Author

لا حاجة لثناء صندوق النقد .. هذا واجبنا

|
لم يحدث أن انتظرت المملكة ثناء "أو حتى شكرا" من أحد على مبادرات عظيمة تلزم نفسها بها، وأعمال تستهدف فيها الخير والعطاء. في الواقع هذه سياسة سعودية ثابتة منذ أن أسست البلاد. والقيادة السعودية تأخذ زمام المبادرات دائما، ولا سيما في القضايا الملحة، التي قد تكون لها انعكاسات سلبية هنا أو هناك؛ وهي تقوم بذلك على الصعيد الإنساني دائما، ولذلك احتلت المراكز الأولى في قائمة الدول المانحة، وتمركزت في المرتبات العليا في دفع السياسات الهادفة إلى مواجهة المشكلات، ومع هذا وذاك، تتقدم باستمرار على صعيد العطاء المباشر. إنها الاستراتيجية الإنسانية المسؤولة، التي تشكل جزءا أصيلا من الحراك السياسي والاقتصادي للمملكة. من هنا، تظهر آثار حراكها على الساحة المعنية، وفي كثير من الأحيان تكون بمنزلة المشجع للآخرين القادرين على المشاركة في حل المشكلات والمصاعب. المملكة التي تتحرك إنسانيا نحو الخير مع أي حالة على الساحة العالمية، تتحرك بأقصى قوتها على الساحة العربية. وهناك مئات الأمثلة على ذلك في التاريخ، لمن يرغب أن يعرف بالفعل. ومن هنا كان تحركها في اتجاه الأردن الشقيق أخيرا، طبيعيا ومتوقعا وعمليا وسريعا ومحبا. ولأنه كذلك أطلقت مبادرتها السريعة جدا، وضمت كلا من الإمارات والكويت إليها لمساعدة الشعب الأردني على تخطي مصاعبه الاقتصادية؛ وهي مصاعب تحدث لكل الشعوب بمن فيها تلك التي تعيش في البلدان المتقدمة. الغاية السعودية من هذا الحراك الأخوي الراقي البعيد عن أي مآرب، هي تخفيف الضغوط الاقتصادية في الأردن برؤية استراتيجية أيضا؛ لأن ذلك سيمنح التحرك العربي بقيادة الرياض في هذا المجال عوائد أكثر جودة وفاعلية وفائدة. فالمساعدات التي أقرتها البلدان الثلاثة: السعودية، والإمارات، والكويت البالغة 2.5 مليار دولار، ستعطي نتائجها الإيجابية فورا، وستؤسس لمزيد من الحراك العملي على الساحة الأردنية؛ أي أنها ستدعم الاقتصاد المستهدف بصورة منهجية، وهذا ما يحتاج إليه الأردن بالفعل، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى الثناء على الدول العربية الثلاث، بل مضى "الصندوق" أبعد من ذلك، حينما طالب المجتمع الدولي والجهات المانحة على الساحة العالمية بأن تتحمل قدرا أكبر من الأعباء الناشئة عن استضافة الأردن لما يزيد على مليون لاجئ سوري، وتحقيق استتباب الأمن في المنطقة كلها. وهذا في الواقع الهدف الأهم للمملكة، وهي تسعى ضمن سياساتها الثابتة المعروفة إلى استقرار المنطقة، ودفعها نحو الازدهار لمصلحة شعوبها أولا وأخيرا. من حق السعودية أن تفخر بأنها من أكثر البلدان "عالميا" التزاما بالمساعدات. فحتى البلدان المتقدمة الغنية تواجه كثيرا من الانتقادات الدولية على تقصيرها أو تأخرها في هذا المجال. والذي يميز الحراك السعودي على صعيد المساعدات أنه بات منذ سنوات منهجيا، وهذا يصب بالدرجة الأولى في مصلحة الجهة المتلقية. ومن هنا يمكن النظر إلى حراكها العربي مع الإمارات والكويت حيال حل بعض المشكلات التي تواجه الأردن، فهذه المساعدات ستساعد عمان على المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة منها. والإصلاحات المشار إليها جريئة "بحسب صندوق النقد"، لكنها في النهاية تعالج مشكلات عميقة وقديمة، في مقدمتها بالطبع البطالة، وتراجع النمو. ليس هناك أفضل من مساعدة تؤسس لمنهجية تنموية إصلاحية مطلوبة. والسعودية باستراتيجيتها القومية الأصيلة، تمضي قدما ليس فقط بصورة أحادية الجانب، بل بتشجيع غيرها من الدول التي تهدف إلى خير العرب دون مقابل إلا الاستقرار والأمن والازدهار.
إنشرها