FINANCIAL TIMES

هجمة معاكسة.. صناعة النفط تتبنى تقنيات مركبات الكهرباء

هجمة معاكسة.. صناعة النفط تتبنى تقنيات مركبات الكهرباء

هجمة معاكسة.. صناعة النفط تتبنى تقنيات مركبات الكهرباء

كان مشروع استثمار شركة بريتيش بتروليوم الأسبوع الماضي في شركة ستوردوت، مطورة بطاريات الشحن فائقة السرعة، بقيمة 20 مليون دولار بمنزلةة "بقشيش" مقارنة بمليارات من الدولارات يتم صرفها في قطاع النفط والغاز سنويا، من قبل شركة الطاقة البريطانية.
على أن هذا الاستثمار جاء ضمن سلسلة من الصفقات التي أبرمت أخيرا من قبل شركة بريتيش بتروليوم والشركات المنافسة لها، التي تهدف إلى منحها مكانة في مجال تكنولوجيا المركبات الكهربائية، التي يعتقد كثير من المحللين أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى إحداث تراجع في الطلب العالمي على النفط.
قال أولاف ساكرز، الشريك في شركة مانيف للنقل، التي تعمل ضمن مجال رأس المال المغامر والمتخصصة في تكنولوجيا النقل: "إنهم يحاولون تحديد ما يمكن أن يحل مكان أفضل مصدر للأموال النقدية في العالم، وهو مشكلة صعبة للغاية".
إضافة إلى الاستثمار في شركة ستوردوت، وافقت شركة بريتيش بتروليوم على عقد شراكة في أيار (مايو) الماضي مع شركة نيو كابيتال للأسهم الخاصة الصينية، لأجل الاستثمار في تكنولوجيا "النقل المتقدم" في الصين.
جاء هذا عقب عملية الاستحواذ التي تمت في كانون الثاني (يناير) الماضي، على حصة في شركة فري واير الأمريكية التي تطور بنية تحتية للشحن السريع للسيارات الكهربائية.
في العام الماضي اشترت شركة رويال داتش شل "نيو موشن" الهولندية، لتشغيل واحدة من أكبر شبكات شحن المركبات الكهربائية في أوروبا، في حين تطور شركة توتال تكنولوجيا مركبات كهربائية للجيل المقبل، من خلال شركة البطاريات "سافت" التي تم الاستحواذ عليها مقابل مبلغ 1.1 مليار دولار في عام 2016.
هذه الاستثمارات جزء من جهود أرحب داخل سلسلة الإمدادات الكهربائية من قبل شركات النفط الأوروبية الرئيسة، تحسبا من أن تتخذ الطاقة المتجددة حصة أكبر من مزيج الطاقة العالمي، على حساب المواد الهيدروكربونية. تمتلك كل من شركتي شل وتوتال استثمارات تمتد عبر محطات طاقات الشمس والرياح وصولا إلى سوق الكهرباء الاستهلاكية.
على أن تلك الشركات وغيرها من شركات النفط الأخرى تبدي اهتماما أيضا بالتكنولوجيا المسؤولة عن تغيير أنماط وسائل النقل، مثل تشارك الركوب على غرار خدمة أوبر، وعلى المدى الأطول أجلا، المركبات ذاتية القيادة.
على سبيل المثال، شركة شل تمتلك حصة الأغلبية في شركة ناشئة في المملكة المتحدة تدعى فير بايلوت، التي تعمل على تشغيل تطبيق لمساعدة سائقي سيارات الأجرة وسيارات تشارك الركوب، في تحديد المناطق التي تحظى بطلب مرتفع لدى العملاء.
هذا الاستثمار، وغيره من الاستثمارات التي يمتلكها فرع رأس المال المغامر في شركة شل، تهدف إلى مساعدة هذه الشركة البريطانية الهولندية على مواكبة التكنولوجيات التي لديها إمكانية تعطيل النموذج التقليدي لملكية السيارات الخاصة، وتعبئة الوقود بالتجزئة على الطرقات.
يأتي أكثر من نصف الطلب العالمي على النفط من عمليات نقل الناس والبضائع، وما يزيد على الربع قليلا من سيارات الركاب وحدها. وقد اعترفت جميع شركات النفط الأوروبية الكبرى بأن هذا الطلب، من المرجح أن يبلغ ذروته في وقت ما خلال العقدين المقبلين، يعقبه تراجع بطيء بعد ذلك.
في مذكرتها حول الآفاق المستقبلية السنوية للطاقة التي نشرت في شباط (فبراير) الماضي، قالت شركة بريتيش بتروليوم إن عدد المركبات الكهربائية العاملة على الطرقات عالميا من المحتمل أن يصل إلى 300 مليون مركبة بحلول عام 2040، مرتفعا من أصل 3 ملايين مركبة اليوم.
هذا لا يشكل سوى 15 في المائة من أسطول السيارات العالمي، لكن المركبات الكهربائية سوف تشكل 30 في المائة من جميع النقل في سيارات الركاب، مقاسا بحسب المسافة المقطوعة، لأن الكثير من هذه المركبات سيكون من المركبات المشتركة، وبالتالي ستكون مستخدمة بشكل أكثر كثافة.
سبنسر ديل، كبير الاقتصاديين في شركة بريتيش بتروليوم، قال إن هذا الاتجاه سيتضخم أكثر عندما يتم دمج خدمة تشارك الركوب مع المركبات ذاتية القيادة.
وقال: "طالما أنك لن تكون ملزما بدفع الأجرة للسائق، ستنخفض تكلفة خدمات النقل المشتركة بنسبة تراوح ما بين 40 إلى 50 في المائة. سيحصل بعد ذلك ارتفاع كبير في عدد سيارات النقل المشترك، ومعظم هذه المركبات ستكون كهربائية".
تجادل شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة لإنتاج النفط في العالم، بأن توقعات "ذروة الطلب" مبالغ فيها.
ترى الشركة السعودية أن استهلاك النفط حتى عام 2040 سيكون مدفوعا بالأسواق الناشئة والشحن الثقيل والنقل الجوي، وهي أمور من الصعب تحويلها كهربائيا، كما تتشارك الشركتان الرئيستان الأمريكيتان إكسون موبيل وشيفرون الآراء نفسها.
من جهة أخرى، اشترى صندوق الاستثمارات العامة في السعودية حصة 5 في المائة في شركة أوبر، أكبر شركة لخدمات تشارك النقل في العالم، مقابل 3.5 مليار دولار في عام 2016، وهو مستثمر كبير في صندوق فِجِن التابع لشركة سوفت بانك، وهو صندوق ضخ مليارات الدولارات في استثمارات شركات تشارك الركوب الناشئة في كل قارة. رغم نظرتها حول الطلب على النفط، تستعد شركة أرامكو السعودية لمواجهة الاضطراب. قال ياسر مفتي، رئيس قسم التخطيط العام في الشركة، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" العام الماضي إن "سلسلة قيمة وسائل النقل بأكملها متاحة لمن يرغب".
وكانت شركة أرامكو السعــــــــــــودية تجري تقييما "للمجالات التي يمكن الاستثمار فيها، والمجالات التي يمكننا أن نصع أنفسنا فيها استجابة لأنماط النقل المتغيرة".
وحيث إن مركبات الركوب المشترك تصبح كهربائية بشكل متزايد، وفي النهاية مركبات القيادة الذاتية، يرى بعض المحللين أن شركات النفط الكبرى معرضة لخطر الاستبعاد التام من سلسلة القيمة المذكورة.
قال توني سيبا، وهو محاضر في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب: "التعطيل النظيف للطاقة ووسائل النقل": "لن يتم إجراء الشحن في المدينة حيث توجد محطات الوقود اليوم. بل سيكون خارج المدينة.
في الساعة الثانية أو الثالثة صباحا، ستخرج السيارات إلى المحطات الفرعية، حيث يتوافر جهد كهربائي مرتفع، ويتم شحن عشرات الآلاف

من السيــــــارات دفــــــعــة واحــــــــدة".
مجموعة مول، شركة تزويد النفط والغاز المجريّة، مضت إلى ما هو أبعد من معظم الشركات الأخرى، في استعداداتها لمواجهة هذا العالم الجديد. لقد أطلقت العام الماضي خدمة تشارك السيارات الخاصة بها في بودابست من خلال أسطول مكون من 300 مركبة، ثلثها من السيارات الكهربائية.
قال بيتر راتاتيكس، كبير الإداريين التشغيليين في شركة الخدمات الاستهلاكية التابعة لمجموعة مول: "نحن بحاجة إلى البدء في بناء نماذج أعمال الآن، لكي تكون جاهزة للاستخدام خلال 10 أو15 عاما".
نيل بيفرديج، وهو محلل لدى وكالة بيرنشتاين، جادل في تقرير هذا الشهر بأن نماذج الأعمال الحالية لشركات النفط، ربما يتبين أنها أكثر دواما مما هو متوقع. وقال إنه على المدى القريب، على الأقل، فإن شركة أوبر والشركات المنافسة لها تعمل على زيادة الطلب على البنزين، من خلال توسيع إمكانية الوصول إلى سوق النقل والتنافس مع وسائل النقل العام.
وقال: "تطبيقات استدعاء سيارات الأجرة تُبعِد الناس عن أنظمة النقل العام والتوجه نحو السيارات".
أندرو سمارت، العضو المنتدب للطاقة لدى شركة أكسنشتر، قال إنه ينبغي على شركات النفط ألا تعول على التحول البطيء: "لم يعد بمقدورهم الآن أن يضبطوا ساعاتهم حسب رغبتهم. سيتعين عليهم التحرك بالسرعة نفسها، في الوقت الذي تتطور فيه التكنولوجيا من حولهم، وهذا يمكن أن يتسارع بشكل سريع للغاية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES