Author

أسعار النفط العالية سيف ذو حدين

|

يرى عديد من المحللين أن أسعار النفط المرتفعة في العام الماضي تعتبر نتيجة إيجابية للنمو العالمي المتنامي والانتعاش، لكن بروز مجموعة من العوامل أخيرا حولت هذه النظرة المتفائلة إلى سيناريو أكثر تشاؤما.
من ناحية العرض، نجحت الجهود المشتركة بين منظمة أوبك، وروسيا وباقي حليفاتها من خارج المنظمة في تقليص فائض الإنتاج العالمي من النفط خلال 15 شهرا فقط لجعل السوق متوازنة إلى حد كبير. نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار النفط تدريجيا خلال تلك الفترة. وهو اتجاه كان معظم المراقبين متفائلين به، معتقدين أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة سيشجعهم ارتفاع الأسعار، وسيعملون على زيادة إنتاجهم لضمان إمدادات كافية في الأسواق، وفي الوقت نفسه يسيطرون على ارتفاع أسعار النفط.
لكن وجهة النظر المتفائلة هذه لم تأخذ في الحسبان قرار الرئيس الأمريكي بوضع نهاية للاتفاق النووي الإيراني من جانب الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، إعادة فرض العقوبات عليها من جديد، وهي خطوة ستتم على مرحلتين لإعطاء الشركات الوقت الكافي للتكيف. ووفقا لهذا الإجراء، سيتم تنفيذ حظر التعامل على مرحلتين، في السادس من آب (أغسطس) والرابع من تشرين الثاني (نوفمبر)، ما يسمح بفترة تكيف لمدة 90 يوما و180 يوما. إضافة إلى ذلك، ستقوم وزارة الخزانة بإعادة إدراج الأفراد والكيانات الإيرانية في قائمة المواطنين المعنيين بوجه خاص Specially Designated Nationals ، وبالتالي إلغاء التراخيص الخاصة والاستثناءات الممنوحة سابقا للأفراد والشركات للتعامل مع إيران، ما يجعل من المستحيل على الشركات ذات الوجود الأمريكي أو بحاجة إلى مقاصة للدولار للتعامل معها.
وأخيرا، ستكون مبيعات النفط الخام الإيراني مقيدة بموجب قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2012، حيث ستسمح وزارات الخارجية، والطاقة والخزانة في الولايات المتحدة بمواصلة المشتريات الجارية، ولكنها ستخفض مشتريات النفط من إيران، التي يطلق عليها "استثناءات تخفيض كبيرة" على أساس كل بلد ما إذا أظهر التزاما بتخفيض مشتريات النفط بشكل كبير "عادة ما يكون التخفيض بنسبة 20 في المائة على الأقل". ونتيجة لذلك، من المرجح أن تتراجع صادرات النفط الإيرانية هذا العام بنحو 500 ألف برميل يوميا، من إجمالي صادراتها الحالية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا. ويعتقد بعض المحللين أن هذا التراجع قد يرتفع إلى 750 ألف برميل يوميا في العام المقبل مع تشدد العقوبات أكثر فأكثر.
تراجع تصدير النفط الإيراني ليس هو التهديد الوحيد لإمدادات النفط العالمية. الانهيار المستمر في إنتاج النفط الفنزويلي، نتيجة نفاد قطع الغيار وانهيار البنية التحتية، له تأثير أيضا في الإمدادات. حتى الآن، أدى هذا إلى خروج نحو 700 ألف برميل في اليوم من الأسواق العالمية، حسبما تفيد بعض المصادر، دون وجود أي علامة على تباطؤ هذا الاتجاه وعدم وجود حل سريع، حتى لو قامت ثورة بتغيير النظام الحالي.
وفي الوقت نفسه، انهيار الاستثمار في صناعة النفط العالمية منذ عام 2014 بعد انخفاض أسعار النفط، كان له تأثير كبير في إمدادات النفط العالمية. لقد ارتفع إنتاج النفط من المشاريع التقليدية حتى الآن، حيث بدأ العمل بها في بداية هذا العقد، ولكن الدورة تتحول ــــ يتوقع بعض المحللين أن ينخفض الإنتاج بشكل حاد، بمقدار 1.5 مليون برميل في عام 2019.
إذن ، ماذا عن الإمداد البديل من منتجي النفط الصخري الأمريكي؟
لقد ارتفع عدد منصات الحفر في تشكيلات النفط الصخري كما هو متوقع، والإنتاج في ارتفاع، ولكن إنتاج النفط الصخري الأمريكي والرمال النفطية في ألبرتا في كندا يواجهان ضغوطا من البنية التحتية. إن طاقات خطوط الأنابيب المحدودة والفشل في بناء خطوط نقل جديدة يعيق نقل الإمدادات من مناطق غرب تكساس وتشكيلات الرمال النفطية. أصبحت الولايات المتحدة الآن أكبر منتج للنفط في العالم، حيث من المتوقع أن يصل إنتاجها إلى 12 مليون برميل في اليوم في العام المقبل وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة. مع ذلك، لن تعزل الولايات المتحدة عن ارتفاع أسعار النفط، حيث تقوم الآن بتصدير كميات كبيرة من نواتج التقطير وكميات متزايدة من النفط الخام إلى الأسواق العالمية.
تعهدات «أوبك» في الحفاظ على الاستقرار في أسواق النفط هي الأخرى يجب أن تؤخذ ببعض الحذر. حيث إن بعض أعضاء المنظمة قالوا إنهم لا يرون أي مشكلة في سعر 100 دولار للبرميل، وبالتالي فمن غير المرجح أن يرفعوا إنتاجهم الخاص لتخفيف الضغوط على الأسواق حتى تصل الأسعار إلى ثلاث مراتب عشرية.
في هذا الصدد قال ويستباك كابيتال: "نعتقد أن هناك صدمة في أسعار النفط تلوح في الأفق في وقت مبكر من عام 2019، حيث يتحد عديد من العناصر في السوق لتشكل ما يعرف بـ "العاصفة الكاملة" perfect Storm، ويتوقع أن يصل سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل في وقت قصير، مع أسعار 150 دولارا للبرميل تلوح في الأفق، العالم يتوجه إلى أزمة تذكرنا بتموز (يوليو) 2008".

إنشرها