FINANCIAL TIMES

النوم مدخل اكتشاف متلازمة «لغز الـ100 عام » .. خدمة للطب

النوم مدخل اكتشاف متلازمة «لغز الـ100 عام » .. خدمة للطب

الحاجة إلى النوم عادة محيرة للبشر. مع حلول الظلام، نخضع للغفوة الليلية، وهي فترة من الضعف تتضاءل خلالها الحواس وتسقط الدفاعات. حتى لو هرب الناس من التعرض للسطو أو القتل، فثمة خطر دائم بأن تصبح الغفوة المؤقتة دائمة - وأن يموت المرء على السرير. في حين أنني أحب أن أفكر في النوم باعتباره ممثلا بديلا عن الموت، إلا أنه من الأفضل وصفه بأنه إحياء معلق. هذا يجعله شيئا يضيء غوامض الموضوع بالنسبة إلى علماء الأعصاب الذين يستكشــــــــفون الحالات الوسيطة، التي تطفو بين الوعي الكامل والموت.
يمكن لإصابة الدماغ أو الأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر أن ينقل أحد الأفراد إلى عالم النسيان، حيث يجرِّده من بعض أو كل الوعي بالعالم. من المدهش أن بعض الباحثين يعتقدون أن إيقاعات نوم المرضى المصابين بإصابات دماغية شديدة، ربما تقدم أدلة على وعيهم وإدراكهم.النوم نتيجة لإيقاعات الساعة البيولوجية اليومية لدينا، ساعة الجسم الداخلية التي تجعلنا نتأرجح بين النعاس واليقظة. فريق من العلماء بقيادة كريستين بلوم، من مركز علم الأعصاب الإدراكي في جامعة سالزبورج، قاس درجة حرارة الجسم - وكيل إيقاع الساعة البيولوجية - في 18 مريضا مصابا بالمخ لمدة أسبوع.
في حين أن أجسامهم لم تكن مستجيبة ظاهريا، إلا أن ساعات أجسامهم كانت لا تزال تدق، بإيقاعات تراوحت بين 23 و 26 ساعة. وكلما كان إيقاع الساعة البيولوجية أكثر وضوحا، كما ذكرَتْ بلوم وزملاؤها في دورية "علم الأعصاب" في العام الماضي، ارتفع مستوى "الإثارة" الذي يسجله المريض ، وهي مجموعة من المقاييس المعيارية المستخدمة لقياس الوعي.
هذا اكتشاف مذهل: قد يرتبط الميل إلى "النوم" بمدى "استيقاظ" المريض غير الواعي. وخلصوا إلى أن التلاعب بإيقاعات الساعة البيولوجية، باستــــــــخدام الضوء الساطع ربما يكون له دور علاجي.
لذلك، ربما يصبح من الممكن استخدام أنماط النوم في يوم من الأيام للدخول إلى العقول التي لا يمكن الوصول إليها للمرضى، الذين يعانون من اضطرابات في الوعــي. وتنطبق تسمية اضطرابات في الوعي على كل أنواع الفظائع التي تدخل تحت هذه المظلة: الأكثر قتامة هي الغيبوبة، عندما يكون الشخص فاقد الوعي تماما ولا يستجيب، وعيونه مغلقة. فتح العينين، في غياب الوعي، نوبات تتطور إلى حالة غيبوبة؛ الاستجابة الأساسية الغريبة، مثل قبضة الإصبع، تدل على الانتقال التدريجي إلى حالة واعية بالحد الأدنى. يمكن أن تدوم كل من تدرجات البؤس المذكورة إلى أجل غير مسمى، وقياس التحسينات فن غير دقيق.
أفضل نتيجة للمرضى المصابين بغيبوبة، بالطبع، هي أن يعودوا إلى وعيهم بشكل كامل. ماذا عن العكس: النوم وعدم الاستيقاظ أبدا؟ بالنسبة للبعض، هذا حلم ينتهي بحياة عاشها الإنسان جيدا - الانتقال إلى سبات يعني في بعض الأحيان خاتمة كابوس لحياة لم تنته بعد. يمكن أن يؤدي التسمم بأول أكسيد الكربون وإيقاعات القلب غير الطبيعية إلى موت الشباب (وغيرهم) بشكل مأساوي أثناء القيلولة.
هناك 3500 حالة وفاة بين الرضع ذات صلة بالنوم كل عام في الولايات المتحدة. الحالات القصوى من توقف التنفس أثناء النوم الذي يتوقف الشخص فيه عن التنفس أثناء أخذ غفوة، يمكن أيضا يمكن أن تكون قاتلة. ثم هناك متلازمة الموت الليلي المفاجئة المبهمة Sunds. يُعرَف هذا القاتل بأسماء مختلفة طبقا للمناطق التي يطاردها: يسمى "لاي تاي" في تايلاند.
وهو نفسه "بن جن جوت" في الفلبين؛ وفي اليابان تسمى متلازمة الموت بوكيوري. عبارة "بن جن جوت" تعني أن تظهر وتتأوه أثناء النوم. "بوكيوري" تعني فجأة وبشكل غير متوقع.
متلازمة Sunds، كما هي معروفة في الولايات المتحدة والصين، موجودة بشكل كبير في جنوب شرقي آسيا. تم تسجيل المتلازمة لأول مرة في عام 1917.
رصد 12 حالة وفاة بين اللاجئين اللاوسيين إلى الولايات المتحدة في الثمانينيات جعلَتْها محط الاهتمام الدولي. لا تزال المتلازمة تبعث على الحيرة: مراجعة نشرت في مجلة الجمعية الأمريكية للقلب في آذار (مارس) الماضي، أطلقت على هذه المتلازمة وصف "لغز الـ100 عام".
يغلب على ضحايا هذه المتلازمة أن يكونوا شبابا أصحاء، غالبا من العمال، يموتون فجأة أثناء النوم، وأحيانا بعد الأنين أو الغرغرة – ولا يؤدي تشريح الجثة إلى معرفة أي سبب واضح. انتشاره المرتفع نسبيا بين المهاجرين أمر ملحوظ: ففي عام 1990، كان معدل حدوث Sunds واحدا من بين كل خمسة آلاف في تايلاند، لكنه أعلى بنحو أربعة أضعاف بين العمال التايلانديين في سنغافورة.
في حين أن المتلازمة لا تزال بدون تفسير، فقد كشفت عدة دراسات عن وجود ارتباطات وراثية حولها. يتكهن فريق بقيادة جينج جينج تشنج، من جامعة صن يات صن في قوانجتشو، الصين، بأن مزيجا غريبا من القلب المتضخم قليلا، والإجهاد الاجتماعي أو البيئي (مثل ما قد يتعرض له لاجئ أو عامل مهاجر)، والقابلية الوراثية المعززة للإصابة بأشكال معينة من أمراض القلب، قد تتآمر لإنتاج هذه النتيجة المميتة.
ومع أن مثل هذه الظروف نادرة، إلا أنها تغذي شكوكي المستمرة حول النوم كحالة وعي غريبة وحتى شريرة، فهي تجعل الساعات تختفي وتشوه الحقيقة.
السحر الليلي يمكن أن ينتج هذا النوع من كابوس الطفولة المليء بالحيوية الذي يثير القشعريرة في بدني حتى الوقت الحاضر: أن يطاردني ديناصور وردي بريش حول مدرستي الابتدائية.
هذا أمر جدي، وهو ليس مضحكا. على الرغم من جميع الأبحاث التي تفتح بصيرتنا بشأن النوم، لا يزال هناك شيء من اللبس يحيط بهذا الموضوع.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES