أخبار اقتصادية- عالمية

الخلافات التجارية تعكر أجواء «السبع» .. وترمب يغضب ويهدد برسوم السيارات

 الخلافات التجارية تعكر أجواء «السبع» .. وترمب يغضب ويهدد برسوم السيارات

قوض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جهود مجموعة السبع لتبني موقف موحد بعدما ثار غضبه من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وقال إنه قد يزيد رسوما على الواردات عبر فرضها على صناعة السيارات وهي قطاع ذو حساسية.
وبحسب "رويترز"، فإن إعلان ترمب المدوي برفضه بيان مجموعة السبع جاء بعد أن غادر القمة في كندا مبكرا ليقوض ما بدا أنه توافق هش بشأن الخلاف التجاري بين واشنطن وكبار حلفائها. وكان الوفد الأمريكي والرئيس نفسه قد وافقوا على هذه الوثيقة التي تتضمن 28 نقطة خاضت "مجموعة السبع" التي تضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، مفاوضات شاقة من أجل إقرارها. وكتب الرئيس الأمريكي على "تويتر": "جاستن ترودو رئيس وزراء كندا تصرف بخنوع وليونة خلال اجتماعاتنا كمجموعة السبع ليعقد مؤتمرا صحافيا فقط بعد مغادرتي قائلا إن التعريفات الأمريكية نوع من الإهانة وإنه ‭‭‭‬‬‬لن يتم تخويفه‭‭‭‬‬‬. إنها تصريحات غير صادقة تماما وضعيفة. التعريفات التي فرضناها جاءت ردا على فرضه 270 في المائة على الألبان". وفي مؤتمره الصحافي تحدث ترودو عن إجراءات ستتخذها كندا الشهر المقبل ردا على قرار ترمب فرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم من كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.
وقال ترودو، الذي استضاف اجتماع القمة ليومين في لا مالبي بكيبيك للصحافيين "نحن الكنديون مهذبون، نتحلى بالمسؤولية لكن لن يتم تخويفنا". وردا على تغريدة ترمب، أوضح مكتب رئيس الوزراء الكندي: "نركز على كل ما أنجزناه هنا خلال القمة. رئيس الوزراء لم يقل شيئا لم يكن قد قاله من قبل علنا وفي محادثات خاصة مع الرئيس".
وفي باريس، ذكر مسؤول في الرئاسة الفرنسية، أن بلاده وأوروبا تدعمان بيان مجموعة السبع، وأن انسحاب أي طرف من التعهدات التي جرى التوصل إليها في القمة يُظهر "تفككا وتناقضا".
وأشار المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أنه "لا يمكن أن يعتمد التعاون الدولي على شعور بالغضب وعلى مقتطفات صوتية. لنكن جادين". وأجهزت طلقة ترمب على يومين مضطربين من المجادلات، استهلها باقتراحه بإعادة ضم روسيا إلى مجموعة السبع، ثم ما وصفه مسؤول فرنسي بأنه "تبجح" مليء "باتهامات مضادة" ضد الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ليعقب ذلك إنكاره بوجود أي خلافات مع القادة في القمة ووصفه العلاقات معهم بأنها ممتازة. وبإصداره تعليمات لممثليه بعدم إقرار البيان يبدو أن ترمب يؤكد الهدف الذي طالما تحدث عنه وهو تغيير الأمر الواقع سواء بانسحابه من اتفاقية عالمية للمناخ أو الاتفاق النووي مع إيران أو التهديد بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. وذكر البيان الذي بدا أنه يخفي الخلافات التي ظهرت على السطح في قمة مجموعة السبع، أن قادة الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان اتفقوا على الحاجة إلى "تجارة حرة وعادلة ومفيدة لطرفيها"، وعلى أهمية محاربة الحمائية التجارية، وأضاف البيان "نسعى جاهدين لتقليل الحواجز الجمركية وغير الجمركية والدعم". وأدى تراجع ترمب الذي أعلنه وهو في طريقه إلى سنغافورة للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون إلى اضطراب بين شركائه في مجموعة السبع، وأعلن مسؤول أوروبي طلب عدم نشر اسمه "نتمسك بالبيان كما اتفق عليه المشاركون". وحاول نظراء ترمب في مجموعة السبع إيجاد قدر من التوافق مع واشنطن بشأن التجارة والقضايا الرئيسة الأخرى التي أرست أسس مجموعة الدول الصناعية السبع قبل 42 عاما.
وقبل تغريدات ترمب، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القمة بأنها ناجحة، مشيرا إلى أن "ثمة شعورا بالارتياح داخل المجموعة بفضل تفادي تصعيد الخلاف التجاري، حيث أتاحت إجراء حوار بعد أسابيع من التحركات الفردية غير المنسقة وغياب التعاون".
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أمس أن "التعاون الدولي لا يمكن أن يكون رهنا لنوبات غضب أو انتقادات"، معتبرة أن انسحاب ترمب من الإعلان الختامي لقمة مجموعة السبع ينم عن "قلة تماسك" و"قلة انسجام".
وقال قصر الإليزيه في بيان "أمضينا يومين للتوصل إلى نص والتزامات. إننا متمسكون بها، وأي طرف يتخلى عنها ويدير ظهره يبرهن عن قلة تماسك وقلة انسجام مع نفسه"، معتبرا أن "التعاون الدولي لا يمكن أن يكون رهنا لنوبات غضب أو انتقادات". وتابعت الرئاسة الفرنسية: "لنكن جديين ونرتقي إلى مستوى يليق بشعوبنا. إننا نتعهد ونلتزم.. إن فرنسا وأوروبا تتمسكان بدعمهما لهذا البيان، وهو ما نأمله لجميع الأعضاء الموقعين". ويعتقد ترمب أن الرسوم الجمركية التي فرضها تهدف إلى حماية الصناعة والعمال الأمريكيين من المنافسة العالمية غير العادلة في إطار جدول أعماله تحت شعار "أمريكا أولا". ومن المرجح أن يصيب احتمال أنه قد يمضي قدما صوب مزيد من سياسات الحماية التجارية الأسواق المالية بالقلق بشأن تصعيد مماثل قد يقود إلى حرب تجارية عالمية شاملة.
وأعلن ترمب رسوما على سلع صينية تصل قيمتها إلى 150 مليار دولار؛ بسبب شكاوى الولايات المتحدة من ممارسات بكين التجارية وسرقتها المزعومة للتكنولوجيا الأمريكية، وتعهدت الصين بالرد بإجراء مماثل. وتمضي كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي أيضا في فرض رسومهم الخاصة على السلع الأمريكية، لكن الرسوم الأمريكية المفروضة على السيارات وقطع غيارها ستلحق الضرر بقطاع السيارات الكندي، الذي يتكامل بشكل كبير مع قطاع السيارات الأمريكي، كما أنها قد تلحق أضرارا باليابان وألمانيا. وقال ناطق باسم الحكومة الألمانية إن برلين "تدعم البيان الذي اتفقنا عليه جماعيا"، والولايات المتحدة هي أول سوق خارجية للسيارات الأوروبية. وتشعر ألمانيا خصوصا بالقلق؛ لأن السيارات تمثل من حيث القيمة، ربع صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبحسب الاتحاد الألماني للسيارات فإن حصة السيارات الألمانية الفاخرة من هذه السوق تتجاوز 40 في المائة. وكتب بيتر نافارو مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون التجارية، في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" أخيرا إنه "ليس مستغربا أن ألمانيا تبيعنا كميات من السيارات أكبر بثلاث مرات مما نصدره إليها". وترمب اشتكى في جلسات خاصة مرات عديدة من وجود عدد كبير من سيارات مرسيدس في نيويورك وعدم انتشار عدد كاف من السيارات الأمريكية في الشوارع الأوروبية. ولتقييم مدى عدالة المبادلات التجارية مع شركائه، يركز ترمب على سؤال واحد: هل تعاني الولايات المتحدة عجزا أو فائضا تجاريا مع هذا البلد أو ذاك؟، والميزان التجاري مع ألمانيا يسجل فائضا لمصلحة برلين.
وألمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى طريقة تفكير ترمب، وصرح خلال المفاوضات في مالبي بأن فرنسا تطبق التبادل الحر مع ألمانيا مع أنها تعاني عجزا تجاريا معها.
وأعلنت إدارة ترمب قبل أسبوعين أنها ستجري تحقيقا بشأن ما إذا كانت واردات السيارات تلحق ضررا بالأمن القومي الأمريكي، في أول خطوة صوب فرض رسوم مماثلة لتلك التي فرضها ترمب على واردات الصلب والألمنيوم. وفي وقت سابق، قال ترمب للصحافيين إنه سيكون من "السهل جدا" تبرير فرض رسوم على واردات السيارات باستخدام مسوغ أنها تهدد الأمن القومي. ومن شأن تلك الخطوة أن تجعل من المستحيل تقريبا إعادة التفاوض بشأن شروط اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا" المبرمة في عام 1994 بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وكرر ترمب رغبته في أن يكون هناك تاريخ انتهاء لسريان الاتفاق في النسخة المحدثة من اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، وهو الطلب الذي رفضه ترودو مجددا. وبين القضايا الخلافية الأخرى، رفضت مجموعة السبع اقتراح ترمب إعادة روسيا إلى صفوفها التي استبعدت منها في 2014؛ بسبب ضمها شبه جزيرة القرم، داعية موسكو إلى الكف عن "تقويض الأنظمة الديمقراطية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية