Author

السعودية والإمارات .. تنفيذ «استراتيجية العزم»

|
تحفل مدونة التاريخ الحديث للسعودية والإمارات بكثير من المحطات الإيجابية في تاريخ البلدين العزيزين، فمنذ أن طرحت فكرة إقامة دولة الإمارات في بداية السبعينيات الميلادية على الإمارات المتصالحة أو المشيخات السبع، والسعودية تقف بقوة وتدعم قيام دولة الإمارات. وكانت الظروف التي تمر بها منطقة الخليج العربي تشبه الظروف التي تمر بها المنطقة الخليجية الآن التي تتمثل في تغول المد الفارسي إلى دول الخليج لتخريب الاستقرار، بل تطاول المد الفارسي إلى كل أرجاء المنطقة من المحيط العربي إلى الخليج العربي. ولكن الدولتين العزيزتين -السعودية والإمارات- اتخذتا في عام 2016 خطوة مهمة على طريق التكامل بإنشاء مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي. ومنذ إنشاء المجلس شهدت العلاقات السعودية - الإماراتية تقدما ملحوظا في كل المجالات. وفي الأسبوع قبل الماضي اجتمع مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي في جدة واعتمد "استراتيجية العزم" التي تتكون من ثلاثة محاور رئيسة: المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري. ولقد توج الاجتماع بالتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات والمشاريع المشتركة التي اعتمدها ووقعها في جدة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع أخيه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد لتكون خطوة إيجابية باتجاه التكامل بين الدولتين العزيزتين. ويضطلع مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي بالعمل على تصميم المبادرات والمشاريع المشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بين البلدين بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون الخليجي، ويعزز المنظومة الاقتصادية والسياسية والثقافية المتكاملة بين البلدين، ويعمل المجلس على إيجاد الحلول المبتكرة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في الدولتين. كذلك يسعى مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي إلى تصميم منظومة عصرية للتعليم، حيث يكون التعليم الحديث هو المحرك الأعظم لقوى البناء والتنمية المستدامة في كل أرجاء مدن الدولتين العزيزتين. كذلك يهتم مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي بتكثيف التعاون الثنائي في المواضيع ذات الاهتمام المشترك، ومتابعة تنفيذ المشاريع والبرامج المستهدفة وصولا إلى تحقيق رؤية القيادة في الدولتين الشقيقتين. كذلك يهتم مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي بتعزيز التكامل والتعاون بين البلدين في المجال السياسي والأمني والعسكري بما يعزز أمن ومكانة الدولتين الإقليمية والدولية. إن استراتيجية العزم في أهدافها العامة تفتح الطريق أمام ممارسة الأنشطة الاقتصادية وتبادل الفرص الاستثمارية بين الدولتين، وبالذات في مجال الخدمات، والأسواق المالية، ودعم القطاعات اللوجستية، وتجسير البنية التحتية للصناعة، والعمل على قيام اتحاد جمركي وصولا إلى سوق مشتركة تتخلص من كل العوائق التي قد تعوق تدفق السلع والخدمات بين السوقين السعودية والإماراتية. كذلك اهتمت الاستراتيجية بمشاريع الطاقة المتجددة، والسياحة والتراث الوطني، وريادة الأعمال، والشراكات الخارجية، خاصة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات. وفي إطار الحرص على تسريع تنفيذ المشاريع اهتم المجلس بمشروع تأسيس مجلس استشاري للاستثمار هدفه تطوير وتوسيع العلاقات وشبكات التواصل بين الموارد الاستثمارية المتاحة في البلدين الشقيقين. ويبدو بداهة أن القواسم المشتركة بين المملكة والإمارات كثيرة، وهي قواسم تؤكد حرص الدولتين على تحقيق المصالح العليا للدولتين والشعبين الشقيقين. ويحضرني وأنا أتحدث عن القواسم المشتركة بين الدولتين الشقيقتين مقولة الشيخ زايد بن نهيان مؤسس الإمارات التي كان يرددها مرارا وتكرارا، كان يقول في كل المناسبات: "كل أراضي الإمارات للسعودية، وكل أراضي السعودية للإمارات، والدولتان تجتمعان على الوحدة والخير والتنمية والمصير المشترك". وحينما تعرضت الإمارات للعدوان الإيراني الغاشم الذي أسفر عن احتلال استعماري للجزر الإماراتية الثلاث "أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى" كانت السعودية أول دولة تعلن وقوفها مع الإمارات وتطالب إيران بضرورة الانسحاب من الجزر الثلاث وتسليمها لأصحابها الشرعيين في الإمارات، وحينما لم تستجب إيران ظلت السعودية - من جميع المنابر الإقليمية والدولية - تطالب إيران بضرورة إعادة الجزر الثلاث إلى دولة الإمارات. وفي الوقت الذي تعتبر العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والإمارات مستندة إلى أسس متطابقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، فإن العلاقة بين الرياض وأبو ظبي تعد ركنا أساسيا من أركان الأمن الخليجي والأمن العربي. ولقد توجت الدولتان الشقيقتان علاقاتهما بالوقوف معا ضد خروج قطر عن الصف الخليجي والعربي، واتخذت السعودية والإمارات مع الأشقاء مصر والبحرين مواقف موحدة ومنددة لموقف قطر الداعم للإرهاب ومنظماته الإرهابية. والمتابع لشريط العلاقات الأخوية بين الدولتين الشقيقتين السعودية والإمارات في السنوات الثلاث الأخيرة يلاحظ أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحرصان على دعم وتقوية العلاقات الأخوية مع الإمارات ويرتبطان مع قيادات الإمارات بكثير من التفاهم والمحبة والاحترام المتبادل. ولقد كان وما زال موقف السعودية نحو شقيقتها الإمارات ثابتا وداعما، بل إن التفاهم والتعاون بين الدولتين الشقيقتين يقع الآن في أعلى مستويات الأخوة والشراكة. وفي ضوء ذلك نلاحظ من خلال تصميم وتنفيذ برامج استراتيجية العزم أن الدولتين الشقيقتين تتجهان إلى بناء دولة شامخة قوية، قادرة على تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، وقادرة أيضا على ردع كل خارج ومارق ومعتد.
إنشرها