FINANCIAL TIMES

عجز «الفيل الهندي»

عجز «الفيل الهندي»

عجز «الفيل الهندي»

حتى الآن، لم تكن الهند قادرة على مضاهاة دبلوماسية البنية التحتية القوية في الصين، على الرغم من أن لديها طموحات جديدة في ظل نظام مودي لنشر نفوذها في الخارج. ومثل الولايات المتحدة، تشعر الهند بالقلق من أن الصين تريد أن تصبح “قوة مهيمنة” إقليمية، وهو الخوف الذي دفع بأكبر ديمقراطيتين في العالم إلى التقارب خلال السنوات الأخيرة.
إلا أن الثقة الذاتية المتزايدة في الهند التي تهم أليسا أيرز، وهي دبلوماسية أمريكية سابقة، والتي يقدم كتابها “لقد حان وقتنا” سردا رائعا جاء في وقته لأمة تصبح “أقل تحفظا باستمرار بشأن طموحاتها العالمية”.
كانت الهند في الماضي زعيمة دول عدم الانحياز، لكنها تطمح الآن إلى أن تكون “قوة رائدة” قادرة على تشكيل الأحداث والفوز بدور أكبر في المؤسسات العالمية مثل الأمم المتحدة.
تتدفق هذه الثقة الجديدة جزئيا من اقتصاد متنام. حادث الجغرافيا يلعب دورا أيضا، كما يلاحظ كابلان “إذا هناك تركيز جغرافي للسنوات الأولى من القرن الـ21، فهو سيكون كما يلي: المحيط الهندي الكبير من الخليج إلى بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك الشرق الأوسط ووسط آسيا والصين”.
تخشى الهند بشكل خاص من تطويق الجيش الصيني القوي، لذا فإن هدف مودي هو ما تسميه أيرز “تحقيق الهيمنة في المحيط الهندي”، وهو هدف تسعى الهند إلى تحقيقه مع كثير من الدعم الأمريكي.
حسابات الولايات المتحدة فجة، ولكنها منطقية: إذا كانت هناك قوتان كبيرتان في آسيا، أي الصين والهند، فلا يمكن لواحدة منهما وحدها أن تهيمن.
حتى الآن، لم تتخذ الهند سوى خطوات مبدئية لمضاهاة جهود البنية التحتية ذات الإنفاق الضخم للصين، ولكن مع الزمن فإنها ستستخدم نفوذها الاقتصادي أيضا، لشراء الأصدقاء والتأثير على الحلفاء.
وهذا بدوره يفسر سبب التراجع الكبير في العلاقات الهندية والصينية في الآونة الأخيرة. التنافس بين الدولتين يتصاعد ليس لأن قادتهما لديهم نزعة للقتال. السبب في ذلك بالأحرى هو أنه في الوقت الذي يحققان فيه النمو، فإن إحساسهما بمصالحهما الذاتية ينمو أيضا. هذان البلدان المتعطشان للسلع، ومع انتشار الناس في جميع أنحاء العالم، كلاهما يوسعان ما ينظران إليه على أنه مصلحتهما الوطنية الأساسية.
وفي الوقت الذي يفعلان فيه ذلك، فإنهما يخاطران بأن يصبحا أكثر تورطا في أنواع جديدة ومعقدة من المشاكل العالمية التي يصفها كتاب كابلان. ومن المرجح أن تكون هناك نقاط ساخنة صينية - هندية أخرى وتصل إلى ما بعد حدودهما المشتركة الطويلة والمضطربة، التي خاضا حربا عبرها عام 1962، والتي خسرتها الهند.
في قمتهما الأخيرة، أمر مودي وتشي جيوشهما بتجنب أي مناوشات حدودية أخرى. هذا يقلل من احتمالات الصراع المسلح، ولكن لا يزال من غير الممكن استبعاد مثل هذا السيناريو.
يبدأ كابلان كتابه باقتباس من أكاديمي العلاقات الدولية كينيث والتز، مشيرا بشكل متجهم إلى أن “المنظرين يفسرون ما يعرفه المؤرخون: وهو أن الحرب أمر طبيعي”.
وفي فصل لاحق، نقل عن جون كينان، وهو دبلوماسي أمريكي في عهد الحرب الباردة، وهو يشرح منطق الاستعمار “ما لم نأخذ هذه الأراضي، فإن شخصا آخر سوف يفعل ذلك”. وتحكم سياسة واقعية متشابهة المعركة الآن من أجل النفوذ الذي يتم الاقتتال عليه بين الصين والولايات المتحدة، وعلى نحو متزايد الهند أيضا.
يولد الآن عالم جديد من التنافس الجيوسياسي، لكنه عالم لا تستطيع حتى الدول القوية التحكم في أحداثه بالكامل.
هذا اللبس يفسح المجال للارتباك والحيرة، وربما للصراع أيضا. توحي النبرة الودودة لاجتماعات القمة مثل اجتماع تشي ومودي في ووهان، بأن القرن الآسيوي ربما يكون أكثر استقرارا من فترة الهيمنة الأمريكية التي سبقته. من المحتمل أن يكون هذا الانطباع مضللا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES