Author

أصوات عكاظ

|
في "عكاظ" التي تتجدد سنويا، هناك عناق بين البلاغة والشعر والفن والتراث والتاريخ. إذ تتداعى قصص المكان وشخوص الماضي، التي تأتي حاملة القصيد والكلام البليغ والتواصل الاجتماعي والحضاري والتجارة وتبادل الآراء والأفكار والأخبار. كل هذا الزخم الذي تحمله "عكاظ"، يعطي فرصا كبيرة كي يغدو المكان نقطة التقاء عربية وعالمية، في أرض كانت ولا تزال محطة حضارية مهمة. لقد خلدت الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم، قصة أبي البشر إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، إذ تركه ووالدته هاجر في واد لا زرع فيه، كانت تلك الأرض هي مكة المكرمة التي لا تبعد كثيرا عن الطائف. شهدت مكة المكرمة بعد نبع زمزم تجمعا عربيا غير بعيد عن الطائف، وازدانت مكة المكرمة بالبيت الحرام، الذي رفع قواعده أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل بعد سنوات من ظهور زمزم. كان هذا جانب من الجوانب التي شهدتها الجزيرة العربية، لتكمل تأسيس فعل حضاري لم يكن عابرا. وإن تواطأ البعض لعقود على تكريس صورة ضبابية عن ذلك التاريخ الذي شهد تواصلا مع مختلف الحضارات. وقد بدأنا نتحدث حاليا عن ارتباط الجزيرة العربية بالإنسان الأول باعتبار أن موطئ قدمه كان هنا. وعندما ينطلق مهرجان عكاظ في شوال المقبل، في دورته الثانية عشرة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـــ يحفظه الله ـــ، فإن الذاكرة بكل ثرائها تستجلب جانبا من ذاك التاريخ. عكاظ كانت سياحة وثقافة وتجارة ومعرفة وعلاقات نسب ومصاهرة. وهي حاليا تتعزز لتصبح مهرجانا يتكئ على إرث عريق، وتنتظره فضاءات عالمية كبرى. وفي ظل الظروف العربية الحالية يكاد عكاظ يغدو الحاضنة الأولى لأصوات العرب. كان الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني دقيقا وهو يؤكد أن المملكة كانت معبرا وشريكا في كل الحضارات الإنسانية، وآن الأوان كي نباهي بذلك.
إنشرها