Author

«مجموعة الست» مع خامنئي

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"نحث الولايات المتحدة على إعفاء الشركات الأوروبية في إيران من العقوبات" من رسالة للأطراف الموقعة على الاتفاق النووي وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ إلى قمة مجموعة السبع في كندا متأخراً، وغادرها مبكراً، دون أن يطرح موضوع الاتفاق النووي مع إيران بصورة أساسية في محادثاته مع قادة المجموعة. ترمب يعد الموضوع منتهياً من ناحية انسحاب بلاده من هذا الاتفاق الهش المضطرب، وهو يريد في الواقع من "شركائه" (إن استحقوا هذا التوصيف فعلاً)، الانتقال إلى مرحلة جديدة فيما يختص بهذا الأمر. مرحلة ما بعد الانسحاب، أو مرحلة الوصول إلى اتفاق نووي جديد يضم كل الشروط الأمريكية المفروضة على النظام الإرهابي الإيراني؛ بل حتى تلك المفروضة بصورة أو بأخرى على "الشركاء". ويبدو واضحاً أن مجيء الرئيس الأمريكي إلى القمة، كان بروتوكولياً أكثر منه عمليا. كان عليه أن يأتي، ولكن ليس عليه أن يقبل بطروحات أعلن موقفه الرافض لها مسبقاً. لندع محاولات البلدان الأوروبية البائسة جانباً، ولا سيما تلك الخاصة باستجداء موقف أمريكي جديد حيال التعاطي المالي مع نظام الملالي. وهو يختص بالتحديد في إعفاء الشركات الأوروبية العاملة في إيران من العقوبات. إنها محاولات تحمل فشلها معها، لأن ترمب يعد أن كل تعامل مع إيران هو تعامل مباشر مع نظام يدعم ويمول الإرهاب والخراب، ويسعى لتفجير المنطقة، ولا بأس إذا استطاع أن يفجر العالم. وهذا أمر صحيح يعرفه الأوروبيون كما يعرفه أولئك الذين يصنعون القرارات في البيت الأبيض. لا يمكن أن تعمل في إيران وتحقق مكاسب مالية، دون أن تتلوث هذه المكاسب بأموال الإرهاب والخراب. لماذا؟ لأن كل شيء مرتبط بالمؤسسات المالية السرية والعلنية التابعة مباشرة لخامنئي وحرسه الثوري. لا مجال لإعفاءات أمريكية للشركات الأوروبية في هذا المجال. وبعض رؤساء هذه الشركات اتسموا بالحكمة فعلاً في الآونة الأخيرة، وقاموا بتصفية أعمالها ضمن النطاق الإيراني، بل إن بعضهم صفى أعمالاً خارجية له قد تكون مرتبطة بصورة أو بأخرى مع النظام الإيراني. لا إيمانويل ماكرون؛ ولا تيريزا ماي؛ ولا أنجيلا ميركل؛ يمكنهم أن يغيّروا الموقف الأمريكي. وبدا هذا واضحاًً من خلال تأخر وصول ترمب إلى القمة ومغادرته لها؛ بل مضى أبعد من ذلك بتوجيه انتقادات علنية لاذعة لـ "مجموعة الست"؛ لعدم دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة. وهذه نقطة أيضا لافتة جداً، لأنه يُفترض أن واشنطن تقف إلى جانب بريطانيا في الخصام الحالي مع روسيا، وكذلك الأمر بالنسبة للخصام الأوروبي مع موسكو، بسبب المملكة المتحدة أولاً، ولأسباب أخرى معروفة. المشكلة التي واجهت "مجموعة الست" الداعمة بصورة غير مباشرة لنظام علي خامنئي الإرهابي، أنها كانت تريد أن تطرح الموضوع الإيراني بتوسع مع ترمب في كندا، لكنها لم تستطع أن تخفي إعلان نظام الملالي قبل أيام، أنه سيعزز قدرته على تخصيب اليورانيوم في إطار الاتفاق النووي! هذا الإعلان صدم الأوروبيين ولم يصدم بالطبع الإدارة الأمريكية. فنيّات نظام الإرهاب باتت منذ عقود مكشوفة. وليس هذا فحسب، قمة "مجموعة السبع" انعقدت بعد أيام أيضاً من اعتراف علني لمحمد جواد لاريجاني معاون السلطة القضائية الإيرانية، أن إيران سهّلت مرور عناصر القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 أيلول ( سبتمبر) 2001 في نيويورك. ومضى هذا الإرهابي أبعد من ذلك، حين كشف علاقة النظام الإيراني بتنظيم القاعدة، وكيفية إشراف مخابرات طهران على مرور واستقرار عناصر التنظيم في إيران. ماذا كان القادة الكبار في أوروبا سيقولون، لو أن ترمب عرض عليهم مباشرة هذا الاعتراف؟ هؤلاء فضلوا عدم التحدث في التفاصيل، وهو يعرفون أن الرئيس الأمريكي أتى لكندا من باب "رفع العتب"، وانتقل منها إلى سنغافورة لعقد قمة مع رئيس كوريا الشمالية كيم جون أون، أهم بكثير "في حساباته" من قمة مجموعة السبع. بل الأهمية هنا لا تقارن بين الحدثين، لأن ما يسعى إليه ترمب هو اتفاق ينزع بشكل كامل القدرات الكورية النووية، لا اتفاق مهلهل هش مريب مضطرب مليء بالفجوات، كذلك الذي قتل نفسه باراك أوباما للتوقيع عليه قبل أن يترك البيت الأبيض إلى الأبد. كان هذا الأخير يريد اتفاقا لأسباب شخصية فقط. ولأن الأمر كذلك فشل هذا الاتفاق بعد أشهر من تحول أوباما إلى رئيس سابق. حول الرئيس الأمريكي ترمب قمة "مجموعة السبع" إلى "مجموعة الست". فهو ليس مهتماً بالشركاء إذا كانوا يخالفون المواقف التي يعدها مصيرية، ناهيك طبعا عن خلافهم معه حول الرسوم الجمركية التي فرضها أخيراً على صادرات الألمنيوم والحديد الأوروبية، وعن قضايا أخرى مثل البيئة وغيرها. لكن في النهاية ظهرت "الست" بمواقف قادتها "ولا سيما الأوروبيين فيها" أنها مجموعة لا ترى شيئا خطيراً بوجود نظام إيراني تخريبي إرهابي طائفي دنيء، يرى الخراب كنوع من أنواع التنمية!
إنشرها