FINANCIAL TIMES

«المواطن» .. تطبيق يتعقب الجريمة ويسعى لجعل مستخدميه آمنين

«المواطن» .. تطبيق يتعقب الجريمة ويسعى لجعل مستخدميه آمنين

رسائل سريعة متتالية: "عدم احتشام في منطقة الخليج"، "رجل مسلح عالق في شقة"، "حريق القمامة". بدلا من تغريدات تتعلق بموضوع الفضاء يكتبها إيلون ماسك، أو تنبيهات واردة حول أحدث حفل لجمع التبرعات لشركة ناشئة لمشاركة الدراجات السريعة، أتلقى الآن إشعارات حول جانب سيئ من سان فرانسيسكو.
تطبيق سيتيزن (المواطن)، المتوافر حاليا في سان فرانسيسكو ونيويورك فقط، يهدف إلى الإجابة عن تساؤلاتنا الرئيسة المتعلقة بالشعور بالأمان. خلال الهجوم الإرهابي في عيد الهالوين في نيويورك العام الماضي، تم إشعار مديرة إحدى المدارس من خلال تطبيق سيتزن بأن هناك حادثا في الجوار، قبل فترة طويلة من وروده عبر الأخبار المحلية. استخدمت المعلومات من أجل منع حافلات المدرسة من مغادرة المبنى، والبقاء بعيدا عن الخطر.
الشركة الناشئة، المالكة للتطبيق، توظف أشخاصا يستخدمون أجهزة تعقب ويحددون المكالمات الواردة من 911 حول الجرائم والحالات الطارئة من أجل إشعار المستخدمين ممن يسكنون في الجوار (في بيان المهمة، تقول الشركة إنها تعمل على إضفاء الديمقراطية على الرقم 911). في كل مرة أدخل فيها إلى التطبيق، أستطيع رؤية مئات المستخدمين الآخرين ممن يبعدون عني مسافة ربع ميل. يستطيع المستخدمون تحديث "قصة الجريمة" من خلال مقاطع الفيديو الحي من قِبلهم أو أية معلومات إضافية ربما أمكنهم جمعها على الأرض.
تستطيع التكنولوجيا الآن تلبية الحاجة إلى الطعام والمأوى والأصدقاء من خلال نقرة زر. لكن لم يتم توجيه القدر نفسه من الاهتمام إلى موضوع السلامة الشخصية. تطبيق سيتيزن يريد تغيير ذلك وقد جمع أكثر من 12 مليون دولار من المستثمرين، بما فيهم سيكويا كابيتال، إحدى شركات رأس المال المغامر الرائدة في وادي السيليكون. لكن حقيقة الجريمة وحماية الناس من الأذى والضرر هي قضية أكثر صعوبة بكثير من رعاية الحاجات الأساسية الأخرى. فالأمر ليس بسيطا كحجز غرفة في فندق أو طلب طبق من الطعام الصيني.
كانت بداية تطبيق سيتيزن سيئة عندما ظهر للمرة الأولى في عام 2016 باسم "فيجيلانتي" Vigilante ـ التي تعني عضو في لجنة أمن أهلية. ويبدو أن التطبيق أراد الإشارة إلى أن المستخدمين يمكنهم أن يأخذوا القانون بأيديهم، عندما عرض فيديو ترويجيا يظهر أناسا يحبطون هجوما. بعدها حظرت شركة أبل استخدام التطبيق وحذفته من متجرها.
بعد أن تم تغيير العلامة التجارية، عاد التطبيق بنهج أكثر نعومة. بدءا بنسخته الحالية التجريبية، يقول إنه يعمل مع المجتمعات المحلية ويعكف على تحديث سياساته، بحيث لا يمكن تحمل أي سلوك "متهور أو خطير".
ويبين كل من "فيسبوك" و"تويتر" مدى صعوبة التحكم في حالات سوء استخدام المنصة، حتى إن كانت مصممة لهدف حميد نسبيا مثل تشارك صور العطلة، أو تبادل عناوين الأخبار الرئيسة. ربما السبب في أنه لم يتم حتى الآن تناول قضية السلامة من قبل كثير من شركات التكنولوجيا هو أن هذا الأمر قضية شائكة جدا، يمكن تكون مجالا يساء استخدامه بسهولة.
مثلا، يمكن انتهاك خصوصية الضحايا فيما لو نُشر مقطع فيديو لهم عبر الإنترنت يصورهم هم يتعرضون لهجوم، ولا سيما في الجرائم الحساسة مثل الاعتداء الجنسي. وتعريض الشهود للكاميرات قد يتسبب في جعل المحاكم في مأزق إن حاول المجرمون تهديد الشهود لحملهم على عدم الإدلاء بالشهادة. والمعلومات المغلوطة، خاصة في عصر مقاطع الفيديو المزورة، يمكن أن تتسبب في إحداث فوضى.
بعد مقابلة الفريق المسؤول عن تطبيق سيتزن، تقول شرطة سان فرانسيسكو إنها تتفهم الرغبة في الحصول على مزيد من المعلومات، لكنها تشعر بالقلق من أنها قد تقع في أيدي متطرفين، أو ببساطة يمكن أن تكون خاطئة. غالبا ما يكون من الصعب فهم المكالمات الواردة للرقم 911، في حين أن السلوك الغريب يمكن اعتباره جريمة ويمكن أن يكون هناك خلط بين الحوادث. قال متحدث رسمي باسم الشرطة: "ما لم تكن لديك أذنٌ مدربة، سيكون من الصعب جدا جدا حتى معرفة ما يحدث، أو ما تقوله، وفي حال عدم التأكد مما يحدث يمكن أن ينتهي الأمر إلى هياج في المجتمع المحلي".
لم يرسم تطبيق سيتيزن خطته الخاصة لتوليد الإيرادات حتى الآن. إن كان الهدف لديك هو السلامة للجميع، فهل ينبغي لك فرض رسوم على ذلك؟ ويثير هذا سلسلة متكاملة حول القضايا الأخلاقية. بالتأكيد، ينبغي على شركات التكنولوجيا العمل مع وكالات إنفاذ القانون والشركات غير الربحية للحصول على مزيد من المعلومات وتقديمها للمواطنين، دون محاولة الحصول على ربح مقابل هذه الخدمة.
بالنسبة لي، وأنا المرعوبة دائما من القطط، هذا التطبيق يقدم مصدر راحة مدهشا: كثير من الجرائم التي تحصل في المجتمع ليست مرعبة إلى هذه الدرجة على الإطلاق. أثناء الكتابة، أرى على التطبيق تقارير عن لوح شمسي يُصدر رائحة شيء يحترق، أو شجرة تسقط على سيارة فارغة، وتجمع 30 متظاهرا خارج مبنى دار الأوبرا. لكن لا تقلقوا - يخبرني التطبيق أن رجال الشرطة يقولون إن احتجاجات الأوبرا باتت تحت السيطرة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES