Author

الفرصة لا تزال سانحة «1من 2»

|

لا يزال زخم التوسع العالمي الدوري قويا، لكن احتدام الصراعات التجارية وتقلب الأسواق المالية يبرزان مخاطر التطورات السلبية بعد عدة أرباع عام مقبلة.
للحفاظ على الانتعاش الجاري، ينبغي لصناع السياسات تعزيز صلابة القطاع المالي، والبدء في إعادة بناء حيز للحركة أمام السياسات، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية ـــ بما فيها الإصلاحات المتعلقة بالفساد والحوكمة.
ينبغي أن تعمل البلدان على تشجيع نظام تجاري متعدد الأطراف، يتسم بالانفتاح، ويقوم على قواعد ثابتة، ويعمل لمصلحة الجميع، وأن تحقق خفضا دائما في الاختلالات العالمية المفرطة. وفي سياق منهج تعاوني للعمل التنظيمي، يمكن جني ثمار التكنولوجيا المالية مع التصدي للمخاطر التي تهدد الاستقرار والنزاهة.
ويشرع الصندوق حاليا في عمليات مراجعة كبيرة للسياسات، وهو ما يشمل الرقابة وبرنامج "تقييم القطاع المالي"، والشرطية المصاحبة للبرامج، وأدوات الإقراض الميسر، وتحليل إمكانية الاستمرار في تحمل الديون، وتنمية القدرات. وقد أطلقنا أيضا برنامج عمل شاملا بشأن الفرص والتحديات الناشئة عن الرقمنة.
يستمر الزخم الدافع للانتعاش الاقتصادي واسع النطاق، يدعمه تعافي النشاطين التجاري والاستثماري العالميين. ويمكن أن تؤدي الصراعات التجارية المتصاعدة إلى تهديد هذا الزخم. وبسبب سياسات المالية العامة المسايرة للاتجاهات الدورية في بعض البلدان ذات العجز المتزايد في حساباتها الجارية – مع وجود فائض متزايد في بعض البلدان الأخرى – من المرجح أن تتسع الاختلالات العالمية، ما ينشئ مخاطر على المدى المتوسط. وكذلك تؤدي شيخوخة السكان وتباطؤ الإصلاحات إلى إضعاف النمو الممكن في الاقتصادات المتقدمة، بينما تؤدي التحديات الهيكلية إلى تأخير تقارب مستويات الدخل في كثير من الاقتصادات الصاعدة والنامية مع المستويات المقابلة في الاقتصادات المتقدمة. كذلك ينبغي أن يشمل النمو شرائح أوسع من السكان نظرا لزيادة تفاوتات الدخل.
وقد لا يخلو الطريق القادم من العثرات، مثلما يتضح من تقلب أسواق الأسهم أخيرا، لكن مَواطن الضعف في الأسواق المالية ــــ بما في ذلك الضعف الناشئ عن التقييمات المفرطة والزيادة المستمرة في الرفع المالي ــــ يمكن أن تتكشف إذا حدث تعديل مفاجئ في توقعات السوق بشأن المسار المستقبلي لعودة السياسة النقدية إلى أوضاعها العادية. وإذا تحولت أوضاع السوق، قد يقع الضرر الأكبر على البلدان التي لا تملك إلا حيزا محدودا للمناورة ـــ لأسباب منها ارتفاع المديونية. كذلك تؤثر الصراعات والكوارث الطبيعية في كثير من البلدان منخفضة الدخل LICs والدول الهشة التي تبذل جهدا شاقا في سعيها لتحقيق أهداف التنمية.
كما يصف جدول أعمال السياسات العالمية الصادر في خريف 2017، يتيح الانتعاش فرصة لتعزيز صلابة الاقتصاد الكلي، وسيساعد الصندوق البلدان الأعضاء على تحديد مزيج ملائم من السياسات يتم تصميمه حسب ظروف كل بلد. ففي كثير من البلدان، ينبغي إعادة بناء هوامش الأمان في سياسة المالية العامة، وتحسين الأرصدة الحكومية، وتثبيت الدين العام، مع معالجة احتياجات البنية التحتية، والاستثمار في مهارات القوى العاملة، ودعم النمو متوسط الأجل. وينبغي العمل تدريجيا على سحب الدفعة التنشيطية التي تقدمها السياسة النقدية، وذلك في الحالات التي يبدو فيها التضخم في سبيل العودة إلى المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي. وينبغي سد الثغرات في الأدوات الاحترازية الكلية حتى تكمل إجراءات السلامة الاحترازية الجزئية لمواجهة مخاطر الأسواق المالية، بما في ذلك استمرار أسعار الفائدة المنخفضة فترة مطولة. وسيساعد التحليل المزمع على توضيح تركات الأزمة الباقية والثغرات القائمة في السياسات بعد انقضاء عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية.
وينتظر أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية إلى تحسين آفاق النمو على المدى المتوسط، ومقاومة التباطؤ في تقارب الدخل، ودعم تنويع الاقتصاد، وضمان استفادة الجميع من ثمار التكنولوجيا والاندماج العالمي. ولتحديد الأولويات، سيواصل الصندوق المناقشات المتعلقة بالحوكمة، مع تحليل آثار الحوكمة والفساد على النمو، وسنجري تقييما لأثر العوامل الديموغرافية على استدامة نظم معاشات التقاعد، وندرس كيف يؤثر التنوع من حيث نوع الجنس وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل في التغير الهيكلي والنمو، ونبرز سياسات المالية العامة التي تتميز بقوة تأثيرها في تخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معه.
وبناء على العمل السابق، مثل قياس الاقتصاد الرقمي، سنضع برنامج عمل شاملا لتقييم الفرص والتحديات أمام التقدم التكنولوجي والرقمنة، وذلك في مجالات الإنتاجية، وأسواق العمل والأسواق المالية، وسياسة المالية العامة، ومدى فعالية السياسة النقدية، وغيرها من المجالات. وسيتطلب هذا تعاونا وثيقا مع مؤسسات أخرى دولية ووطنية، إلى جانب القطاع الخاص.

إنشرها