Author

وزير الثقافة .. وإطلاق المراكز الثقافية

|
لحظة تاريخية فارقة في مسيرة المملكة التنموية بتأسيس وزارة مستقلة تعنى بالثقافة في المملكة، وتعيين الأمير بدر بن فرحان وزيرا لها. والأمير بدر من الكفاءات التنفيذية النشطة، التي كانت لها نشاطات ملموسة في الهيئة الملكية للعلا ومعهد مسك وغيرهما ويؤمل منه الكثير. وقد كان الخبر بشرى لكثير من المثقفين والمهتمين، الذين يرون أن الوزارة الجديدة جاءت في الوقت المناسب لتعزيز المنجز الثقافي، واستثمار الطاقات البشرية التي تتميز بها المملكة لصناعة منتج يليق بها. فالثقافة بمفهومها العميق واجهة الشعوب، والمؤثر الأكبر في حياة المجتمعات، ولا شك أن المرحلة السابقة لم يكن الحراك الثقافي فيها كما يجب، بل كان ضعيفا ومحدودا مقارنة بما يضمه وطننا من مؤسسات ثقافية وتعليمية وكفاءات، ومواهب، وإبداعات. وأسفر هذا الفراغ عن تصدر المشهد مناشط شعبية، ومبادرات فردية مبعثرة، وغير ناضجة، لا تعبر عن هويتنا الحقيقية، ولا تمثل العمق والتنوع الثقافي لأرض الجزيرة العربية مهد الإبداع الإنساني والحضارات. وكان من أسبابها غياب الرؤية، وتوجس المجتمع، وتعدد المرجعيات، ووجود مؤسسات ضعيفة وخاملة لم تستطع تقديم ما يطمح إليه الناس من حركة ثقافية نشطة راقية، تسهم في التغيير الإيجابي، وتعزز قيمة الفرد والدولة. وعلى سبيل المثال، وجود الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فهاتان الجهتان قدمتا ما تستطيع من جهود خلال السنوات الماضية، لكنها اليوم تحتاج إلى إعادة هيكلة لتواكب المرحلة المقبلة التي تنشدها الدولة. وأتمنى من وزير الثقافة أن تكون أولوياته دمج هاتين الجهتين، و"تأسيس مراكز ثقافية عملاقة" في كل مدينة، تحاكي ما هو موجود في الدول العالمية وفق تصاميم متميزة، تجعل منها واجهات للمدن، ويكون لكل مركز مجلس إدارة من خيرة المثقفين، وإدارة تنفيذية متخصصة، بحيث تحوي هذه المراكز أقساما كبيرة للجنسين، خاصة بالتصوير الفوتوغرافي والفنون المسرحية، وآخر للموسيقى وقسما للنشاط المنبري والمحاضرات، والفن التشكيلي، والفنون البصرية، وكل ما يكمل ذلك من قاعات، ومكتبة، وأقساما للتدريب، وأخرى لدعم النشر والتأليف، على أن تتنافس أقسام كل مركز لتقديم أفضل ما لديها، ثم تتنافس هذه المراكز الثقافية على مستوى المملكة فيما بينها وفق خطة معلنة بإشراف وزير الثقافة يُكافَأ فيها المتميز، ويُحاسَب المقصر. وأظن أن هذا التنافس سيجعل من هذه المراكز شعلة لا تهدأ من النشاط والإبداع طوال العام، خاصة أن أغلب المدن لديها مراكز جاهزة ومشيدة حديثا، ولا تحتاج إلى ميزانيات أو مشاريع إضافية، فقط تحتاج إلى إرادة التنفيذ.
إنشرها