مقهى الموت

أنشئ مقهى الموت أو "كيد ماي" في بانكوك عاصمة تايلاند في الهواء الطلق وسط الخضرة، تتوسطه بركة أسماك، ويغلب على ديكوراته اللون الأسود، ستفاجأ عندما تدخل إليه بتابوت أبيض مزخرف موضوع على منصة كبيرة يستقبلك، تعال إلى حيث القهوة والكفن!! لكي تستمتع بالمشروبات الباردة والمأكولات الخفيفة، عليك قبلها أن تدخل إلى التابوت لتجرب الموت أو وعي الموت!! يرفض كثير من الزبائن دخول التابوت، أما من وافق على خوض التجربة فانظر إلى حاله بعد مرور ثلاث دقائق، وخروجه من ذلك المستطيل المغلق! تقول تامي ذات 15 عاما عن تجربتها: عندما تكون داخل التابوت تشعر فعلا بأنك ميت، وأنك فقدت كل شيء، حتى أمي وأبي لن أستطيع رؤيتهما مرة أخرى. وأضافت ما زال شعور الخوف يلازمني حتى مع خروجي من التابوت!! كثيرون يظهرون من جديد بعد مرور ثلاث دقائق، وهم يرتعشون، أو مضطربون، أو خائفون، والغريب أن منهم من يبدو مرتاحاً وسعيدا. في الطرف الآخر من المقهى، أريكة يجلس عليها هيكل عظمي بالحجم الطبيعي للإنسان متكئا بكل راحة، ليقول لك: لا تؤجل أحلامك ولا عملك الصالح؛ لأن النهاية ستكون كذلك. كثيرون يتساءلون: ما الحاجة إلى مثل هذا المقهى؟ وما الهدف منه؟ الناس غالبا تذهب إلى المقاهي للراحة والاسترخاء، وشرب القهوة أو الشاي، وتناول المشروبات الباردة، ومقابلة الأصحاب، وليس لمواجهة الموت. لكن كل ذلك سيختفي إذا عرفت أن سبب إنشائه علمي بحت، قام بها فييرانوت روجانبرابا؛ لاستكمال رسالة الدكتوراه خاصته في الفلسفة والدين في جامعة سانت جون في بانكوك. يقول فييرانوت؛ إن موضوع رسالته هو: كيفية الحد من الجشع وخفض مؤشر الفساد وزيادة مؤشر الشفافية في تايلاند. ويزيد على ذلك بقوله: إذا اعتقدت أنك ستموت غدا، فستتضاءل أمامك الأشياء، وتصغر الدنيا في عينك، ولن تضيع وقتك الثمين في الانتقام من عدوك، أو استخدام عقلك للتفكير في كيف تحصل على مزيد من المال، وبأي طريقة سواء مشروعة أو غير مشروعة، ولن تستخدم قوتك وجبروتك في الإضرار بالآخرين، بل ستتمنى أن يمنحك الله مزيدا من الوقت لتبدل عملك السيئ بآخر صالح! إذن ستستغل الساعات الست أو السبع الأخيرة من حياتك لفعل الخير، والعودة إلى أسرتك ومعانقة ابنتك أو ابنك، وفعل ما كنت تتمنى فعله في الماضي، وما زلت تتمنى القيام به. في نهاية التجربة، يطلب فييرانوت؛ من العملاء أن يكتبوا في دفتر المقهى عن تجربة "الوعي بالموت"، وأن يصمموا جنازتهم الخاصة -التي يرغب المقهى أيضا في استضافتها -عن طريق اختيار نعش من ألبوم صور.. وكفى بالموت واعظا.