Author

عام على ولاية العهد .. حكمة السياسة وقوة الاقتصاد

|
عام على العهد، في الأمن وفي السياسة والاقتصاد، وعلى الوعد في طريق التنمية الشاملة في جميع أنحاء المملكة، على العهد وقبل عام من الآن تولى الأمير محمد بن سلمان، زمام ولاية العهد، ليمضي في طريق تحقيق رؤية وأوامر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بخطط جريئة لصهر المراحل والنهوض السريع في سباق نحو مقعد مرموق بين مصاف دول العالم المتقدمة. لقد أثبتت السياسة السعودية علو كعبها منذ تولى الأمير محمد بن سلمان، ملفات عدد من القضايا، أولها ملف القضية الإيرانية، الذي كان مقلقا للأمة وخاصة مع الاتفاق النووي الذي منح إيران مساحة من العمل نحو إنجاز القنبلة النووية وتهديد العالم، وقد كانت تصريحات ولي العهد توضح حجم هذا الخطأ الذي ارتكبه العالم. وفي جولاته المتعددة استخدم أوضح العبارات التي تؤكد خطورة الملف الإيراني وتهديداته، وأن المنطقة على شفا مرحلة من سباق تسلح لن يؤدي إلا إلى مزيد من التهديدات وضعف التنمية وزيادة الفقر، وكانت كلمات الأمير محمد بن سلمان، كالناقوس الذي أيقظ العالم عندما أشار إلى اتفاقية عام 1938 التي أطلقت هتلر والنازية من قمقمها لتقود العالم إلى كارثة ودمار عظيم، لقد كانت تلك الكلمات قاسية جدا، لكنها عالجت موقفا سياسيا خطيرا، مهّد لأن تعلن الولايات المتحدة إلغاء الاتفاقية، وبدء مفاوضات جديدة لبناء اتفاقية أفضل. هذا النجاح السياسي الكبير برز بكل وضوح مع الملف القطري، الذي أبرز فيه الأمير محمد بن سلمان، حالة قطر التي تريد لعب دور أكبر بكثير من قدراتها، وهي في سبيل ذلك تهدد الأمن والسلم العالميين وتؤجج الفتن، ولهذا فإن معالجة هذا الملف تكمن في أن تعود الحكومة في قطر إلى حجمها فعليا، ولهذا يؤكد الأمير دائما أن مسألة قطر صغيرة جدا، في دلالة واضحة المعاني للحل، وثبت أن المعالجة الحالية للملف القطري تؤتي ثمارها، فبعد أن كانت قطر توجد الأزمات أصبحت منشغلة تماما بأزمتها الصغيرة، وهذا منح العالم فرصة أفضل لمعالجة القضايا الكبرى والشائكة وهو ما حدث فعلا. في الجانب الاقتصادي، تبدو الأمور مميزة جدا، فخطة التوازن المالي التي يشرف عليها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تسير وفقا لما هو مخطط له، العجز يتراجع بوتيرة أعلى، كما أن خطة تنوع الموارد المالية تعد ناجحة بشهادة صندوق النقد الدولي، وعلى الرغم من أن عديداً من الدول تواجه مشكلات لا حصر لها مع رفع أسعار الطاقة وتطبيق نماذج جديدة للضرائب إلا أن المملكة لم تواجه مثل هذا الأمر، لأن التدرج في التطبيق ومع ترتيبات "حساب المواطن" لإعادة توزيع الدعم بصورة عادلة، وأيضا بدل غلاء الأسعار، كل ذلك منح المواطن فرصة للتفاعل الإيجابي مع هذه القرارات، فهو من جانب يقدر حاجة الميزانية العامة لتنويع الموارد لتجنب صدمات النفط، ومن جانب يقدر للدولة الدعم الذي يجده. وفي جانب اقتصادي آخر، عمل الأمير محمد بن سلمان، في هذا العام على إطلاق مبادرات صندوق الاستثمارات العامة كافة، ومنها: مشروع "نيوم"، والعُلا، ومشاريع أخرى متعددة في كل مناطق المملكة تقريبا يصعب حصرها هنا، ولعل أبرزها مشروع "القدية" الترفيهي، كما أن الصندوق سيسهم في أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم. وإذا استمرت وتيرة العمل على هذا النحو، فإن معظم مشاريع وبرامج "رؤية المملكة 2030" قد تتحقق قبل أوانها. في جانب الإدارة العامة ومكافحة الفساد، برزت قوة الأمير محمد بن سلمان، في تطبيق الأمر الملكي القاضي بتشكيل لجنة للتحقيق في قضايا الفساد، وقام ولي العهد بكل مقتضيات الأمر الملكي ولم يحاب أحدا ولم يجامل في ذلك صغيرا أو كبيرا، وانتهج ولي العهد في هذا الأمر منهجا جديدا يحفظ للمال العام حقوقه ويضمن للمجتمع حقه، فالقضايا التي لم تلحق بها جرائم جنائية تمت تسويتها بالدفع المباشر، والقضايا التي لحقت بها قضايا جنائية تم تحويلها إلى القضاء. وأصبحت المملكة مضرب المثل في مكافحة الفساد، والأسلوب الذي انتهجه محل إعجاب وتقدير للنتائج الرائعة التي تحققت. وفي الإدارة العامة، يكفي روح العمل الجماعي التي تسود الجميع، وما يقوم به مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومكتب تحقيق "الرؤية"، وحوكمة الرؤية، يمثل مدرسة جديدة تحتاج إلى مزيد من الدراسة، وخاصة أنها نجحت في تسريع وتيرة العمل واتخاذ القرارات والتنسيق المشترك، وهو ما ظهر جليا في قرارات عدة، لعل آخرها ذلك القرار المتعلق بالتعاقد مع الكفاءات في المناصب القيادية العليا خارج إطار نظام الخدمة المدنية، ومن ذلك أيضا استكمال الأنظمة اللازمة لاستكمال عمليات التخصيص التي يترقبها المواطن بشغف. في الجانب الاجتماعي، ظهرت مبادرات الأمير محمد بن سلمان، في دعم الأمر الملكي بشأن تمكين المرأة من قيادة السيارة، وهي مشكلة اجتماعية قديمة تم حلها تماما الآن، وفي سبيل تحقيق أهداف الأمر الملكي تم تطبيق نظام مكافحة التحرش، وأيضا استكمال منظومة تمكين المرأة من الحصول على رخصة السير، والتدريب على قيادة السيارة، كما أن مؤسسة الترفيه في المملكة تأخذ اليوم مساحة واسعة في العمل، ولم تكن لتتاح لولا الدعم المباشر من ولي العهد، فهو يرى حق الأسرة السعودية في الترفيه، وحقها في السعادة، وأننا نمر بمرحلة جديدة تماما. إنه عام واحد فقط من ولاية العهد، ومع ذلك تعجز سطور هذه الكلمة عن الإحاطة بكل تفاصيله ولو حتى بالخطوط العريضة، وبقدر ما ذكرنا بقدر ما بقي الكثير مما لم نذكره ويستحق التنويه له، وإذا كان من قول، فإن المملكة غدت شابة سعيدة تقفز في مضمار التنمية بمرح.
إنشرها