الطاقة- النفط

بعد سنوات من الانكماش .. اشتعال المنافسة العالمية على مشاريع النفط في المياه العميقة

بعد سنوات من الانكماش .. اشتعال المنافسة العالمية على مشاريع النفط في المياه العميقة

قال تقرير لشركة وود ماكينزي الدولية لاستشارات الطاقة في تقرير لها عن مستقبل التنقيب والاستكشاف في القطاع النفطي، إن أنشطة الاستكشاف تشهد حالة من الانتعاش بعد سنوات من الانكماش الاقتصادي، مشيرا إلى أن أكثر من نصف الأحجام الجديدة للاستكشافات سوف تأتي من المياه العميقة.
وأوضح التقرير أن المستكشفين التقليديين يراقبون عن كثب تطورات إنتاج النفط الصخري الأمريكي ومدى قدرته على الاستمرار والحفاظ على الربحية، مشيرا إلى أن أي انتكاسة في مستوى الإنتاج الأمريكي يمكن أن تزيد من التحول واشتعال حدة المنافسة على مشروعات المياه العميقة.
وأكد التقرير أهمية زيادة القدرة على تحمل مخاطر الاستكشاف، لافتا إلى أن متوسط معدلات نجاح البئر الاستكشافية التي كانت تتجه نحو الانخفاض من نحو 40 في المائة إلى 35 في المائة خلال العقد الماضي، قد تبدأ في الزيادة، وربما تعود إلى 40 في المائة، ما يعكس انخفاضا في مستوى مخاطر الآبار.
وأضاف التقرير أنه مع استمرار احتمالية أن تظل الميزانيات ضيقة لمتابعة عديد من الآبار الواعدة حول العالم خاصة في إفريقيا والأمريكتين وقبرص والبرتغال والنرويج إلى جانب روسيا.
وذكر التقرير أن أنشطة الاستكشاف بدأت بالفعل عودة طال انتظارها إلى تسجيل الربحية كما انخفضت تكاليف الاستكشاف إلى النصف، مقارنة بالذروة التي بلغتها في عام 2014 وذلك بفضل عمليات الحفر السريعة لمعظم الآبار.
ولفت التقرير إلى تحقيق نجاحات جيدة تمثلت أخيرا، في التوصل إلى اكتشافات نفطية مهمة حدثت في المياه العميقة حول المحيط الأطلسي، وفي غانا وخليج المكسيك وغيرها كثير من الدول، كما حقق مستكشفو الغاز اكتشافات مهمة في السنغال وقبرص، مؤكدا وجود عديد من هذه الاكتشافات الكبيرة الأخيرة التي أثبتت جدارتها تجاريا.
وأضاف التقرير أن صناعة النفط الصخري الأمريكي تعمل على تطوير استراتيجيتها، حيث تحقق الآن أداء أفضل من أي وقت مضى مع التركيز على حفر عدد أقل إلى جانب إعطاء اهتمام أكبر لمناطق الإنتاج الجذابة تجاريا، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن الإنفاق المالي في مجال الاستكشاف أقل من ذي قبل، إلا أن مقدار النفط والغاز الذي يتم العثور عليه مازال كبيرا.
وأشار التقرير إلى أن انتعاش أنشطة الاستكشاف هو علامة على أن الصناعة لا تزال قادرة على إيجاد القيمة، لافتا إلى أن استراتيجيات التنقيب عن الموارد الجديدة تزداد قوة وتطورا بشكل سريع، مدللا على ذلك بالتوصل أخيرا، إلى اكتشافات نفطية تحتوي على ما لا يقل عن 2.5 مليار برميل (قابلة للاسترداد) في المياه العميقة حول هامش المحيط الأطلسي وحده.
وذكر التقرير أن نتائج الاستكشاف التي سجلت حتى نهاية عام 2016 اتسمت بتسجيل سلسلة من المشاكل من أبرزها ارتفاع التكاليف خلال تلك الفترة، وهو ما يعني أن الإنفاق على الاستكشاف ارتفع بشكل تدريجي، حيث تم حفر عدد أقل من الآبار، ولكن معدلات النجاح الجيولوجي جاءت جيدة في أكثر من واحد من كل ثلاثة من المشروعات، ولكن التجارة تراجعت وضعف الاقتصاد مع ارتفاع تكاليف تطوير المشروعات في تلك الفترة أدى إلى زيادة الضغوط، خاصة مع حدوث الانهيار الحاد في أسعار النفط الخام.
وأكد التقرير وجود حالة تعطش لرأس المال في السنوات الماضية، مبينا أنه على الرغم من ذلك حدث تأثير إيجابي للأمر، حيث أجبر ذلك المستكشفين على إعادة تقييم استراتيجيات الإنتاج وإعادة تقييم التوقعات ورفع مستويات الكفاءة.
وقال التقرير إن صناعة النفط الخام تشهد حاليا قدرا أكبر من الانضباط، ما أدى إلى انخفاض تكاليف الاستكشاف إلى النصف تقريبا، مبينا أنه لم يعد يتم حفر الآبار الصعبة في المواقع الصعبة.
وكشف التقرير عن أن أداء الاستكشاف الآن تحول إلى حالة أفضل مما كان عليه، عندما كانت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل.
وأضاف التقرير أن الموجة الأخيرة من الاكتشافات الكبيرة تعزز مستويات الثقة في أن العائدات تعود إلى تسجيل مستويات متميزة، لافتا إلى أن عمليات الاستكشاف العالمية حققت أرباحا بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي في عام 2017.
ونقل التقرير عن محللين تأكيدهم أن هذه هي المرة الأولى منذ عقد من الزمن التي توجد فيها الصناعة بالفعل قيمة مضافة بدلا من انكماشها، قائلين "كلما درسنا وقيمنا مزيدا من الاكتشافات المسجلة في عام 2017 ازداد عدد الموارد التي نتوقع زيادة حجمها وقيمتها".
وأضاف التقرير أن الجانب السلبي يتمثل في أن هذه الصناعة الاستكشافية التي تم تجديدها أخيرا، والتي تتسم بكفاءة جديدة تعثر بشكل عام على كميات أقل من النفط والغاز مما كانت معتادة عليه في السابق.
ورجح التقرير تسجيل موارد الطاقة الجديدة السنوية بنحو 15 مليار برميل نفط مكافئ في المدى القصير مقابل 20 إلى 30 مليار برميل في المتوسط على المدى الطويل.
ولفت التقرير إلى أن تحسن توقعات نمو الأسعار يعزز بالفعل أنشطة الاستكشاف ويؤدي إلى زيادة المنافسة على الكتل الساخنة في مناطق الاستكشاف، مشيرا إلى إنفاق أكثر من مليار دولار أمريكي في البرازيل حتى الآن هذا العام على أنشطة الاستكشاف.
وقال التقرير الدولي إن المدفوعات النقدية الكبيرة قد تمثل عبئا كبيرا على اقتصادات الدول المنتجة، لافتا إلى أن أنشطة الاستكشاف حاليا في ظل رغبة محمومة للعودة بقوة وتعويض مساوئ الفترة الماضية، ولكنهم قد لا يستطيعون تهدئة انضباطهم الجديد في أي وقت قريب.
من جهتها، أكدت شركة "روسنفت" الروسية العملاقة للطاقة، أن أفضل مستوى سعري للنفط الخام يبلغ ما بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل، معتبرة أن هذا هو "المستوى المريح" لتوازن السوق وتنشيط عجلة الاستثمار.
وأشارت إلى أن نتائج تخفيضات العرض التي نفذتها روسيا بالتعاون مع "أوبك" كانت إيجابية ولها تأثيرات قوية في السوق، ويأتي ذلك قبل أسبوع واحد فقط من المحادثات التي قد تسفر عن خروج تدريجي من خطة خفض الإنتاج.
وقال تقرير "روسنفت" - وهي أكبر شركة نفط في روسيا - نقلا عن تصريحات رئيسها التنفيذي إيجور سيشين بعد محادثات سعودية - روسية ناجحة، إن المنتجين الذين يعملون معا "أعادوا التوازن إلى السوق عن طريق خفض إنتاج النفط بمستويات ملائمة".
ولفت التقرير إلى قول سيتشين بأن النمو في أسعار خام برنت وصل إلى مستوى مريح يتراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل، وهو نتيجة يشعر المنتجون الروس بالرضا التام عنها، مشيرا إلى أن "روسنفت" سبق أن سألت الحكومة عن الحكمة من إطالة خطط خفض الإنتاج، وذلك عندما كانت أسعار النفط الخام أقرب إلى مستوى 60 دولار للبرميل.
وشدد التقرير على ضرورة أهمية الاجتماع المقبل للمنتجين في "أوبك" وشركائهم من خارجها الأسبوع المقبل في فيينا، حيث ستناقش السعودية وروسيا وبقية المنتجين ما إذا كان يتعين زيادة الإنتاج لتخفيف مخاوف المستهلكين بشأن الأسعار وتعويض الاضطرابات في الإمدادات في أماكن أخرى.
وأشار إلى أن إمكانية زيادة العرض التدريجي في الاجتماع المقبل دفعت بالفعل سعر خام برنت إلى الانخفاض من 80 دولارا إلى أقل من 74 دولارا.
وأكد التقرير أن الشركات الروسية الكبرى وفي مقدمتها "روسنفت" و"لوك أويل" و"جازبروم نفت" شجعت أخيرا، على التوافق بشأن حدوث "مرونة" أكبر في الإنتاج، محذرة من أن بلوغ أسعار النفط مستوى 80 دولارا يعد مرتفعا بما يكفي وقد يضر بمستوى الطلب الحالي.
ونقل التقرير عن محللين في كريدي سويس جروب تأكيدهم على أن كل شركة روسية تطلب مستوى زيادة في الإنتاج قد يختلف عن الأخرى، مشيرا إلى أن "روسنفت" التي تضخ 40 في المائة، من نفط روسيا تقول إنها تستطيع إحداث زيادة بنحو 150 ألف برميل يوميا في غضون ثلاثة أشهر.
وأضاف التقرير أن "روسنفت" التي تديرها الدولة الشهر الماضي بدأت مبكرا اختبار قدرتها على إعادة زيادة الإنتاج، حيث قفز الناتج الإجمالي لروسيا في الأسبوع الأول من حزيران (يونيو) الجاري، بعد حدوث خروقات من بعض الشركات لحصص الإنتاج.
وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، هبطت أسعار النفط بأكثر من دولارين أمس الأول، بعد أن أشار اثنان من أكبر منتجي الخام في العالم إلى أنهما قد يزيدان الإنتاج في اجتماع "أوبك" الأسبوع المقبل، بينما تتعرض الصادرات الأمريكية لتهديد من رسوم جمركية صينية على النفط الخام والمنتجات المكررة.
والمستثمرون في النفط متوترون قبل اجتماع "أوبك" المقبل في فيينا وزادت السعودية وروسيا بالفعل إنتاجهما من الخام بشكل طفيف وأشارتا إلى أنهما مستعدتان لزيادة الإنتاج في ذلك الاجتماع.
وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 2.50 دولار، أو 3.29 في المائة، لتبلغ عند التسوية 73.44 دولار للبرميل.
وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.83 دولار، أو 2.74 في المائة، لتسجل عند التسوية 65.06 دولار للبرميل. وفي التعاملات اللاحقة على التسوية واصل الخام الأمريكي التراجع ليهبط 2.25 دولار، أو 3.4 في المائة، إلى 64.64 دولار للبرميل.
وأنهى برنت الأسبوع على خسائر تزيد على 4 في المائة، بينما تراجع الخام الأمريكي 1.7 في المائة.
وبعد انتهاء جلسة التداول الرسمية في سوق النفط، أعلنت الصين عن فرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أمريكية بقيمة 50 مليار دولار، ردا على سلسلة رسوم أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في وقت سابق أمس الأول.
وتفاجأ بعض المستثمرين لأن قائمة المنتجات الأمريكية المستهدفة التي أعلنتها الصين تشمل النفط الخام ومنتجات أخرى للطاقة ستطبق عليها الرسوم الجمركية في موعد لاحق.
وعلى مدار الأشهر الستة الماضية، صدرت الولايات المتحدة في المتوسط 363 ألف برميل يوميا من النفط الخام إلى الصين، وهي إلى جانب كندا، أكبر مشتر للخام الأمريكي.
وفي المقابل، ارتفع عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة لرابع أسبوع على التوالي، على الرغم من هبوط بنسبة 9 في المائة في أسعار الخام على مدار الأسابيع الأربعة الماضية.
ورغم هذا الانخفاض فإن المنتجين ما زالوا يتوقعون أن أسعار نفطهم في 2018 ستكون أعلى مما كانت في 2017.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة ‬أمس الأول، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن إجمالي عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا ارتفع بمقدار حفار واحد في الأسبوع المنتهي في الـ 15 من حزيران (يونيو) الجاري، ليصل إلى 863 وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015.‬
وهذه هي الزيادة الأسبوعية العاشرة في عدد الحفارات النفطية في أمريكا في الـ 11 أسبوعا الماضية.
وإجمالي عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 747 حفارا مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج للاستفادة من زيادة في الأسعار.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط