Author

تجريم التحرش نقلة نوعية في المجتمع السعودي

|


ابتهج المجتمع السعودي بأمر الملك سلمان بن عبدالعزيز لوزير الداخلية بإعداد نظام لمكافحة التحرش، الذي توّج بإقراره من قبل مجلس الوزراء، ويعد هذا النظام نقلة نوعية للحياة الاجتماعية طال انتظارها، وذلك لحماية المرأة والطفل من التحرش والإيذاء سواء لفظيا في الشارع ومقار العمل والدراسة ووسائل التواصل الاجتماعي، أو جسديا في أي مكان، وذلك بتجريم هذا السلوك المشين وتحديد العقوبات الرادعة له. وبالتحديد يهدف هذا النظام إلى:
(1) مكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها.
(2) حماية المجني عليه أيا كان.
(3) صيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية التي كفلتها أحكام الشريعة والإسلامية والأنظمة.
(4) تطبيق العقوبة على مرتكبي جريمة التحرش.
قد يتفاجأ القارئ بأن هذا النظام قصير ومختصر لا يتجاوز ثماني مواد فقط، احتلت صفحتين ونصف تقريبا، ولكن يتضح من قراءته ــ لأول وهلة ــ أنه شامل لكل أبعاد الموضوع، وقد تمت صياغته بأسلوب واضح ودقيق. ومن أبرز ملامح هذا النظام ما يلي:
(1) تجريم التحرش ووضع تعريف جامع مانع لهذه الجريمة هو: "كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه شخص آخر، يمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة".
(2) اهتمام خاص بحماية الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة من التحرش من خلال تغليظ العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة ضد هذه الفئات.
(3) حماية المرأة العاملة، وهذه من المسائل المهمة التي تواجه المرأة، في الآونة الأخيرة، خاصة مع دخولها مجالات عمل متنوعة مثل أعمال البيع وكذلك في الشركات والاستثمار. ما أجمل العبارة الواردة في النظام حول تغليظ العقوبة التي تنص: "إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه". وهذا سيحد من الابتزاز من قبل الوحوش البشرية من مديرين أو معلمين أو أطباء.
(4) حماية المرأة في الشارع، خاصة أنها ستبدأ قيادة السيارة نظاميا بعد أسابيع قليلة، ويعد هذا النظام من أساسيات البنية الأساسية اللازمة لتطبيق قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة.
(5) حماية الأشخاص الذين يواجهون ظروفا غير عادية كالكوارث والطوارئ أو الاستسلام للنوم أو فقد الوعي لأي سبب كان.
(6) إلزام الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي بوضع تدابير للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار العمل بها، وهذا يتطلب وضع آليات لتلقي الشكاوى داخل كل جهة بسرية تامة، ووضع الإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها، إضافة إلى المساءلة والتأديب، مع التأكيد على عدم سقوط حق المجني عليه من التقدم للجهات المختصة نظاما.
(7) يعاقب النظام من قدم بلاغا كيديا عن جريمة تحرش أو ادعى ــ كيديا ــ تعرضه لها.
وأخيرا، وكأحد المهتمين بالتحرش والمكافحين ضده، أشعر بسعادة كبيرة بهذا التحول النوعي في المجتمع السعودي المتمثل في صدور هذا النظام، وآمل أن يطبق باهتمام وبحزم منذ اليوم الأول من تنفيذه، وأن تقوم جهات العمل بتحسين بيئة العمل بحيث تكون أماكن غير مغلقة، ولها جدران زجاجية كما هو مطبق في بعض الجهات في الوقت الحاضر، كما يحسن الاستفادة من التقنيات الحديثة من خلال تشجيع استيراد كاميرات مناسبة وقابلة لتركيبها في السيارات بشكل اختياري لرصد المخالفات والتحرش في الشوارع، وأخيرا أن تكون الشكاوى من خلال موقع إلكتروني يحفظ السرية من جهة، ويحد من الشكاوى الكيدية من جهة أخرى.

إنشرها