Author

السعودية .. استراتيجية المبادرات للأشقاء

|
كعادتها، تتقدم المملكة على الفور الصفوف الأولى لمساعدة شقيق، ونجدة أخ، وإلى دعم لا يتوقف لكل ما يساعد حراك الأمة العربية. والسعودية، لا تقدم فقط الأدوات اللازمة للمساعدة أو الدعم؛ بل تطرح المبادرات التي تصب في المصلحة، وكلها مبادرات تتسم بالاستراتيجية "لا الارتجالية"، وتتميز بالاستدامة، والأهم من هذا وذاك، أنها مبادرات لخير هذا الطرف المستهدف بها. المملكة وضعت منهاجا قديما بهذا الخصوص، لذلك فهي تتصدر قائمة الدول الأكثر عطاءً ليس فقط على الصعيدين العربي والإسلامي، بل على الساحة الدولية ككل. واعتادت المملكة في حراكها هذا على الصمت، وترك النتائج تتحدث عن نفسها. إنها تمقت الاستعراض الأجوف، خصوصاً عندما يرتبط بالجانب الإنساني والخيري والمبدئي. خادم الحرميــن الشريفيـــن الملـــك سلمان بن عبدالعزيز، راقب ما حدث من توتر على الساحة المحلية داخل الأردن لأسباب اقتصادية ومعيشية. ماذا فعل؟ دعا على الفور إلى قمة تجمع الأردن والكويت والإمارات، من أجل مساعدة الأردن الشقيق للخروج من هذه الأزمة. والأزمات الاقتصادية تحدث حتى في البلدان الأكثر ثراءً. خادم الحرمين الشريفين، وجد أنه لا بد من توفير المساعدة المطلوبة على الصعيد الاقتصادي لهذا الشقيق، ويجب تخفيف المشكلات المعيشية التي يمر بها الأردنيون؛ بل دراسة الأمر على أسس منهجية. دون أن نتحدث بالطبع عن أن بلدان الخليج العربي تستقطب أكثر من مليون أردني يعملون فيها ويقيمون فيها، أغلبيتهم يعيشون في السعودية.. وهذا الجانب يساعد كثيراً في هذا المجال. القمة الرباعية في مكة المكرمة التي تضم الدول الأربع المشار إليها، بحثت كثيراً من النقاط المحورية؛ للوصول إلى أفضل صيغة لتخفيف الضغط المالي على الأردن الشقيق. وهذه البلدان قادرة بالفعل على تحقيق ما يسعى إليه خادم الحرمين الشريفين. والمشاركة العربية على هذا المستوى تؤكد مجدداً أن المصير العربي واحد، وأن الشقيقة الكبرى "السعودية" تقوم بدورها على أكمل وجه بما يناسب مقامها وموقعها وحضورها على الساحتين الإقليمية والدولية. كما أن المسألة لم تعد تقديم مساعدات فقط؛ بل تشمل بصورة أساسية استراتيجية تنموية يحتاج إليها الأردن كما تحتاج إليها أي دولة تمر بالظروف الاقتصادية الصعبة نفسها. المهم أن هذه الأزمة أثبتت أيضاً أن الشعب الأردني الذي احتج على ظروفه، حريص تماماً على مقدرات بلاده واستقرارها. المبادرة السعودية التي تحمل كثيرا من الدلالات على الساحة العربية؛ بل الدولية، لاقت ترحيباً كبيراً من قادة البلدان المعنية، كما أظهرت مجدداً أن المملكة لن تتوانى عن تقديم أي دعم أو مساعدة لمَن يحتاج إليهما من العرب، بحسبما قال ملك الأردن عبدالله الثاني. ووقوف السعودية مع أمتها ليس مقصوراً فقط على الأزمات، بل في كل الظروف، وتعمل على أن يكون تحركها جماعيا من أجل مزيد من الزخم المعنوي أيضاً. إنها استراتيجية الكبار التي تحتاج إليها الأمة العربية في كل الأزمنة، ولا سيما الزمن الحالي بعد أن شهدت وتشهد عدة دول عربية توترات واضطرابات وحروباً، تعمل السعودية بكل قوتها على إنهائها والتخفيف من آثارها في شعوب هذه البلدان. لقد أثبت الملك سلمان، مراراً أنه قائد يقف إلى جانب الشعوب في حل مشكلاتها، وفي قضاياها العادلة، مدفوعاً بالاستراتيجية التاريخية الإنسانية العربية لبلاده في هذا الجانب، وبحرصه الشديد على مستقبل أمته، وبمكانة السعودية على الساحتين العربية والدولية. إنها استراتيجية المحبة والبناء، وتخفيف الآلام، وحل ما أمكن من مشكلات عارضة على أسس مستدامة. هذا هو دائماً طريق الكبار.
إنشرها