FINANCIAL TIMES

غطاء رأس يكشف تجذر الإسلاموفوبيا في بوسطن

غطاء رأس يكشف تجذر الإسلاموفوبيا في بوسطن

بالنسبة لشخص يعمل في الدبلوماسية الدولية، فإن آراء آلاء مرابط يمكن أن تكون قاسية بشكل ملحوظ - خاصة عندما يتعلق الأمر ببوسطن، مسقط رأسها الذي تبنته أخيراً.
تقول مرابط: "أنا لا أحب هذا المكان على الإطلاق - إنه أكثر عنصرية من المدن الأخرى التي زرتها"، موضحة أن غطاء رأسها يميزها كهدف لمرضى الخوف من الإسلام.
"في كل مرة أتجول فيها في متجر يجري تتبعي من قبل حراس الأمن لمعرفة ما إذا كنت أسرق. لا أذكر أنني كنت تحت المراقبة في المتاجر، أثناء التبضع، حتى عندما كنت في المدرسة الثانوية".
لحسن الحظ، هي ليست مضطرة إلى قضاء كثير من الوقت هنا. بصفتها ناشطة ومفوضة في الأمم المتحدة، تقضي آلاء البالغة من العمر 28 عاما نحو 80 في المائة من العام على الطريق، مع جدول زمني مرهق يمكن أن يأخذها إلى عدة قارات في أسبوع واحد.
في اجتماعاتها مع رؤساء الدول والوزراء وكبار التنفيذيين، تحاول جاهدة دعم "الأهداف العالمية" للوكالة، التي صممت للقضاء على الفقر ومكافحة عدم المساواة ووقف تغير المناخ.
إن لديها أيضا مسؤولية محددة لتحسين الرعاية الصحية، ولإقناع البلدان بالفوائد الاقتصادية للقيام بذلك.
انتقلت آلاء إلى هنا من نيويورك في شباط (فبراير) الماضي، في المقام الأول، حتى يتمكن زوجها، محمد، من الحصول على زمالة في جراحة زرع الأعضاء في جامعة هارفارد. وهي تتوقع منه أن يسدد الدين في المرة المقبلة عندما ينتقلان فيها إلى منطقة أخرى.
"العلاقات أخذ وعطاء، وكانت أمي دائمًا تقول لي إن الجزء الجيد من العطاء هو أن هناك رصيدا. ستستمر كل الشهور في بوسطن بالتراكم. لذلك عندما أرغب في العيش في بليز لمدة عام، سيتعين علينا ذلك - لأنني سأكون قد قضيتُ مأموريتي".
وتقول إن التزاماتها الشرسة في السفر إلى جانب عِداء أهل بوسطن، تعني أن العثور على الشقة المناسبة يكتسب أهمية كبيرة للغاية.
بعد تفحص القوائم على الإنترنت، استقروا في هذه الشقة في كامبريدج، وهي مدينة صغيرة تقع على مشارف بوسطن وموطن جامعة هارفارد.
"أنا أحب هذه الشقة نفسها"، كما تقول عن الشقة، التي تقع في الطابق الأول في منزل مصمم على الطراز الاستعماري باللون الأزرق. "نظرًا لأن المدينة لا تجعلني أشعر بأني في بلدي، أصبح هذا المكان ملاذًا جيدا إلى حد ما".
هذه الشقة المفروشة بعفش متناثر قليل تشير إلى أنها لا تخطط للبقاء فيها فترة طويلة. وبصرف النظر عن العصي القليلة التي تتجمع على شكل أثاث - بما في ذلك اثنين من الكراسي لتناول الطعام، التي يمكن استخدامها لتصبح طاولات جانبية – فإن المكان شبه فارغ.
وتقول "أحب أقل قدر ممكن من الأثاث"، موضحة أن معظم ممتلكاتها لا تزال موجودة في غرفة نوم طفولتها في ساسكاتون، المدينة الكندية التي فيها ولدت وترعرعت.
الشيء الوحيد الذي تريده هو غسالة، حتى لا تضطر إلى نقل ملابسها إلى الغسيل في الطابق السفلي من مبنى سكنها.
وتضيف: "أخبرتني أختي أن الغسالة المزودة بمجفف هي الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه حقًا في الحياة، لكنني لم أكن أعتقد أن عدم وجود مثل هذه الغسالة أمر مهم إلى هذه الدرجة. كنت مخطئة للغاية".
وقد عفشت آلاء المفروشات الداخلية بألوان محايدة، مع أريكة من شركة إيكيا باللون البيج؛ حيث تتابع ما فاتها من العمل وتعيد مشاهدة برنامج تلفزيون الواقع Survivor.
وتقول: "الجميع كان يقول لي إن شركة إيكيا مناسبة لأثاث الطلاب الجامعيين، لكن هذا لا يهمني في الواقع. أثاثهم يعجبني".
هناك غرفة نوم ثانية بسرير مزدوج يمكن أيضا استخدامه كمكتب نادرًا ما يستخدم.
وتقول: "أتظاهر بالعمل فيها. أجيء وأضع الأشياء على المكتب، ثم أخرج الأشياء مرة أخرى، ولكن في معظم الأحيان عندما أكون في المنزل، أجلس على الأريكة وأشاهد التلفزيون".
هذا الميل نحو التأجيل يعطل العمل في كتاب تقوم بتأليفه، بعنوان "اقتصاديات المساواة". عندما أسألها عن مدى ما أنجزته به، فإنها تبدو مذعورة: "لا تسألني هذا السؤال. من فضلك، يا إلهي، لا تفعل. لم أقطع به مسافة كافية".
قابلت آلاء زوجها في ليبيا عندما كانا في الحادية والعشرين من العمر، عند اقتراب نهاية دراستهما في كلية الطب. وقد أسس عيادة تطوعية حيث كان يعمل مع والدها، وهو جراح، والتقى في وقت لاحق آلاء عن طريق الصدفة في طرابلس. تزوجا في وقت سابق من هذا العام، وهذه هي أول شقة يشتركان فيها.
حاولَت أن تبقي على مساهماته في الشقة إلى الحد الأدنى بسبب ما تعتبر أنه ذوقه الرهيب في الديكور. أحضر محمد معه شيئًا واحدًا: ضوء يوضع على الأرض يحتوي على ستة مصابيح على أسلاك قابلة للسحب.
وتقول في تجهم: "شقيق زوجي لديه مصباح مثل هذا. إنه شيء خاص بالرجال. ليس هناك كثير يمكنني فعله حيال ذلك".
تحتوي أرفف الكتب الخاصة بهما على مجموعة منتقاة من كتب المساعدة الذاتية، وروايات متدنية الثقافة، مثل رواية "مدمنة التسوق وأختها" للكاتب صوفي كينسيلا، وأعمال لكبار الأدباء مثل جين أوستن وهوميروس.
وتقول: "كنت أقرأ لأوستن منذ أن كان عمري 12 عاما. كانت نوعا ما امرأة مثيرة للمشكلات - نسوية جادة في وقتها. مساري كقارئة إلى حد كبير ذهب من نانسي درو إلى أوستن، لكن دعنا نتظاهر بأنني مثقفة ثقافة عالية".
هناك أيضا صور عائلية ووشاح مؤطر مع كلمة "محظور" المطبوعة عليه، التي كانت قد صنعته لها صديقتها. تشرح ذلك: كل حرف من هذه الأحرف يمثل واحدة من الدول التي تم تضمينها في حظر السفر الذي فرضه دونالد ترمب.
على الرغم من أنها تشعر بالاكتئاب من رئاسة ترمب، إلا أنها لم تستغرب انتصاره، وتتوقع أنه سيفوز بسهولة في إعادة الانتخاب عام 2020.
على أحد الرفوف توجد مجلة Forbes، حيث ظهرت آلاء في قائمة "30 تحت الـ 30". بينما أتصفح الصفحات، أتوقع منها أن تظهر تواضعًا مزيفًا، الذي يغلب علينا أن نراه يرافق الاعتراف بمواهب شخص ما. آلاء تقول إنها تحب أن تحظى بالاهتمام وتتكلم مطولا عن قائمة بأوسمة أخرى. "أنا أحب الاعتراف. عائلتي تنافسية للغاية، لذا فهذا في الواقع رائع".
التزاحم مع 10 أشقاء من سن مبكرة من أجل كسب محبة والديها غرس في آلاء شعورا قويا بالتنافسية، وتقول إن هذا يفسر السبب في أنها أصبحت ذات أداء عال. تخرجت في المدرسة الثانوية في وقت مبكر وانتقلت مع عائلتها إلى ليبيا، حيث تم قبولها في كلية الطب في سن 15 سنة. وقد أطلق ستيوارت، الذي كان مضيفًا سابقًا لبرنامج ديلي شو الساخر، عليها لقب "دوجي هاوزر" على اسم المسلسل التلفزيوني الأمريكي الذي يشغل بطولته طبيب مراهق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES