Author

حماية المستهلك في رمضان

|
أغرب ما يمكن أن نشاهده في رمضان هو الغش التجاري، وتصريف البضائع غير الممكن تصريفها في غير هذا الشهر الفضيل. يستغربه الواحد منا؛ لأنه يتنافى مع روح ومفهوم وشخصية الشهر الفضيل، الداعي إلى المحبة والصدق والعدل، وغيرها من قيم الإسلام، التي يفترض أن تسود في كل الشهور والأحوال. إذن، لماذا يحدث الأمر في الشهر الكريم أكثر من غيره؟ سؤال يجيب عنه التدافع الذي نشاهده كل يوم في الأسواق؛ حيث يأتي المتسوقون على الأخضر واليابس، وتصل الحالة إلى فوضى في كثير من الأسواق، وهذا في ذاته يتنافى مع مفاهيم الشهر الفضيل. حين يتحدث صديقي عن إفطاره الذي لا يتجاوز الفول والتميس ويرقى في أحد الأيام لشوربة، أجدني لا أصدق أنه لا يزال في مجتمعنا من يتعامل مع رمضان بمفهوم البساطة والحفاظ على النعمة، الذي هو أساس في الشهر الفضيل. الأغلبية يمارسون التسوق في رمضان في أكثر من وقت، وقد تجد صاحبك يتحدث معك في أي مكان عام، ثم يفاجأ برسالة تحكي قصة الإفطار من الرقاق إلى كريمة الطبخ، وما بينهما من مقبلات ومشهيات وأطباق ملونة. لعل المقطع الذي يحذر ـــ بسخرية ـــ من قراءة القرآن باستخدام الأجهزة الذكية؛ بسبب استقبال رسائل الطلبات المنزلية باستمرار ما يؤثر في الروحانية التي كان يبحث عنها رب الأسرة، يصور حقيقة قائمة. كل هذا يعني كمًّا كبيرا من الاستهلاك غير المقنن، ويستدعي الرقابة العالية واستمرار الملاحظة على ما يدخل البلاد، وما يتداول فيها، وما ينتج عندنا من المواد الغذائية بالذات، وهنا يتضاعف عمل الرقابة على الأسواق، وتزداد أهمية الشدة في التعامل مع المخالفات؛ بسبب انتشار المواقع والحاجة لأعداد أكبر من المراقبين والمفتشين، وهذا أمر مقلق برغم المحاولات المستمرة من الجهات المختصة. عمليات التفتيش هذه لا تنحصر في أسواق المواد الغذائية، ذلك أن كثيرا من مجالات العمل والتسويق تنشط في رمضان، وهنا تأتي أهمية العمل على تكوين الرقابة الأساس في المداخل لتيسير العمل في الداخل. ما شاهدناه خلال الفترة الماضية من عمليات كشف وإغلاق كثير من المحال التجارية ما هو إلا غيض من فيض، وهو تعامل مع حالة مستعصية نتمنى أن توجد وسائل لإنهائها.
إنشرها