Author

ازدواجية الإجراءات عقبة أمام جذب الاستثمارات

|
في مشاريعنا التطويرية نحو القطاع الخاص، لا يكفي مجرد فتح المجال للاستثمار الأجنبي، ولا يكفي مجرد الدعوة والمعارض المصاحبة، بل هناك إجراءات تنافسية تشجع القطاع الخاص على الاندفاع نحو مزيد من الاستثمار. وفي طريقنا لمنح القطاع الخاص مساحة واسعة من تشغيل الاقتصاد السعودي، فإننا في حاجة إلى الاستثمار الأجنبي اليوم لعدة قضايا، ليس أقلها جلب رؤوس الأموال الجريئة إلى السوق السعودية، لكن نحتاج أيضا إلى فرص وظيفية مع كل استثمار أجنبي جديد، وإذا كانت الحكومة في الماضي قد أخذت على عاتقها توظيف الشباب السعودي، بينما فتحت المجال للقطاع الخاص لاستقدام العمالة من الخارج؛ كي يستكمل منظومة العمل الكافية للتشغيل، فإننا اليوم نريد قلب المعادلة تماما، فنحن في حاجة إلى رؤوس الأموال من الخارج لتشغيل العمالة السعودية المؤهلة في الداخل، ولذلك تستهدف المملكة استقطاب وجذب استثمارات أجنبية مباشرة ذات قيمة مضافة عالية تصل إلى 35.7 مليار ريال خلال العام الجاري 2018، باستثمارات تقدر بـ 1.38 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي. وبينما تبدو هذه الصورة مقنعة وسهلة الإنجاز، تبقى حقيقة وجود منافسة عالمية كبيرة على جذب رؤوس الأموال، والآلية المتاحة الآن للمنافسة هي المؤشرات العالمية التي تمنح رؤوس الأموال العابرة للأمم معلومات مهمة ودقيقة تمكنها من اتخاذ قرارات تخصيص الموارد بأقل المخاطر، وتذهب الأموال دوما للدول ذات الترتيب الأفضل. في هذا الشأن، تتولى هيئة الاستثمار الملف التنافسي السعودي وتحسين ترتيب المملكة في المؤشرات العالمية، لكن هيئة الاستثمار تدير ملفا يتضمن كثيرا من القضايا التي تخرج عن سياق اختصاصات الهيئة، وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي تبذل، فإن هناك مزيدا مما يمكن عمله وإنجازه، وبين كل تلك القضايا العالقة تبقى مشكلة ازدواجية الإجراءات بين الجهات الحكومية عالقة، وفي سباق عالمي محموم على جذب الاستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية، فإن مشكلة تأخير إصدار موافقة الجهات بسبب طول الإجراءات أو بسبب تكرار الطلبات والسجلات، سيعيق الإنجاز الكلي للتنافسية السعودية. القضية الأساس أن الجميع يعتبر ملف التنافسية من إنجازات هيئة الاستثمار؛ لذلك تجد قليلا من الاهتمام من قبل الجهات الأخرى في جهود التنسيق، طالما هذه الجهات في مسارها تحقق إنجازاتها ومستهدفاتها، والفرق بين إنجازات هيئة الاستثمار وإنجازات غيرها أنها تعتمد بشكل أساس على مدى التنسيق معها وقبول مقترحاتها. ليس في هذا الحديث تقليل من الإنجازات، فالمملكة بفضل الجهود الكبيرة خاصة لأعمال لجنة "تيسير" حققت عام 2017 المركز الثاني بين مجموعة العشرين، من حيث حجم الإصلاحات وشموليتها، كما سجلت أفضل أداء لها في تقرير ممارسة الأعمال على مستوى المؤشرات الفرعية، مقارنة بالأعوام السابقة، ولجنة "تيسير" تهتم بتحسين الترتيب العام للمملكة من خلال مضاعفة عدد الإصلاحات سنويا، ومراقبة التزام الجهات الحكومية برفع سقف الإصلاحات في المؤشرات الفرعية كل فيما يخصه، الذي من شأنه أن يعمل على تطوير البيئة الاستثمارية، لكن المسألة تبقى تنافسية عالمية، وإذا كنا نعمل بجهد فهناك من يجاهد مثلنا، وهذا يوجد تحدي التغيير المستمر سواء في مقابلة المعايير الموضوعة القائمة اليوم أو في تحدي مقابلة تغير منهجية التقييم والمعايير من قبل الجهات الدولية المصدرة للتقارير.
إنشرها