FINANCIAL TIMES

«الاحتياطي الفيدرالي» يعاني مطرقة أوروبا وسندان أسواق ناشئة

«الاحتياطي الفيدرالي» يعاني مطرقة أوروبا وسندان أسواق ناشئة

«الاحتياطي الفيدرالي» يعاني مطرقة أوروبا وسندان أسواق ناشئة

غالبا يتعرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" لتيارات متقاطعة شرسة، لكن المستثمرين يحذرون من أن الموازنة بين الاقتصاد المحلي القوي والاضطرابات المتصاعدة في الأسواق الناشئة - والآن في أوروبا - سوف تتطلب يدا متمرسة تدير عجلة القيادة هذا العام.
على الرغم من أن الأرجنتين وتركيا كانا محور التركيز لأسبابهما الخاصة بهما، فقد جادل أورجيت باتل، محافظ البنك المركزي الهندي، بأن الأسواق الناشئة تعاني نوبة أوسع من "الاضطراب" الناجم عن "الضربة المزدوجة" المتمثلة في تقليص الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي وفورة الاقتراض من وزارة الخزانة الأمريكية.
كتب باتل في صحيفة "فاينانشيال تايمز" يوم الإثنين الماضي: "في ضوء الارتفاع السريع في حجم العجز الأمريكي، يجب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي الاستجابة من خلال إبطاء خطط تقليص ميزانيته العمومية. إذا لم يحدث ذلك، فإن سندات الخزانة سوف تستوعب حصة كبيرة من سيولة الدولار، بحيث يصبح حدوث أزمة في بقية أسواق السندات بالدولار أمرا لا مفر منه".
في الوقت نفسه، ربما تكون الأزمة السياسية في إيطاليا قد تراجعت مع تشكيل حكومة جديدة، لكن يمكن القول إن المستثمرين غير مرتاحين للأحزاب المعادية للمؤسسة السياسية، والشعبوية والمناهضة للتكامل الأوروبي التي ستسيطر على إيطاليا الآن. ولا تزال هناك مخاوف على المدى الطويل بشأن استمرارية العملة المشتركة، الأمر الذي أدى إلى تراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية في بداية الأسبوع الماضي.
من ناحية أخرى، يشير المحللون إلى أن الاقتصاد الأمريكي مستمر في التوسع بحركة نشطة، كما يتبين من أرقام البطالة وبيانات التصنيع التي صدرت يوم الجمعة الماضي. دفعت تلك الجرعة المزدوجة من البيانات القوية المتداولين إلى رفع عوائد سندات الخزانة إلى الأعلى مرة أخرى في نهاية الأسبوع - وقد حسنت احتمالات بقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مساره المقرر للتشديد النقدي هذا العام.
وكما يقول جيم بولسن، كبير استراتيجيي الاستثمار في مجموعة ليوثولد: "أعتقد أن هذا يثَبِّت يد مجلس الاحتياطي الفيدرالي. أعتقد أن هناك ثلاث زيادات في هذا العام، وفرصة حدوث زيادة رابعة أصبحت واردة. رسالة السوق هي أن "الاحتياطي الفيدرالي" يجب أن يواصل تشديده. أعتقد أن المجلس يرى هذه الرسالة أيضا".
شدة التيارات المتقاطعة تتضح بشكل جيد من خلال التذبذبات في سوق "الأموال الفيدرالية"، أي القروض بين البنوك من أجل المحافظة على احتياطياتها لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي. احتمال حدوث ثلاث زيادات أخرى في أسعار الفائدة هذا العام، إضافة إلى الزيادة الأولى المعلنة في آذار (مارس) - كما تشير العقود الآجلة للأموال الفيدرالية - ارتفعت إلى نسبة عالية عند نحو 40 في المائة بحلول 22 أيار (مايو) الماضي، ثم انخفضت إلى 13 في المائة في 29 أيار (مايو) الماضي، وارتفعت إلى 30 في المائة يوم الإثنين.
الاحتمال الضمني لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، بعد زيادة آذار (مارس) الماضي، ارتفع من 13 في المائة في 22 أيار (مايو) الماضي إلى نحو 40 في المائة في ذروة الاضطراب الإيطالي، ولكن منذ ذلك الحين تراجع إلى أقل من 20 في المائة.
كما شهدت سوق سندات الخزانة أيضًا انخفاضًا في عائد السندات لأجل عشر سنوات، من مستوى منخفض بلغ 2.76 في المائة في 29 أيار (مايو) الماضي إلى 2.92 في المائة يوم الإثنين الماضي.
وقد أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه إلى أنه يعتزم رفع أسعار الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام. ويعتقد كثير من المستثمرين والمحللين أن البنك المركزي الأمريكي لن يُدفع للخروج عن مساره بسبب الضغوط في أوروبا والبلدان النامية – وهو الأمر الذي ألمحت له لايل برينارد، وهي من محافظي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في خطاب ألقته الأسبوع الماضي.
وأشارت إلى "أن وجود بيئة تتسم بارتفاع الدولار وارتفاع أسعار الطاقة، وإمكانية ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من مخاطر انعكاس تدفق رأس المال في بعض الأسواق الناشئة التي شهدت زيادة الاقتراض من الخارج. وعلى الرغم من أن عوامل الإجهاد تم احتواؤها لتبقى ضمن عدد قليل من البلدان الضعيفة حتى الآن، إلا أن خطر حدوث انسحاب أوسع نطاقا يستحق المراقبة".
مع ذلك، تظل "الزيادات التدريجية المستمرة" في أسعار الفائدة "مناسبة"، حسب قول السيدة برينارد، في ضوء الحافز الاقتصادي الذي يقتضيه خفض الضرائب بـ 1.5 تريليون دولار وزيادة الإنفاق الفيدرالي بقيمة 300 مليار دولار.
وبالفعل، بالنظر إلى الآفاق القوية للاقتصاد الأمريكي، يحذر بعض المحللين من أن هذا الاقتصاد يتعرض لخطر الإفراط في التسارع. لا يزال المعدل عند نقطة "التعادل" لأجل عشر سنوات، وهو مقياس في السوق لتوقعات المستثمرين للتضخم، فوق المستوى المستهدف من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2 في المائة عند 2.07 في المائة، على الرغم من الانخفاضات الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في التسارع في الصيف.
وقال ديفيد كيلي من جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "على مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يركز على النمو المستقر في الاقتصاد الأمريكي. ليس من المناسب أن يكونوا قلقين للغاية بشأن ما يجري في الأسواق الأخرى".
وحتى المستثمرين الذين لا يزالون متشككين في أن يتسارع التضخم بقوة، إلا أنهم يشكون في أن صناع السياسة الأمريكيين سيُدفعون إلى الخروج عن مسارهم. وقال دان إيفاسكين، رئيس الاستثمار العالمي في شركة بيمكو: "يراقب مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذه الأوضاع، لكن الولايات المتحدة لديها قصة نمو جيدة". مع ذلك، كان من السهل على الأسواق أن تتجاهل الإجهاد السياسي عندما كانت المصارف المركزية متساهلة في سياستها النقدية، ويمكن أن تتصاعد أو تتوسع الشقوق في الوقت الذي يستمر فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تقليص تحفيزه النقدي، وذلك وفقا لما قاله آرون كوهلي، وهو خبير استراتيجي في شركة بي إم أو كابيتالز BMO Capital Markets . وقال: "مجلس الاحتياطي الفيدرالي يسبب الإجهاد - ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل وعلى الصعيد العالمي – في الوقت الذي يشدد فيه الظروف النقدية".
هذا ما يقلق باتل محافظ بنك الاحتياطي "المركزي" الهندي. وقال إن الوتيرة الحالية لتقليص الميزانية العمومية لمجلس لاحتياطي الفيدرالي يمكن أن تتباطأ لكي يتفادى ارتداد التداعيات "المحتومة"على الاقتصاد الأمريكي. وكتب: "من شأن هذه الخطوة أن تساعد على تخفيف الأثر في الأسواق الناشئة والحد من الآثار في النمو العالمي، من خلال سلاسل التوريد التي تشمل الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء. عدا ذلك فإن الاحتمال سيزيد بحدوث ’توقف مفاجئ‘ للانتعاش الاقتصادي العالمي. قد يضر ذلك بالاقتصاد الأمريكي أيضا. تغيرت الظروف، لذلك ينبغي على سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن تتغير كذلك" لتفادي الطوفان.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES