Author

الأصول السعودية المتنامية

|
تسير الأصول الاحتياطية للمملكة وفق المخطط المرسوم لها تماما، وفي بعض الأحيان تتجاوز بعض التوقعات بتحقيقها عوائد أكبر مما كان يعتقد. وهذا القطاع الوطني المحوري لاقى اهتماما بالغا من القيادة السعودية قبل إطلاق "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، وارتفعت وتيرة هذا الاهتمام بصورة عالية الجودة في أعقاب "الرؤية" و"التحول". فالأصول الاحتياطية في النهاية تبقى مصدرا رئيسا للدخل الوطني، فضلا عن أنها تقوي السمعة الائتمانية للبلاد. وهذه السمعة احتفظت بها المملكة عالية في كل الأوقات، بما في ذلك مرحلة الانهيار الكبير في أسعار النفط. كما أن البلاد اتسمت بالاستقرار المطلوب، ما عجل بوصول مسارات "الرؤية" إلى أهدافها، ووضع في هذه المسارات ما يجعلها تمضي إلى الأمام بسلاسة ذات عوائد مرتفعة. ومن هنا يمكن فهم الارتفاع الأخير للأصول الاحتياطية السعودية بنهاية نيسان (أبريل) الماضي 49.4 مليار ريال إلى1.9 تريليون ريال. وهذا الارتفاع شهري، أي أن النسبة تعتبر كبيرة في المعيار الاستثماري، خصوصا إذا ما عرفنا أن هذه الأصول ارتفعت 72 مليار ريال في شهرين فقط. وتدل المؤشرات على أن نمو الأصول السعودية يمضي بقوة على مختلف الأصعدة، لاسيما في القطاع الأكبر الذي يستحوذ عليها وهو قطاع الأوراق المالية، إلى جانب طبعا السندات التي تملكها خصوصا الأمريكية منها. فالمملكة تستثمر أكثر من 64 في المائة من أصولها الخارجية في هذه الأوراق، كما أنها احتلت المرتبة الـ12 في قائمة أكبر البلدان المستثمرة في سندات وأذونات الخزانة الأمريكية برصيد بلغ أكثر من 151 مليار دولار. وكما هو معروف، فإن عوائد استثمارات الاحتياطيات السعودية في الخارج التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" شبيهة بنظيراتها في البنوك المركزية العالمية. وهي خاضعة للنمو في كل القطاعات المتاحة. وفي المملكة التي تهتم بصورة كبيرة بهذه الثروة الاستثمارية المتنامية، تعمل أيضا على الصعيد المحلي في استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وقد نجحت في الآونة الأخيرة في تحقيق خطوات واسعة في هذا المجال، مستندة في ذلك إلى سمعتها الائتمانية العالمية العالية، والمشاريع الكبيرة المطروحة على الساحة، والمرونة الكبيرة على صعيد القوانين والتشريعات الاستثمارية المختلفة. وهذا ما دفع المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبرى للتوافد "وأحيانا للتدافع" من أجل الوصول للسوق السعودية. والقيادة في المملكة، لم تضع حدودا لاستقطاب هذه الاستثمارات، طالما أنها تصب في مرحلة البناء الاقتصادي الوطني. وكذلك الأمر بالنسبة لاستثمارات الاحتياطيات السيادية. وهي كما هو واضح خاضعة أيضا للمرونة والتنوع، والبحث عن الفرص الملائمة لها. وهذا ما يبرر في الواقع الارتفاعات المتواصلة لقيمة الاحتياطيات المالية هذه، ويعرض بوضوح أكبر جدوى للاستثمارات التي ضخت بها. الأصول الاحتياطية السعودية في الشهر الماضي كانت الأعلى على الإطلاق في 13 شهرا. ومن المتوقع أن ترتفع في الأشهر المتبقية من العام الحالي، ما يرفع في المقابل من حجمها الحقيقي، ودعمها الكبير لحراك التنمية الاقتصادية الهائل. هذا الرصيد المالي الوطني، خاضع دائما للتطور بالصورة المطلوبة، ما يعزز بالطبع التوجه الاقتصادي العام، الذي يعتمد في الدرجة الأولى على تنويع مصادر الدخل، واستثمارات المال الوطني ليس فقط للتنمية الحالية، بل لمواجهة استحقاقات المستقبل. إنها استثمارات هائلة للأجيال المقبلة أيضا.
إنشرها