القتلة المحترمون

أثار استغرابي سؤال للشباب في برنامج تلفزيوني عرض المقدم عليهم صورة رجل عجوز بشعره الأشيب الأشعث و"شنبه" الكثيف، ولم يتعرف عليه إلا القليل، رغم أن صورته تملأ كل مكان، وعلمه ما زال يستفاد منه حتى الآن، فهو العالم الألماني الفذ، صاحب النظرية النسبية، أساس علم الفيزياء الحديثة وتطور الكيمياء.. إنه أينشتاين، ورغم علمه وشهرته وحزني ألا يعرفه كثير من الشباب، إلا أنه يعتبر أحد القتلة المحترمين! لا تستغربوا فهو فعلا أحد أشهر العلماء الذين تسببوا في موت وتشويه ملايين البشر، ومع ذلك لا أحد يذكر الجانب المظلم، بل يُذكر لهم الجانب الحسن، ولكن لماذا؟! نظريته النسبية التي تنص على أن الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء، أسهمت في ترتيب الجدول الدوري، وهو لمن لا يعرفه جدول العناصر الكيميائية التي يحويها هذا الكون، وأسهمت نظريته في ترتيبها من أقوى العناصر إلى أضعفها، من هنا بدأت الكارثة! بفضل عبقريته تمت معرفة أن ذرة اليورانيوم هي من أقوى وأثقل الذرات المكتشفة في ذلك الحين، ومن خلال معادلته تمكنوا من حساب الطاقة اللازمة لتشغيل وتفعيل القنابل النووية، لذا استخدم اليورانيوم في تصنيعها! صنعت القنبلة النووية منه، وألقيت على اليابان، وتسببت في مقتل 300 ألف شخص، وإصابة الملايين بالسرطانات، وأمراض غير معروفة بسبب الإشعاع، ويعاني اليابانيون حتى اليوم أطفالا يولدون بتشوهات ليس لها مثيل، مثل انعدام الأعضاء الأساسية من قلب وعيون ودماغ، كما ظلت هذه اللعنة تلازم الشعب الياباني عشرات السنين في الماء والتربة والمحاصيل. ولم تسلم الدول الإفريقية من شر نظرية واكتشافات أينشتاين، فرغم أن القوانين الدولية تحرم وتجرم رمي المخلفات النووية دون وضعها في قوالب رصاص محكمة الغلق وطمرها في الأرض بعمق 60 مترا ثم ردمها وصب الخرسانة فوقها، إلا أن الشركات تساهلت في ذلك، واتخذت من الدول الإفريقية مكبا لنفاياتهم النووية بشراء الأراضي هناك ودفن النفايات دون قوالب الرصاص أو حتى صب الخرسانة فوقها لقليل من الحماية، ما تسبب في موت الأراضي الزراعية، وإصابة الآلاف من السكان المحليين بالسرطان وموتهم بسببه! ولم يبق من أينشتاين اليوم سوى ذكره الحسن واحترامه؛ بسبب اكتشافاته التي أسهمت في الوقت نفسه في تطور البشرية، والتعرف على عناصر خطيرة جدا من غير أذى، وأصبحت بفضله الطاقة الكهربائية - محور حياتنا اليوم - أسهل وأنقى باستخدام الطاقة النووية بلا ضرر، تخيل أنك تعيش فقط في ظلام دامس أو من غير شاحن!! وللحديث بقية،،،