يمكنها تقديمه. والنتيجة هي في الأساس وجود وحدة بحوث داخلية، جنبا إلى جنب مع أداة لتحليل المخاطر وخدمات الاتصالات المتطورة. وهذا يمكِّن عملاء شركة روبس من تفهم اتجاهات الصورة الأكبر، وتحليل التطورات التي تجري يوميا وتقييم المخاطر التي تواجهها أعمالها في مختلف أنحاء العالم. لذلك، عندما رُفِعت العقوبات التجارية الأمريكية المفروضة على شركة تصنيع التكنولوجيا الصينية زي تي إي، كان من الممكن أن تكون أداة (التحليل آر 2 إم 2) قادرة على تحليل الفرص المحتملة التي ربما تكون قد نشأت لمصلحة عملاء الأسهم في القطاع الخاص.
يقول ديل: "كثير من شركات الأسهم الخاصة لديها استثمارات أجنبية كبيرة. في المجالات سريعة الحركة، مثل العقوبات، تحتاج شركات الاستثمار أحيانا إلى أن تكون ذات خطى سريعة وسهلة وأن تتحرك بسرعة". ويضيف أن النصح والمشورة والعناية الواجبة التي توفرها أداة التحليل (آر 2 إم 2) "يمكن أن تساعد الشركات في اتخاذ قرار ما إذا كانت تريد السماح بصفقة معينة، أو إعادة هيكلتها، أو المطالبة بخطوات علاجية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES