Author

«أرامكو» .. طاقة رياح دون عنفات

|
قامت "أرامكو السعودية" أخيرا بتسلم توربينات للرياح طورتها شركة جنرال إلكتريك، إيذانا بتحقيق إنجاز تاريخي على أرض المملكة في مجال الطاقة المتجددة؛ إذ من المقرر أن توفر توربينات الرياح الطاقة الكهربائية لمركز توزيع المنتجات البترولية العائد لـ"أرامكو السعودية" في مدينة طريف شمال المملكة. ولهذه المناسبة أهمية بالغة؛ إذ إنها تؤكد أن توليد الكهرباء باستخدام الرياح في المملكة أمر واقع، ويبشر ببدء حقبة جديدة للطاقة المتجددة، بما يوضح للعالم وبشكل جلي الإجراءات التي تتخذ لدعم أهداف الطاقة المتجددة التي حددتها "رؤية المملكة 2030". وعندما نفكر في توربينات الرياح عادة ما تتبادر إلى أذهاننا صور لتلك الهياكل الشاهقة ذات العنفتين أو الثلاث عنفات، التي تدور بالرياح، إلا أن الشركة الإسبانية "فورتكس بليدليس" تهدف إلى تغيير هذه المفاهيم. فقد تم بنجاح تصميم أحد هذه التوربينات، الذي يسمى "التوربينات الخالية من العنفات"، التي تشكل البديل المثالي للتوربينات التقليدية، حيث توفر بديلا هادئا وآمنا وبسيطا وفعالا. وقد قامت الشركة بتطوير مولد طاقة كهربائية من الرياح يتميز بعدم وجود عنفات. ويعتمد هذا النظام ـــ المعروف أيضا باسم فورتكس بليدليس ـــ على تعزيز عدم الاستقرار الهوائي لتوليد الطاقة. وقد تم تصميم هذه التوربينات غير التقليدية، مع الأخذ في الاعتبار الآثار الكارثية التي قد تحدثها التوربينات التقليدية على الآلات التي يتم دمجها بها. وتم تصميم التوربينات بطريقة تُستبدل فيها عنفات التوربينات التقليدية بسلسلة من الأقراص الدوارة المسطحة والمتوازية المثبتة على طول عمود. ويتم استخدام هذه الأقراص للقضاء على فاقد التمدد، الذي تعانيه التوربينات التقليدية، وكذلك للحد بشكل كبير من الضوضاء عند معدلات الدوران العالية. علاوة على ذلك يضمن تصميم هذه التوربينات أن يصل دوران التوربينات إلى مستويات عالية من معدل الدوران في ظل الأمان الكامل، على عكس التوربينات التقليدية التي تنفجر نتيجة التوقف الناتج عن الإجهاد. ويمكن للمحركات التي تستخدم هذه التوربينات الخالية من العنفات أن تعمل بكفاءة باستخدام أي وقود من نشارة الخشب إلى الهيدروجين. والتوربينات الخالية من العنفات هي أيضا أكثر التوربينات صداقة للبيئة، حيث لا يوجد لها أي تأثيرات ضارة تقريبا بالبيئة. ومن الميزات الرئيسة الأخرى لهذا التصميم أن هذه التوربينات لا تحتوي سوى على جزء متحرك واحد فقط ما يقلل الاهتزازات إلى أدنى حد ممكن. وتستخدم توربينات الرياح الخالية من العنفات منهجا جديدا بشكل جذري لالتقاط طاقة الرياح؛ حيث يلتقط الجهاز طاقة الدوامة، وهو تأثير ديناميكي هوائي عاناه المهندسون الإنشائيون والمعماريون عقودا طويلة "تأثير انبثاق الدوامات". عندما تمر الرياح في هيكل ثابت يتغير تدفقها ويتولد نمط دوري من الدوامات، وبمجرد أن تصبح هذه القوى قوية بما فيه الكفاية، يبدأ الهيكل الثابت في التأرجح، وقد يتجاوب مع قوى الرياح الجانبية بل قد ينهار. وبدلا من تجنب عدم الاستقرار الديناميكي الهوائي هذا، فإن التقنية الجديدة تزيد من التذبذب الناتج وتلتقط تلك الطاقة. ومن الطبيعي أن يكون تصميم هذا الجهاز مختلفا تماما عن التوربينات التقليدية. فبدلا من البرج وهيكل المحرك والعنفات المعتادة يحتوي الجهاز على صارٍ ثابت ومولد طاقة وأسطوانة مثبتة في الأعلى شبه جوفاء وشبه صلبة خفيفة الوزن ومصنوعة من الألياف الزجاجية. وتعمل التوربينات الخالية من العنفات على تسخير طاقة الدوامة، وهي حركة دوران الهواء أو السوائل. وعندما تمر الرياح في واحدة من التوربينات الأسطوانية، فإنها تصطدم بجانب الأسطوانة، وتتجه إلى الأسفل في شكل دوامة. وتلك الدوامة بدورها تشكل قوة مؤثرة في الأسطوانة ما يجعلها تهتز، ثم يتم تحويل الطاقة الحركية للأسطوانة المتأرجحة إلى كهرباء، من خلال مولد خطي مماثل لتلك المولدات المستخدمة لتسخير طاقة الأمواج. وهذا يضع التقنية في نطاق منخفض للغاية من حيث حجم رأس المال اللازم لهذه المشاريع، كما أنه يجعلها تنافسية للغاية ليس فقط مقارنة بتقنيات توليد الطاقة البديلة أو المتجددة، ولكن أيضا مقارنة بالتقنيات التقليدية. وهذه التوربينات هي محركات فعالة ذاتية التشغيل، يمكن تشغيلها كتوربينات بخار أو سوائل مختلطة حسب الرغبة، دون إدخال أي تغييرات في هيكلها، وهي سهلة الاستخدام جدا. وعلى الرغم من جميع المزايا المذكورة أعلاه، فإن التوربينات الخالية من العنفات يقتصر استخدامها على تطبيقات محدودة، لكن هذه التوربينات لديها القدرة على القضاء على جميع عيوب التوربينات التقليدية الحالية في المستقبل القريب. ولتحقيق ذلك سيتم تعديل تصميم هذه التوربينات قليلا وصولا إلى التصميم الأمثل. ويمكن استخدام طاقة الرياح المولدة من التوربينات الخالية من العنفات في مجموعة متنوعة من الصناعات والتطبيقات بما في ذلك الأنظمة البحرية خارج الشبكة، والتطبيقات الصناعية، والقياس عن بعد، ومحطات تقوية الإرسال المتنقلة للمساكن والمدارس والمزارع.
إنشرها