Author

الاحتياطيات المالية السعودية .. قوة متجددة

|
المكاسب التي يحصدها الاقتصاد السعودي متلاحقة وعلى مختلف الأصعدة، من الاستثمارات إلى النمو، إلى البناء الشامل والانتقال إلى المرحلة التي تمثل العصب الرئيس لـ "رؤية المملكة 2030" وهي الاستدامة. وتجري الأمور وفق كل المخططات الموضوعة لها، في هذا القطاع أو ذاك. ما دفع المؤسسات العالمية الكبرى للتأكيد مرارا على نجاعة المسيرة الاقتصادية الراهنة، وعلى احتفاظ السعودية بسمعتها الائتمانية المرتفعة والمستقرة، حتى في ظل التراجع التاريخي الهائل، الذي ضرب النفط قبل ثلاث سنوات تقريبا. وكانت آخر التعليقات هي تلك التي أطلقها أخيرا صندوق النقد الدولي، برفعه سقف توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في العام الجاري والعامين المقبلين، مع التأكيد بالطبع على أهمية الحراك الاستراتيجي، الذي تقوم به البلاد، من خلال "الرؤية" وبرنامج التحول المصاحب لها. من هنا، يمكن فهم وصول السعودية إلى الصفوف الأولى في قائمة الدول الأكثر امتلاكا لاحتياطيات العملات الأجنبية. فقد حلت "وفق صندوق النقد" في المركز الرابع بعد كل من الصين واليابان وسويسرا. وهذه دول - كما هو معروف - تتمتع تاريخيا بهذه الميزة الاقتصادية الكبيرة بأهميتها ودلالاتها. وهذا الاحتياطي ارتفع في الربع الثالث من العام الماضي أكثر من 486 مليار دولار، لكنه حقق ارتفاعا شهريا في نيسان (أبريل) الماضي أيضا. ووفق محللين مستقلين، ستتمكن المملكة في المرحلة المقبلة من الحفاظ على تقدمها في هذا المجال، نتيجة السياسات الاقتصادية التي تتبعها، وكلها تصب ضمن استراتيجية عالية القيمة، وعمليات تنفيذ أيضا مرتفعة الجودة. وهي تشكل رافدا محوريا على الصعيد الاقتصادي بشكل عام. واللافت أن المملكة حققت هذه القفزة في احتياطي العملات الأجنبية، حتى في الوقت الذي تقوم فيه بأكبر عملية إنفاق في تاريخها لاستكمال الاستراتيجية التنموية المشار إليها. في حين أن كثيرا من الدول تضطر إلى السحب من هذا الاحتياطي في عمليات البناء، وهناك أخرى تسحب لأسباب تتعلق بفشل سياساتها الاقتصادية. غير أن هذا الاحتياطي الهائل يبقى جاهزا عند الحاجة؛ لأنه جزء من الحراك الاقتصادي العام. كما أن وصول البلاد إلى المركز الرابع في هذا المجال الحيوي، يعزز مباشرة قيمة عملتها الوطنية، وهذا أيضا جانب مهم لأسباب عديدة، في مقدمتها بالطبع الحفاظ على الأداء المالي، إلى جانب رفد الاقتصاد بمزيد من الثقة على الساحة العالمية، خصوصا فيما يرتبط بالاستثمارات الأجنبية. وهذه الأخيرة تشهد منذ عامين نموا لافتا على مختلف الأصعدة. القدرة الاحتياطية المالية الكبيرة للمملكة، دفعت الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج إلى الأعلى لتصل إلى 1.22 تريليون ريال، بارتفاع 1.2 في المائة. وتحقق هذه الاستثمارات عوائد كبيرة، وتسهم بالطبع في مزيد من دعم الاقتصاد الوطني. يضاف إلى ذلك أنها "أي العوائد" الناجمة عن استثمار الاحتياطيات المالية في الخارج، تصل إلى مستويات مشابهة لتلك التي تقوم بها البنوك المركزية العالمية. وكل هذا يضيف قوة متجددة للحراك التنموي بشكل عام، مع الأخذ في الاعتبار، أن المرونة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني السعودي، تنسحب على إدارة الاحتياطيات الوطنية المالية. ستمضي الأمور بهذه الصورة في السنوات المتبقية من العقد الجاري، وفق توقعات غالبية المراقبين الاقتصاديين، ما يدفع الاقتصاد إلى مزيد من النجاحات المتوازية مع نجاحات تتحقق في مجمل القطاعات الأخرى.
إنشرها