FINANCIAL TIMES

في سنغافورة .. مطار شانجي يتحول إلى وحدة ربحية متكاملة

في سنغافورة .. مطار شانجي يتحول إلى وحدة ربحية متكاملة

عند دخول مبنى محطة المسافرين رقم 4 (T4) الجديد في مطار شانجي بسنغافورة، يتم الترحيب بالمسافرين من خلال أكشاك الخدمة الذاتية، بدلاً من مكاتب تسجيل الوصول التقليدية التي كان يعمل فيها موظفون بثياب رسمية.
ابتداء من برمجيات التعرف على الوجوه إلى تسجيل الوصول الآلي وتسليم الأمتعة، تم تصميم T4 في مطار شانجي ليكون مرفق خدمة ذاتية بنسبة 100 في المائة، بهدف تسريع الأمور الرتيبة والمحبطة للسفر عبر المطار.
التغييرات في مطار شانجي، الذي افتتح محطته الآلية في العام الماضي، هي جزء من اتجاه أوسع مع قيام المطارات وشركات الطيران في جميع أنحاء العالم، بزيادة الاستثمارات في القياسات الحيوية والتكنولوجيا لجعل الطوابير شيئا من الماضي.
على أن إيجاد حلول للتعب من طابور الانتظار لا يقتصر على تحسين مستويات رضا العملاء في المطارات الرائدة في العالم فحسب، فهي تصبح بشكل متزايد من ضرورات العمل في الوقت الذي تتعرض فيه الإيرادات غير المتعلقة بالطيران التي كانت لعقود من الزمان المحرك الرئيس للنمو بالنسبة للمطارات، لضغوط من التعطيل التكنولوجي.
وفي حين أن أعداد المسافرين تستمر في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، حيث ارتفع عدد المسافرين في الطائرات بنسبة 7.1 في المائة في عام 2017، انخفضت الإيرادات غير المتعلقة بالطيران لكل شخص في المطارات عبر أوروبا، ووصلت إلى مستويات متدنية في أمريكا الشمالية في السنوات القليلة الماضية.
التسوق عبر الإنترنت وتطبيقات استدعاء سيارات الأجرة عبر الإنترنت لصالح خدمات مثل Uber و Lyft أثرت على الإيرادات المذكورة، التي تأتي من المتاجر والمطاعم ومواقف السيارات في المطار وتأجير السيارات.
انخفض نصيب الإيرادات غير المتعلقة بالطيران من إجمالي إيرادات المطارات إلى أقل بقليل من 40 في المائة في عام 2016 من 50 في المائة في عام 2000، وفقا لما ذكرته الهيئة العالمية للمطارات التجارية ACI World.
قال أندرو لوبنبيرج، وهو محلل مختص بالطيران في بنك إتش إس بي سي HSBC: "قامت المطارات بعمل جيد بشكل مذهل من حيث تحقيق إيرادات عقارية وتجارية. التدفقات النقدية من أعمالها تحظى بتقدير كبير من صناديق التقاعد والبنية التحتية في جميع أنحاء العالم، "لكن الوضع يواجه بالتأكيد تحديات انطلاقا من هنا".
يعتقد هيان هو لوه، شريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج Boston Consulting ، أن الصناعة تمر بـ"نقطة انعطاف" حيث يوجد خطر أكبر لأن تتعرض المطارات للتعطيل من قبل القطاعات المنافسة بدلاً من شركات تشغيل المطارات الأخرى.
في أوروبا، تضررت عائدات التجزئة التي تشكل خمسي الإيرادات غير المتعلقة بالطيران من المطارات الأوروبية، نتيجة التحول إلى تجارة التجزئة عبر الإنترنت، حيث انخفضت إلى 2.73 يورو لكل مسافر في عام 2016 من 2.91 يورو لكل مسافر في عام 2010.
كما لعب نمو شركات الطيران منخفضة التكلفة دوراً في ذلك، حيث كان إنفاق ركابها الذين يهتمون بالتكاليف أقل في متاجر المطارات مقارنة بالمسافرين من رجال الأعمال.
قال ستيفانو بارونشي، مدير الاقتصاد في إيه سي آي وورلد ACI World: "لا شك أنه إلى جانب التكنولوجيات التي تسبب التعطيل مثل النمو المستمر لخدمات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، فإن المنافسة المتزايدة على البيع بالتجزئة خارج نطاق تأثير المطار، ستبدأ أيضًا في الحد من آفاق نمو المطارات".
دخل التجزئة هو الذي يتعرض للتهديد من التكنولوجيا. تعاني عائدات مواقف السيارات في السنوات الأخيرة ظهور تطبيقات استدعاء سيارات الأجرة عبر الإنترنت، التي جعلت الانتقال إلى المطار بسيارة أجرة بأسعار معقولة أكثر من قبل، وأدت إلى النمو في خدمات النقل العام.
كما تواجه المطارات أيضا منافسة من خدمات الاستخدام الجماعي للسيارات وشركات مواقف السيارات على الإنترنت، التي تعلن أماكن اصطفاف رخيصة.
في أمريكا الشمالية، على وجه الخصوص، هذا يشكل دخلا قيماً بالنسبة للمطارات، حيث يمثل نحو خمسي الإيرادات غير المتعلقة بالمطارات. في أوروبا، يشكل الدخل من مواقف السيارات نحو خُمس إيرادات المطارات غير الجوية.
يرجو بعض مشغلي المطارات أن تساعد تجربة المسافرين المحسّنة، من خلال عملية تسجيل الدخول الآلي السريعة على استعادة أعمالهم من تجار التجزئة عبر الإنترنت، حيث يقضي المسافرون مزيدا من الوقت والمال في التسوق وتناول الطعام في المطار.
توصلت الأبحاث التي أجرتها وكالة ديه كيه إم أيه DKMA أن الركاب الراضين من المرجح أن ينفقوا وقتا أكثر بنسبة 10 في المائة في المطار، ويصبح من الأرجح بنحو الضعف أن يتسوقوا وأن ينفقوا 7 في المائة و20 في المائة أكثر على تجارة التجزئة والرسوم الجمركية على التوالي.
قال إدوارد آركرايت، نائب الرئيس التنفيذي لشركة جروب أيه دي بي Groupe ADP، التي تدير مطار شارل ديجول في باريس: "كلما ازداد سوء الوضع في تجارة التجزئة ازداد السوء في تجربة الركاب. قناعتنا هي، إذا قمنا بتحسين تجربة الزبائن، فسنقوم بتحسين جميع النماذج الاقتصادية".
هذا لا يتعلق باحتضان التكنولوجيا فحسب، كما هو الحال في أي مكان آخر في قطاع البيع بالتجزئة، هناك أهمية متزايدة بجلب الخبرات والعروض الفاخرة التي لا يمكن تكرارها على الإنترنت بسعر أرخص.
في مطار شارل ديجول، أمضت المجموعة السنوات القليلة الماضية في تحسين عروض التجزئة لديها، حيث زادت عدد العلامات التجارية الفرنسية الراقية في محطاتها إلى 80 في المائة عام 2016 من 11 في المائة عام 2006.
يقول آركرايت: "يقول كثير من الناس إنها نهاية البيع بالتجزئة في المطارات، لكنني لا أتفق مع ذلك. علينا أن نواصل تحسين هذا القطاع والاستمرار في تطوير خدمات جديدة في مجال التكنولوجيا الرقمية".
في مطار شانجي، قال إيفان تان، وهو متحدث باسم المجموعة، إن من السابق لأوانه أن نستنتج ما سيكون عليه أثر محطة الخدمة الذاتية في المطار على الإيرادات غير المتعلقة بالطيران.
قال تان إن النظام الجديد في المطار "يوفر بالتأكيد الوقت للركاب، ما يعني أنه يمكنهم تحمل مزيد من الوقت للتسوق أو تناول الطعام".
هناك مطارات أخرى تقوم بتغييرات أيضا. يقول لوبنبيرج من بنك HSBC إنه من بين المطارات الأوروبية المدرجة في البورصة، فإن مطار زيورخ من أكثر المطارات ذات التفكير المستقبلي، ويفهم أن تجربة البيع بالتجزئة تنتقل من كونها مركزًا للتسوق إلى صالة عرض.
وقال: "هم يعرفون أنهم بحاجة إلى تطويع نموذج الإيرادات بالنسبة إليهم، جزئياً إلى نموذج إيجار لكل قدم مربعة بدلاً من كونه عمولة على السلع المشتراة لأن الناس لن ينفقوا بالطريقة نفسها ومع ذلك تبقى المطارات بيئة رائعة لصالة عرض لشركات السلع الفاخرة.
"هذا لن يحقق نفس مصادر الإيرادات إلى المطار".
يشير هذا إلى أن المطارات بحاجة إلى إجراء تغييرات أكثر جذرية. وقال روبرت أوميرا من وكالة أيه سي آي يوروب ACI Europe، الذراع الإقليمية لهيئة المطارات العالمية: "فكر في السرعة التي تقترب بها بعض أنواع التكنولوجيا من صناعة المطارات -البيانات الكبيرة، والطائرات بدون طيار، والسيارات ذاتية القيادة- والآثار المترتبة عليها على أعمالنا".
هناك فكرة، يتم تنفيذها من قبل بعض المجموعات، هي أن تتطور المطارات من كونها مراكز نقل إلى وجهات في حد ذاتها - ما يجعلها أقل اعتمادًا على الإيرادات المدفوعة بالركاب.
يقول إيان تايلور، قائد الطيران العالمي لدى مجموعة الخدمات الاحترافية أروب Arup، إن صناعة المطارات ينبغي لها أن ترى السيارات ذاتية القيادة، على اعتبار أنها فرصة وليست تهديدًا في هذا السياق.
وقال: "ستؤدي إزالة مواقف السيارات إلى تحرير المساحات العقارية الرئيسة التي يمكن استخدامها لتصبح مراكز تسوق أو دور سينما، لجذب استثمارات جديدة وجذب قاعدة عملاء جديدة تمامًا، وفتح قنوات جديدة للإيرادات".
بعض المطارات الآسيوية والشرق أوسطية تفعل ذلك منذ فترة، حيث تقدم وسائل الراحة مثل الأفلام وحدائق الزينة التي تجذب الفراشات والبولينج، بينما في أوروبا، يستضيف مطار ميونخ مجموعة من المناسبات، بما في ذلك سوق عيد الميلاد، في مساحة كبيرة مغطاة بين محطات المسافرين.
في مطار شانجي، هناك توسعة جويل Jewel في المبنى رقم 1، المقرر افتتاحها عام 2019، هي مشروع متعدد الاستخدامات يستوعب نحو 300 متجر ومطعم، ويتضمن شلالًا داخليًا بارتفاع 40 مترًا وحديقة من خمسة طوابق.
يقول البعض إن هذه التغييرات تظل غير كافية.
قال ديفيد فيلدمان من شركة إكزامبلا كونسلتينج Exambela Consulting: "هناك حاجة إلى تغيير الثقافة في الصناعة هل يفعلون أي شيء سوف يعمل حقا على تعطيل النظام البيئي بأكمله للنقل الجوي؟ لا أعرف أي مطارات تفعل ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES