FINANCIAL TIMES

ملياردير يحلم بـ «عولمة» الكرة الروسية .. على هامش المونديال

ملياردير يحلم بـ «عولمة» الكرة الروسية .. على هامش المونديال

ملياردير يحلم بـ «عولمة» الكرة الروسية .. على هامش المونديال

في إحدى ليالي مطلع شباط (فبراير) الباردة، حضر فريق ريال مدريد إلى جنوب روسيا لخوض مباراة نهائية ضد الفريق المحلي الناشئ إف سي كراسنودار.
سيرجي جاليتسكي، الملياردير المالك لفريق كراسنودار، كان يشاهد المباراة من على المدرجات، في مباراة بيعت فيها كل التذاكر، فيما يلوح 34 ألف متفرج بأوشحة خضراء وسوداء اللون، عندما بادر الفريق المضيف بتسجيل هدف ضد العمالقة الإسبان.
من خلال لعبة تمرير سريعة جعلها جاليتسكي العلامة المميزة للنادي، سيطر فريق كراسنودار على اللعب واقترب من تحقيق الفوز - قبل أن يتخاذل في النهاية بعد تعرضه لضغوط ضربة الجزاء.
مع ذلك، كان خوض تلك المباراة ضد الفريق الضيف اللامع بمنزلة إنجاز مثير للإعجاب، ولا سيما أن تلك كانت لعبة شباب في فريق لم يكن حتى موجوداً، عندما ولد هؤلاء المراهقون الموجودون في الملعب.
أن تلعب ضد ريال مدريد في دوري شباب أبطال أوروبا، فهذا أمر، أما إن حصل جاليتسكي على ما يريد، فسيكرر فريق كراسنودار قريبا تلك المفخرة في دوري الأبطال، أعلى منافسة للنوادي في أوروبا.
بعد الحصول على 2.45 مليار دولار هذا العام من خلال بيع معظم حصته في سلسلة محال سوبرماركت ماجنيت، ذات الأسعار المنخفضة التي أسسها قبل 20 عاما، يكرس جاليتسكي حياته لمهمة تحويل فريق كراسنودار إلى فريق قوي في مجال كرة القدم.
هو ليس الروسي الأول، الذي ينفق بسخاء على فريق لكرة قدم. مع ذلك، وبدلا من الإنفاق على شراء لاعبين أجانب مكلفين أو شراء فريق في إنجلترا، يحلم جاليتسكي بالفوز بالجوائز من خلال فريق مكون من لاعبين محليين.
في عصر من الوكلاء الفائقين ورسوم انتقال باهظة، يبدو هذا هدفا مستحيلا. لتصوير الأمر ضمن منظور معين، حتى نادي برشلونة أشرك في اللعب (مرة واحدة فقط) أول دفعة من 11 لاعبا من اللاعبين المحليين، من أكاديمية لاماسيا الشهيرة في التاريخ الحديث.
هذا لم يفت في عضد جاليتسكي، البالغ من العمر 50 عاما، فقد أسس فريقه كراسنودار من الصفر عام 2008، وأنفق منذ ذلك الحين 90 مليون دولار على أحدث المرافق الفنية في ملاعب التدريب الخاصة بالفريق، حيث يعيش 320 شخصا اللاعبين المتوقَّعين من أعضاء فريق الشباب، وهناك 11 ألف طفل آخر من كل أنحاء المنطقة الموزعين على 27 ملعبا.
إن نجح في مهمته، فسيكون ذلك دفعة قوية لكرة القدم الروسية، التي تعاني حالة مزرية عشية استضافة بطولة كأس العالم التي سيحضرها جمهور عالمي.
يعتبر الفريق الوطني على نطاق واسع بأنه أسوأ فريق مثَّل البلاد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. في التصنيف الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، يحتل الفريق المرتبة رقم 66 (من الفرق المشاركة في بطولة كأس العالم).
وتضررت استعدادات الفريق بسبب الخلافات بين المدرب ستانيسلاف تشيرتشيسوف وعدد من أفضل اللاعبين في روسيا. وبلغ مستوى غياب المشاركة من المواهب الشابة المحلية أن البرازيلي ماريو فيرنانديس، الذي يحمل الجنسية الروسية، ربما يبدأ في الانضمام إلى لاعبي الدفاع، جنبا إلى جنب مع سيرجي إيجانشيفيتش البالغ من العمر 38 عاما. يشعر المشجعون بالغضب خوفا من إمكانية فشل الفريق في تجاوز مرحلة المجموعات - وهو إحراج حصل سابقا لدولة مضيفة واحدة في تاريخ البطولة.
خارج الملعب، هنالك فريقان من الدوري الروسي الممتاز في الموسم الماضي على وشك التعرض للإفلاس. نصف ملاعب كأس العالم الجديدة لن تستضيف مباريات الدرجة الأولى في الموسم المقبل.
بعضها موجود في مدن مثل سوتشي وسارانسك، اللتين لديهما مسؤولون أقوياء يحشدون الدعم لمصالحهم، لكنهما تفتقران إلى البنية الأساسية اللازمة لدعم فريق كرة قدم جاد.
هل بإمكان أساليب جاليتسكي تأمين مسار محتمل للخروج من هذا المأزق؟ مع فريقه الشاب الذي لم يحقق حتى الآن أي فوز كبير، كان مالك الفريق حذرا في التقليل من شأن إنجازاته: لم يعطِ أي مقابلات سنوات عدة، ورفض التحدث مع صحيفة فاينانشيال تايمز من أجل هذا المقال، لكنه يظهر من حين إلى آخر عبر شاشة التلفاز ليتكلم حول رؤيته المستقبلية.
قال في نيسان (أبريل) الماضي، بعد تبديل مدرب النادي صاحب الخبرة بأحد لاعبي فريق كراسنودار مراد موساييف، مدير فريق الشباب البالغ من العمر 34 عاما: "كل هذه القصص الرهيبة التي تقول إنه ينبغي لنا التخلي عن أفضل لاعبي كرة القدم لدينا، بحيث يشاهد الأجانب المباريات بدلا من أن نشاهدها نحن ... فإن ذاك هو الدوري الخطأ والأشخاص الخطأ – إنه أمر مخجل إلى حد كبير".
قال جاليتسكي: "لا أريد لاعبا أجنبيا مثل ثوماس توتشيليس أو أي لاعب أجنبي آخر"، مشيرا إلى المدير الألماني الذي تم التعاقد معه أخيراً لإدارة فريق باريس سان جيرمان الرائد في فرنسا. "مراد ينتمي إلى فريق كراسنودار، وهذا أمر مهم جدا - لقد فقدنا هويتنا الوطنية".
في حين أن قلة من الناس في قطاع كرة القدم الروسية تختلف معه في الرأي، إلا أن انتقادات جاليتسكي أثارت موضوعا حساسا لدى المصالح القوية المسؤولة عن إدارة اللعبة في البلاد.
بصرف النظر عن كراسنودار، هنالك أربع فرق أخرى من الدوري الروسي الممتاز مملوكة من قبل القطاع الخاص. حاولت عدد من الحكومات الإقليمية التي تمتلك فرق كرة قدم بيع النوادي إلى مستثمرين محليين وفشلت.
يقول أنتون أليخانوف، محافظ كالينينجراد، المدينة التي ستستضيف إحدى مباريات كأس العالم لإنجلترا، على الرغم من أن الفريق المحلي، بالتيكا، أمضى 20 عاما خارج المجموعة الأولى، إلا أن "هنالك جاليتسكي واحدا فقط. لا أحد يشتري فريقا ويتمكن من إدارته طوال فترة حياته. الرعاية لا بأس بها، لكن لإدارة فريق أنت بحاجة لشخص ما لديه كثير من الأموال، ويحب كرة القدم بشكل كاف يجعله ينفق عليها".
كيريل ديمينتييف، معلق رياضي في تلفزيون الدولة يتواصل مع جاليتسكي، هو أحد الذين يرون أن النوادي الأخرى بحاجة إلى الاقتداء به. وقال لي: "نحن بحاجة إلى أن نفعل ما فعله جاليتسكي، لم يحاول أحد قط القيام بذلك. الآن جاليتسكي أظهر أن الأمر يمكن القيام به. نحن بحاجة إلى أن نجعل نموذج كراسنور ينطبق على البلد بأكمله".
جاليتسكي، رجل نحيل طويل قوي العضلات له أنف حاد وشعر آخذ في المشيب على شكل قصعة على الرأس، هو شخص لم تكن له علاقة بكرة القدم طيلة حياته.
لقد نشأ في لازاريفسكوي، إحدى ضواحي سوتشي، باسم سيرجي أروتيانيان، ومن ثم غيَّر اسم عائلة والده الأرمني باسم عائلة زوجته. بعد تخرجه في الجامعة، عمل في مصرف، وكان يتاجر في مستحضرات التجميل قبل افتتاح أول متجر لشركة ماجنت في كراسنودار عام 1998.
قال جاليتسكي في مقابلة أجريت معه عام 2011: "من الواضح أننا نواجه المشكلات طوال الوقت. على سبيل المثال، بعد أن أسسنا فرعا لنا في إحدى المدن ورفضنا دفع الأتاوة، قام شخص ما بوضع إكليل جنازة على باب شقتي، مع ملاحظة موقعة باسم "من الأخوة المحلية". شخص آخر قذف بقنبلة على مكتبنا. جاء بعض الناس إلى أحد متاجري ومعهم أسلحة آلية".
بحلول عام 2008، أصبحت "ماجنيت" ثاني أكبر سلسلة روسية لمحال التجزئة، حيث تجنبت موسكو إلى حد كبير وركزت على المقاطعات في روسيا، وأصبحت شركة عامة مدرجة في لندن.
جالتسكي ينسب صعود الشركة إلى عمله الجاد على التفاصيل. للتصدي لمشكلة المسافات الطويلة في روسيا والطرق الرديئة، قام بتأسيس نظام لوجستي لتعقب مخزونات متاجر ماجنيت في المدن النائية، في الوقت الذي يحسب فيه قابلية تلف الإمدادات البديلة.
في إحدى المراحل، قامت متاجر ماجنيت بخفض سعر الموز بمقدار روبل وزادت المبيعات بمقدار 100 طن يوميا.
طوال الوقت، ظل مركز ماجنيت في كراسنودار، مدينة غير لامعة ذات بنايات غير عالية تعاني حركة مرورية أسوأ من تلك الموجودة في موسكو. كان يبدو أن عقلية الشخص غير المنتمي تحرك جاليتسكي.
لقد أصبح واحدا من عدد قليل جدا من رجال الأعمال الروس الذين حققوا ثروة من الصفر دون خصخصة الموارد الوطنية بأسعار رخيصة، أو الاستفادة من العلاقات مع المسؤولين السياسيين.
وقد كان واحدا من الأعداد القليلة التي تعيش خارج موسكو أيضا: وهو يتباهى بأنه لم يحدث أن زار مدينة سان بطرسبرج، وقال إنه يجد من الصعب قضاء أكثر من أسبوع في كل مرة في أوروبا. الجانب الواحد الذي هو قاسم مشترك بينه وبين فئة القلة الثرية - بصرف النظر عن اليخت الذي يمتلكه - هو حبه كرة القدم. بإلهام مستوحى من بيب جوارديولا من فريق برشلونة الذي لا يقهر، مع اقتناعه بأن كراسنودار يمكنه أن يطمح لتحقيق إنجاز أفضل حتى من برشلونة، شجعهم جاليتسكي على ممارسة كرة قدم متطورة في ملاعب ليست بحال أفضل من طرق روسيا.
قد تنتهي المباريات عادة بنتيجة 5 إلى 3. "كراسنودار يأخذ اللعبة إلى الفرق. إن لم يكن هنالك فرق، يقول جاليتسكي، "لماذا نلعب بهذه الطريقة؟"، بحسب ما يستذكر دانيل شيبيتينا، أحد مؤيدي فريق كراسنودار الأوائل.
بعد مضي عقد على تلك الفترة التأسيسية، فإن المدرب المسؤول عن إدارة أكاديمية كراسنودار المهمة للغاية هو ألكساندر مارجانوفيتش. المجمع الذي يضم الأكاديمية، بما يحيط به من الممرات المحاطة بالأشجار والمباني الخضراء والرمادية المتلألئة، يبدو وكأنه مجمع في وادي السيليكون أكثر من كونه ملعبا لتدريب كرة القدم.
يجري تدريب الأطفال على المعدات التي تشمل واحدة من آلات التدريب القليلة في العالم والمصنوعة في ألمانيا، وهي رجل آلي بكلفة 3.5 مليون دولار يطلق كرات على اللاعبين بغية شحذ ردود فعلهم وسيطرتهم على الكرة.
وحيث تبحث الفرق الروسية الأخرى عن مواهب شابة طموحة في البلاد، فإن ثلثي لاعبي فريق كراسنودار من اللاعبين المحليين. تعطيهم الأكاديمية تعليما ثانويا متكاملا، بما في ذلك مساقات في اللغات الأجنبية والرياضيات والشطرنج، الشغف الآخر لجاليتسكي. طاهر خوليكبيردييف، طاه محلي وواحد من أبرز مؤيدي الفريق، يقول: "يرغب كثير من الآباء في أن يلتحق أبناؤهم بهذه الأكاديمية - حتى إن لم يتمكنوا من الوصول إلى مكانة لاعبي كرة القدم المحترفين، فإنهم سيظلون أشخاصا أذكياء وماهرين".
مارجانوفيك الصربي يتفق معه في الرأي. "إنه حلم. والأولاد لا يدركون أنهم ينتهي بهم المطاف في أفضل مكان ممكن". خلال ثلاث أو أربع سنوات، يعتقد أن من 14 إلى 15 لاعباً من تشكيلة أول لاعبي فريق كراسنودار، سيكونون من خريجي الأكاديمية. "قبل ست سنوات، حصلنا على نتيجة 4/ صفر أمام فريق إنتر ميلان في الدقائق العشرين الأولى. أما الآن، فالقصة مختلفة تماما".
قبل عشر سنوات، كانت كرة القدم الروسية في أوجها: فقد وصل الفريق الوطني إلى الدور نصف النهائي من بطولة يورو 2008، وفاز فريق زينيت من سان بطرسبرج ببطولة دوري أوروبا، وبعد ذلك بفترة قصيرة حصلت روسيا على حق استضافة بطولة كأس العالم.
يُنظَر إلى الفترة المذكورة الآن وكأنها عقد ضائع. قانون الحصص الذي يقضي باقتناء الفريق ما لا يقل عن خمسة لاعبين روس، كان له أثر سلبي على المواهب المحلية، التي تعرضت للركود بسبب رواتب تتجاوز كثيرا ما يمكنهم الحصول عليه في بطولات أوروبية أكثر تنافسية.
يقول معلق الرياضة ديمينتييف: "في التسعينيات، لم يكن هنالك مال. ومن ثم عندما جاء المال، حوَّلنا لاعبينا إلى منحرفين من حيث إغراء العقود الكبيرة، ولم يحرزوا أي تقدم. بنفس الأسلوب الذي ارتفعت فيه أسعار النفط من عام 2003 إلى عام 2012 لن نحصل على ذلك النوع من المال مرة أخرى أبدا".
مع ذلك، اتخذ فريق كراسنودار النهج نفسه الموجه نحو مراعاة التكاليف، الذي كان السبب في صعود متاجر ماجنيت. مكانته كواحد من النوادي القليلة المستقرة ماليا في البلاد آتت أكلها عام 2011، عندما رُقِّي فريق كراسنودار إلى الدوري الممتاز، بعد أن أعلن فريق أعلى مكانة أنه لا يمكنه تحمل العبء المالي المترتب على المشاركة، وقرر الانسحاب.
مع ذلك، ومثل متاجر ماجنيت، اختفى فريق كراسنودار من على شاشات الرادار. بعد التخلي عن خطط لإقامة ألعاب بطولة كأس العالم لمصلح سوتشي بدلا من كراسنودار، أنفق جاليتسكي نحو 300 مليون دولار لبناء ملعب على طراز ساحة الكوليزيوم في روما. تم افتتاح الملعب عام 2016 مع شاشة ملتفة حول المقصورة العلوية، وسلسلة طويلة من الأعمدة وواجهة مرتفعة، باستخدام النوع نفسه من الحجارة التي استخدمت في الكوليزيوم.
المتنزه الذي ما زال قيد التوسع بجانبه، مع مروج أعشاب متموجة، ومسرح نصف دائري يعرض مباريات كراسنودار التي تقام في الخارج وحديقة تزلج، تمتلئ بالعائلات خلال عطلة نهاية الأسبوع، بغض النظر عما إذا كان الفريق يلعب هناك أم لا.
فابيو كابيلو، المدير السابق في إنجلترا وروسيا، قال إن الخدمات والمرافق لدى الفريق هي الأفضل في العالم، وستتدرب إسبانيا هناك ضمن مباريات كأس العالم.
كما أن الجو السائد خلال أيام المباريات مختلف جدا عن الجو السائد في أي مكان آخر، بسبب عنصر الشغب سيئ السمعة الذي تُعرَف به روسيا.
بضع عشرات من المشجعين "المتحمسين للغاية" ينشدون أناشيد في المقاعد الجنوبية، حيث يضيع صوتهم بسبب الصوت الصادر عن مجموعة أكبر بكثير من الأطفال من الأكاديمية.
جاليتسكي حاول حظر إطلاق الشتائم في الملعب، بحيث كافأ المشجعين المؤدبين على الجانب الآخر، بتذاكر مجانية لهم لحضور الموسم المقبل، حتى إنه خاطب الطاهي وطلب منه خفض حدة كلامه وانتقاداته ضد يوري جازينسكي، لاعب الوسط الدفاعي البطيء في فريق كراسنودار.
خوليكيبيردييف، رجل قوي البنية وسمين بوشم على ساعديه - أحدهما شعار الثور لفريق كراسنودار - ولحية طويلة، هو واحد من عدد قليل من المشجعين لفريق كراسنودار، الذي يبدو وكأنه من أنصار كرة القدم المتشددين. ومع ذلك يعترف قائلا: "الناس تدعم فريق كراسنودار؛ لأننا في الدوري الممتاز. إنها علامة تجارية جيدة".
بحلول عام 2014، كانت شركة ماجنيت أكبر شركة خاصة في روسيا، بقيمة تزيد على 30 مليار دولار. مع ذلك، وفي الأشهر التي تلت ضم روسيا إلى شبه جزيرة القرم، حظر فلاديمير بوتين استيراد معظم المواد الغذائية الغربية ردا على العقوبات المفروضة، بحيث أدى ذلك إلى خسارة شركة ماجنيت المليارات من قيمتها السوقية.
في ذلك الصيف، اجتمع كبار رؤساء نوادي كرة القدم في روسيا لمناقشة ما إذا كانوا يريدون قبول انضمام فرق القرم للدوري الروسي. حرصا منهم على إظهار حسهم الوطني، لكن لخشيتهم من أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى فرض عقوبات يمكنها تعريض بطولة كأس العالم للخطر، اختلف رؤساء الفرق حول ما إذا كانوا سيطلبون من بوتين تحديد ما يريده منهم.
كان جاليتسكي يعلم أن التصويت لمصلحة إدخال الفريق في الدوري الروسي سيجعل منه هدفا واضحا للعقوبات الأمريكية. وقد كان مستعدا للتضحية بشركة ماجنيت - بناء على أوامر بوتين.
وقال: "أود استشارة الرجل رقم 1. لن أكون مستعدا للتخلي عن جهودي المبذولة منذ 25 عاما إلا بعد أن يحصل ذلك"، وفقا لوثيقة مسربة حول الاجتماع. "أنا على استعداد لخوض حرب من أجل بلادي، لكنني لست مستعدا لتعريض رأسي للخطر دون سبب وجيه". في نهاية المطاف، تم تأسيس دوري منفصل لجزيرة القرم كحل وسط.
بدلا من ذلك، انتهي المطاف بجاليتسكي إلى أن يضحي بشركة ماجنيت هذا الشهر مقابل سعر مخفض في صفقة أسهم خاصة مدعومة من الدولة. كانت المشكلات تعتمل منذ سنوات. اشتكى المستثمرون من أنه كان يتجاهل العمليات التشغيلية اليومية. وانخفض سعر السهم في الشركة إلى النصف في الأشهر الستة، قبل أن يبيع جاليتسكي معظم حصته إلى "في تي بي"، وهو مصرف تابع للدولة الروسية.
همس البعض بأن الكرملين أرغمه على الخروج. قال أحد رجال الأعمال: "ليس هنالك أي مكان أقرب للناخبين من محال السوبرماركت ذات التكلفة القليلة في المقاطعات.
في المرة المقبلة التي تحصل فيها أزمة، كل ما يلزم هو إرغامهم على خفض الأسعار". الناس الذين يعرفون جاليتسكي يعتقدون أنه شغوف للغاية بكرة القدم إلى درجة أنه فقَدَ اهتمامه بشركته ماجنيت. يقول أحد المصرفيين الذين شاركوا في تحويل شركة ماجنيت إلى شركة عامة: "محور تجارة التجزئة هو الناس والحوافز. وقد فقدوا ذلك الآن".
وحيث إن أصبحت وراء ظهره، إلى أي مدى يستطيع جاليتسكي أن يأخذ حلمه في كرة القدم؟ حتى المعجبون به يعترفون أن نادي كراسنودار لن يحظى أبدا بالقوة المالية التي تؤهله للمنافسة مع النوادي الأوروبية الكبرى.
يقول جيرمان تكاتشينكو، الذي يدير وكالة للإدارة الرياضية تمثل فيودور سمولوف، المهاجم الدولي الروسي في كراسنودار: "إنه مفاوض قوي للغاية وهو شديد بالنسبة لانتقالات اللاعبين. من الصعب تماما تغيير رأيه – ولكنك بحاجة إلى أن تدفع المال لتصل إلى المستوى التالي".
تكاتشينكو، الذي كان في السابق مديرا لنادي ماكاتشكالا، وهو ناد داغستاني ذي درجة متدنية نجح فترة قصيرة حطم الأرقام القياسية العالمية للإنفاق على اللاعبين من أمثال صامويل إيتو وروبرتو كارلوس، يحذر من أن جاليتسكي يمكن أن يصبح "سجين فكرته الذاتية مع الأكاديمية. إنها مهرب من إنفاق المزيد. إنه عبقري. هذا أمر لم يسبق له مثيل في أي مكان".
يبدو من المرجح أن سمولوف سيغادر إلى أوروبا بعد مباريات كأس العالم. في ملعب الشباب في كراسنودار، الخطة هي تطوير الجيل التالي من النجوم الروس لتكتسب الزخم الآن.
في المباراة الأخيرة للموسم في أيار (مايو) الماضي، شاهد جاليتكسي فريق الشباب دون سن 21 سنة وهم يحققون أول لقب لهم. بعد ذلك اصطف جمهور من ألفي شخص، معظمهم من الأطفال من أكاديمية كراسنودار وآبائهم، يطلبون أخذ صور سيلفي مع جاليتسكي.
عند الصفارة الأخيرة، حمل اللاعبون مدربيهم إلى الهواء. واندفع جاليتسكي إلى الملعب ووقف لأخذ صورة تذكارية مع الفريق.
يقول مارجانوفيتش: لقد فازوا لتوهم بدوري الشباب – خلال ثلاث أو أربع سنوات يمكنهم الفوز بالدوري الروسي". ليست الكؤوس هي التي تحفز جاليتسكي. ويقول: "إنه يعيش مع هؤلاء الأطفال. وهو يعرفهم منذ أن كانوا في الثانية عشرة. لا تستطيع أن تشتري هذا النوع من السعادة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES