Author

رعونة السياسات .. وتصدع اقتصاد قطر

|
بعد عام من مقاطعة الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، نظام الدوحة، تظهر معالم التصدع في الاقتصاد القطري، وإذا كان كثير من البيانات يتم إخفاؤها من قبل النظام الحاكم في الدوحة، فإن هناك من المؤشرات ما لا يستطيع أن يخفي معالمها، هذه المؤشرات هي مرآة الاقتصاد الحقيقية، ونستعرضها كما يلي: أولاً: أسعار الفائدة التي تظهر بدقة ما يحدث للاقتصاد من ندرة في الموارد، وكلما ارتفعت الفائدة كانت الموارد أكثر ندرة، وكان الاقتراض الإضافي سيد الموقف في الاقتصاد، كما أن مخاطر الائتمان ترتفع، ولهذا يتم التعويض عن تلك المخاطر برفع الفائدة، ومهما بلغت أساليب الهروب من المشكلة والتلاعب الإعلامي بالبيانات الاقتصادية تظل هذه المؤشرات راسخة لا يستطيع الاقتصاد الفكاك منها، وفي هذا الجانب، وبحسب تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" استند إلى بيانات البنك المركزي القطري، فإن ودائع الشركات والمؤسسات منذ عزلة قطر، تراجعت بنحو 15 في المائة، بـ 32.1 مليار ريال قطري، وبدأت المصارف القطرية سعيها إلى الحصول على التمويل بطرق باب الأسواق الخارجية، بدلاً من الاعتماد بشكل رئيس على الدعم الحكومي، وهذا أثر في أسعار الفائدة التي قفزت بوتيرة عالية، حيث بلغت نسبة لم تبلغها بقية دول الخليج المجاورة التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي؛ حيث ارتفعت الفائدة بين المصارف القطرية لأجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوياتها، إذ بلغ معدل الفائدة نحو 3.5 في المائة، مقارنة بنحو 2.1 في المائة قبل عام بزيادة بلغت 125 نقطة أساس، في حين تبلغ معدلات الفائدة في الإمارات والسعودية عند 2.14 في المائة، و2.3 في المائة على التوالي. وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن الحصول على النقد لتمويل الاقتصاد سيكون صعباً للغاية وتكلفة تشغيل الاقتصاد ستكون باهظة جداً، وقد تعلن قطر إفلاسها. ثانياً: حركة الودائع التي من المعلوم أنها ترتفع كلما ارتفع سعر الفائدة إلا في حالة القلق من حالة الاقتصاد، فإنها تكون مؤشراً سلبياً، وخاصة إذا صاحبها انخفاض الودائع، وهذا هو مشهد الاقتصاد القطري. فقد تم رفع سعر الفائدة أعلى من المعدل السائد في اقتصاد المنطقة، ومع ذلك فقد انخفضت الودائع بالعملات الأجنبية، حيث تراجعت إلى نحو 56.1 مليار ريال قطري، من 71.2 مليار؛ الأمر الذي اضطرت معه الحكومة إلى ضخ أموال في المصارف بقيمة 8.8 مليار ريال قطري، وهذا الإجراء للمحافظة على سلامة النظام الذي بدأ يتداعى فعلاً. ثالثاً: سوق الأسهم، وهي المرآة الفعلية للإنتاج، وإذا ربطنا الإنتاج بقدرة الشركات على الحصول على تمويل، ومع ارتفاع أسعار الفائدة نجد أن تكلفة خدمة الدين في الشركات المساهمة القطرية ترتفع، ومع صعوبة إيجاد أسواق قوية للشراء بعدما تم إغلاق السوق السعودية، فإن الوضع الطبيعي هو استمرار البورصة القطرية في التراجع بوتيرة قياسية، مسجلة مستوى يعد الأدنى في خمس سنوات. هذا التراجع الذي يشكل مساراً لا يمكن الخروج عنه يجعل تقييم كثير من الوسائل المالية رديئاً جداً، ويحوّل كثيراً من الخسائر غير المحققة إلى خسائر محققة، وهو ما قد يهوي بأرباح الشركات القطرية بصورة دراماتيكية ويقود البورصة إلى انهيار شامل. رابعاً: قطاعا السياحة والعقار، وهما من أهم ركائز الاقتصاد القطري في السنوات الأخيرة، فقد أشارت تقارير عدة إلى أن خسائر قطاع السياحة تقدر بنحو 600 مليون دولار، بينما تراجعت أسعار العقارات بنسبة 10 في المائة، وجاء أكبر الخاسرين من المقاطعة مجموعة الخطوط الجوية القطرية؛ حيث تراجعت أعداد زوار قطر بنحو 20 في المائة، وانخفضت الرحلات إلى الدوحة بمعدل 25 في المائة ورحلات الخطوط القطرية بنحو 20 في المائة، وتقدر خسائر الخطوط الجوية القطرية بنحو ثلاثة مليارات دولار. وهكذا تبدو الصورة الحقيقية للاقتصاد القطري وهو يتداعى نظراً للسياسات التي تتصف بالرعونة سواء في الجانب السياسي وعدم احترام الجار، أو في جانب التخطيط الاقتصادي، وفشل الاختيار الصائب للاستثمارات.
إنشرها