ثقافة وفنون

قراءات

قراءات

قراءات

قراءات

الباندا

منذ خمسة عشر عاما مات والده. قتل نفسه برصاصة مسدس كان قد اشتراه ذات يوم للدفاع به عن نفسه وليس لقتل نفسه. اخترقت الرصاصة صدغه ليفارق الحياة التي أدهشته بكل ما فيها من دهشة وأدهشها بتلك الرصاصة بكل ما فيها من مباغتة غير متوقعة لأي أحد ما عدا أخته سعاد. كان العالم مدهشا بالنسبة إليه حتى على مستوى كسر بيضة في مقلاة، وكان يضحك كثيرا كلما كسر بيضة في مقلاة أو كلّما رأى أخته سعاد تكسر البيض في المقلاة، وكانت تشاركه هذه الضحكات دون معرفة دقيقة للسبب الذي يقوده للضحك في هذا الموقف.
لقد قتل عاصم التل نفسه في مكتبه ممددا على الأريكة التي بجانب النافذة المطلة على شارع طويل. أما النافذة الثانية فلقد كان يستطيع من خلالها رؤية البناء الذي يحتوي على شقته التي يعيش فيها مع زوجته رحاب وولده عمران وابنته جيداء وأخته سعاد.

شارع سالم

شارع سالم هو وطن. مسلوب مستعاد، فمسلوب ممن ناضلوا للحصول عليه. في الحقيقة، هو ليس وطنا بعد. هو حلم مثل جميع أوطاننا. فيه أبطال منسيون، وجنود مجهولون. فيه مشاغبون ومتحدو سلطة، وفيه خانعون. فيه كثير من المقاولين، وبعض القصور التي يعيش أصحابها عنهم وعن الآخرين. وفيه صبية لا تملك سلاحا غير قلمها.. وعيني مقاتلةٍ من البشمركة. عينان حالمتان، متوثبتان، رأتا أكثر من المسموح، تعلوان فما رفض أن يُكمّ.
في شارع سالم أيضا جلادون ضحايا ومساكين يذهبون كبش فداء وثوار محبطون، ورسائل تهديد تصادر حياة كل من يحلم بتغيير الواقع، والسير خطوة نحو الوطن - الحلم. هذه الرواية شهادة حية يبوح فيها كردي، بالعربية، بوجعه من الوطن... وعليه. المؤلف نزار آغري كاتب ومترجم سوري كردي.

وجه مارغريت

قبيح هو وجه الغياب. أصفر باهت، أسود معتم، مغبش زئبقي امحت ملامحه. مارغريت غابت ولم يبقَ منها سوى صورة. حملها المرض ذات صباح ولم تعد. أمام فاجعة الرحيل، لا يبقى هناك سوى جدار تخبط رأسك به حتى تدمى. إلا إذا قررت أن تنعطف بنظرك قليلا نحو الزاوية، حيث يقبع شباك لم يستسلم تماما للعتمة، يداعب خيوط الشمس التي تتسلل إلى السرير الفارغ البارد، ويراقص نغمات الحياة التي تقتحم عزلة منفاك الطوعي. تتوه في الشوارع باحثا عن وجهها ولا تجده. وجهها المضيء انطفأ ولم يبقَ منه سوى وجه الرحيل القبيح. لذلك الوجه ستبوح، وستحكي القصص. ستحكي الحكايات لتنام الصغيرة. ستسرد عليها ما لم يتح لك عمرها القصير سرده. ستهدهد روحها بقصص عن أشخاص عاشوا حيوات مبتورة مثلها، وآخرين أهدت إليهم الأقدار أحلاما ملونة... ولن تسأم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون