FINANCIAL TIMES

نيران الدولار الصديقة تصيب أرباح عمالقة «وول ستريت»

نيران الدولار الصديقة تصيب أرباح عمالقة «وول ستريت»

من المتوقع أن يؤدي اضطراب السوق في أوروبا، الناتج عن الأزمة السياسية المتصاعدة في إيطاليا إلى استمرار ارتفاع الدولار، ما يثير تساؤلات في وول ستريت حول ضربة تصيب الأرباح الأجنبية للشركات الكبرى متعددة الجنسيات.
اكتسب الدولار أكثر من 7 في المائة مقابل اليورو منذ أن وصلت العملة الموحدة ذروتها عند 1.25 دولارا في مطلع شباط (فبراير) الماضي، وفي الوقت الذي كانت تتعمق فيه الأزمة السياسية في إيطاليا هذا الأسبوع، انخفض اليورو لمستوى أقل من 1.15 دولار - أدنى مستوى له منذ تموز (يوليو) من عام 2017.
كثير من الشركات الرائدة المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعتمد على الإيرادات من البلدان الأجنبية، وبالتالي سيكون سعر الصرف في غير مصلحتها عندما يتعزز الدولار.
وهذا ليس بالعلم المثالي - فالشركات لا تكشف بشكل منتظم عن اعتمادها على الإيرادات الأجنبية، ويمكنها حماية تعاملات العملات لديها وهي تفعل ذلك فعلا - لكن من المرجح أن ينجو من ذلك عدد قليل إن استمر الاتجاه الصاعد للدولار.
مع ذلك، ومنذ منتصف نيسان (إبريل) الماضي، صعد الدولار بشكل مطرد مقابل سلة من العملات الرئيسة الأخرى، التي تشمل اليورو، مدعوما بعلامات على وجود اقتصاد أقوى أضاف له أكثر من 5 في المائة من قيمته.
قال مارتن جارزيبووسكي، نائب الرئيس ومدير محفظة استثمارية في وكالة فيدريتيد إنفستورز Federated Investors: "الدولار الآخذ في الارتفاع يعني أن كثيرا من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، سوف تتعرض لرياح معاكسة من تقلب العملات".
كما يتزامن تحول الدولار في الفترة الأخيرة مع موسم تقارير الربع الأول للشركات الأمريكية. الارتفاع في نمو أرباح الشركات الأمريكية في أعقاب التخفيضات الضريبية، الذي يقدر بنحو 25 في المائة على أساس سنوي من قبل وكالة فاكت سيت، وإن أخفق في إعادة مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرة أخرى إلى ذروته القياسية التي حققها في أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي.
وهذا علامة على إحساس شائع بين بعض المستثمرين مفاده أن الأرباح ربما تكون قد بلغت ذروتها بالنسبة لهذه الدورة، مع تعزيز مثل هذا التخوف فيما لو اكتسب الدولار قيمة أكبر.
قال ديفيد دونابيديان، كبير الإداريين الاستثماريين في وكالة سي آي بي سي أتلانتك تراست: "أنا لا أعتبر هذا الارتفاع الذي حققه الدولار الذي بلغت نسبته ما بين 4 إلى 5 في المائة عامل تغيير كبير يؤثر في الأرباح". مع ذلك، أضاف أن الانتعاش في العملة "يدعم الفكرة التي مفادها أنه بعد الربع الثالث، سيكون هنالك تباطؤ في الأرباح".
بعض الصناعات والقطاعات حساسة أكثر من غيرها إزاء التحولات في الدولار. على سبيل المثال، شركات التكنولوجيا كمجموعة واحدة تستمد أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة.
كما تمتلك مجموعات المواد الغذائية الاستهلاكية الأساسية أيضا عمليات كبيرة في الخارج، في حين أن شركات الاتصالات والمرافق العامة وقطاع العقارات، محلية إلى حد كبير.
قال دونابيديان: "المصارف الإقليمية، وشركات البناء - هنالك مجموعة كاملة من الصناعات التي لا تمتلك حقيقة الكثير من النشاط خارج الولايات الخمسين، لكن هذه ليست بالخطوة الكبيرة الكافية لتحقق ذلك الهدف - على الأقل حتى الآن".
كما تظهر بيانات "فاكت سيت" أيضا أن محللي وول ستريت يتوقعون أن الشركات التي تجني أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة، سوف تبلغ عن زيادات أكبر في الإيرادات والأرباح خلال الربع الثاني، مقارنة بالشركات التي يكون تركيزها أكبر على الصعيد المحلي، وعلى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الإجمالي.
كما أن تحركات السوق هي أيضا علامة على أن التعامل مع اقتصادات خارج الولايات المتحدة لا يزال هو الخيار المفضل.
مؤشر نشاط الإيرادات ستاندرد آند بورز 500، الذي يقيس أداء الشركات المدرجة في المؤشر، التي تحقق نشاط إيرادات أعلى من المتوسط في الولايات المتحدة، انخفض خلال هذا العام، في حين ارتفع المؤشر الذي يقيس أداء الشركات ذات النشاط الأعلى من المتوسط خارج الولايات المتحدة بنحو 3 في المائة.
مع ذلك، ومع مرور الوقت، كان أداء النوع الأخير من الشركات مدفوعا بشكل أكبر بالمشاعر التفاؤلية أو التشاؤمية إزاء الصين، أكثر مما كان مدفوعا بتحركات الدولار.
الارتفاع الأخير الذي حققه الدولار يساعد على توضيح السبب في أن أسهم الشركات الصغيرة، التي يغلب عليها تحقيق معظم إيراداتها محليا، تفوقت في أدائها على مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
كما يتسبب التركيز المحلي أيضا بعزل الشركات ذات الرسملة الصغيرة عن التوترات التجارية التي ظهرت هذا العام، ويجعلها من أكبر المستفيدين من التخفيضات في معدل ضريبة الشركات ووضع اقتصادي اقوى.
وفقا لديفيد ليفكويتز، وهو خبير استراتيجي أول في مجال الأسهم لدى يو بي إس لإدارة الثروات العالمية، تشير الحسابات الأولية إلى أن تغييرا نسبته 10 في المائة في قيمة الدولار، يحفز تحولا نسبته 2 في المائة في الأرباح التي يحققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
قال ليفكويتز إن على الدولار "أن يرتفع بنسبة 10 في المائة أيضا قبل أن تنقضي تلك الرياح المواتية (بالنسبة للأرباح التي يحققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500). هذا التحرك محدود جدا ضمن النظام العام للأمور".
في الوقت نفسه، يقدم الدولار الأقوى والجنيه الأضعف فرصة لتعزيز الأسهم الدولية في لندن، حيث حقق مؤشر فاينانشيال تايمز 100 أعلى مستوى له على الإطلاق في وقت سابق من هذا الشهر.
قال جيمز إيلسلي، مدير محفظة أسهم بريطانية لدى جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "تستأثر أمريكا الشمالية بنحو 20 في المائة من جميع إيرادات المؤشر (مؤشر فاينانشيال لعموم الأسهم)"، مضيفا أن نحو 40 في المائة من أرباح الأسهم المدرجة في المملكة المتحدة يجري إعلانها بالدولار: "خذ بعين الاعتبار أسهم شركات النفط الكبرى، وشركة إتش إس بي سي. يمكنك الحصول على (تلك الأرباح) بالجنيه كمستثمر تعمل في المملكة المتحدة، لذلك فإن من الواضح أن قوة الدولار عامل مساعد هنا".
قال مايك فوكس، رئيس الاستثمارات المستدامة في شركة رويال لندن، إن الفروق في النمو - حاليا لصالح الولايات المتحدة على حساب كل من المملكة المتحدة وأوروبا - يغلب عليها أن تمثل دافعا قصير الأجل لأسعار صرف العملات الأجنبية الرئيسة. "إنها مفيدة جدا بالنسبة لشركات جلاكسو سميث كلاين، وأسترا زينيكا، وبريتيش بتروليوم".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES