الطاقة- النفط

تحولات مرتقبة في تحالفات المنتجين تفتح الباب أمام زيادة الإنتاج في الربع الثالث

تحولات مرتقبة في تحالفات المنتجين تفتح الباب أمام زيادة الإنتاج في الربع الثالث

أكد تقرير "وورلد أويل" الدولي أن منتدى بطرسبورج الاقتصادي الدولي كان شاهدا على بداية تحولات رئيسة في تحالف المنتجين وذلك بعد تلميح المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى إمكانية قيام "أوبك" وحلفائها تدريجيا بزيادة إنتاج النفط في النصف الثاني من العام الجاري لتخفيف قلق المستهلكين بعد تداول أسعار النفط الخام قرب 80 دولارا للبرميل.
وأفاد التقرير أن التعليقات السعودية رددتها أيضا روسيا وهو ما قد يمثل تعديلا في مسار للتحالف التاريخي الذي تم إطلاقه في عام 2016 لإنهاء التخمة النفطية، مشيرا إلى أن حالة تغيير المسار الجديدة جاءت مع ارتفاع النفط إلى أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات.
واعتبر التقرير أن التغيير في مسار المنتجين جاء في التوقيت الصحيح كما أنه - بحسب السعودية - سيتم بسلاسة لتجنب تعرض السوق لصدمات وهو عنصر مطمئن للغاية للحفاظ على استقرار وتوازن السوق، مشيرا إلى أن عودة إطلاق العرض ستكون تدريجية لافتا إلى قول الوزير الفالح إنه عندما تجتمع "أوبك" وروسيا والمنتجون الرئيسون الآخرون في حزيران (يونيو) "سنفعل ما هو ضروري" لطمأنة المستهلكين.
ولفت التقرير إلى تأكيد الفالح ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك أن حجم الزيادة في الإنتاج ما زال موضع تفاوض وأنها على الأرجح ستبدأ في الربع الثالث إذا تمت الموافقة عليها من قبل بقية الأعضاء الآخرين في المجموعة. 
وأضاف أن منظمة أوبك وحلفاءها قاموا بالفعل بخفض الإنتاج على نحو أكثر من المخطط له في الإعلان المشترك ويرجع ذلك جزئيا إلى الخسائر غير المخطط لها في بلدان مثل فنزويلا وأنجولا ولكن أيضا لأن السعودية كانت أكثر المنتجين تصميما على إعادة التوازن إلى السوق.
ويناقش المنتجون حاليا خطة لجعل التخفيضات تتماشى مع ما اتفقوا عليه في الأصل وما زالوا يتناقشون حول ما إذا كان ذلك يعني معادلة جميع التخفيضات الزائدة التي تم إجراؤها دون إجبار في دول مثل فنزويلا أو أي تحرك آخر.
وتوقع التقرير أن الزيادة الانتاجية المرتقبة لن تكون كبيرة وأن الحد الأدنى من الزيادة المحتملة، المدعومة من قبل المنتجين الخليجيين بما في ذلك السعودية قد تضيف 300 ألف برميل يوميا إلى السوق لافتا إلى أن روسيا تفضل إضافة ما بين 700 و800 ألف برميل يوميا إلى المعروض النفطي.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية خلال الأسبوع الحالي بعد اختتمت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع الماضي على أول خسارة أسبوعية منذ نيسان (أبريل) الماضي وفقد خام برنت نحو 2.7 في المائة.
وأوضح المحللون أن الأنباء المتداولة عن إقدام "أوبك" على زيادة الإنتاج خلال اجتماع حزيران (يونيو) المرتقب هدأت المخاوف على العرض وأوقفت موجة حادة من الصعود القياسي والمتوالي لأسعار النفط الخام.
وأشاروا إلى أن استمرار تدفقات الإنتاج الأمريكي وزيادة الحفارات في الأسبوع الماضي بمستوى قياسي أسهمت أيضا في كبح نمو الأسعار، إلا أن مستويات الطلب المرتفعة وتداعيات أزمتي إيران وفنزويلا تدعم بقاء الأسعار مرتفعة.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير الباحثين في بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن تحالف المنتجين اتفق على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا ولكن وبسبب عوامل جيوسياسية زاد هذا الخفض بنحو 700 ألف برميل يوميا إضافية - وذلك بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية - ومع حدوث أزمة إيران من المتوقع أن ينخفض الإنتاج بأكثر من 500 ألف برميل وهو ما يعني أن المعروض النفطي يواجه تحديات واسعة كان أبرز ملامحها صعود سريع وقياسي للأسعار إلى 80 دولارا للبرميل.
ونوه بوسكا إلى أن الأسعار المرتفعة تمثل أعباء ثقيلة على اقتصاديات الدول المستهلكة ومن مصلحة السوق أن تكون هناك حالة من التوافق بين المنتجين والمستهلكين ومن أجل الحفاظ أيضا على معدل النمو الاقتصادي مرتفعا ومن ثم بقاء الطلب في مستويات صحية وواعدة.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة "سيمنس" العالمية، إن التحالف الاقتصادي بين الرياض وموسكو أعاد بالفعل تشكيل سوق النفط العالمية متوقعا استمرار تماسك هذا التحالف على المدى الطويل لافتا إلى أن المنتجين باتوا أقرب إلى العدول عن خطة خفض الإنتاج في ضوء تعافي مؤشرات سوق النفط وصعود الأسعار.
وأوضح جوتير أن اجتماع حزيران (يونيو) سيضع استراتيجية عمل جديدة للفترة المقبلة خاصة أن النصف الثاني من العام سيشهد عودة عقوبات اقتصادية أمريكية صارمة على إيران ستحد على نحو واسع من مستوى صادراتها النفطية وهي ثالث أكبر مصدر في منظمة أوبك.
من ناحيتها، ترى ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكا إنجنيرينج"، أن التغييرات لا شك أنها سريعة ومتلاحقة في سوق النفط الخام والدليل على ذلك تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن حالة وفرة المعروض النفطي انتهت بالكامل وأن الأسعار المرتفعة بدأت توثر سلبا في مستويات الطلب – بحسب تقديرها.
وأشارت لـ "الاقتصادية"، إلى أن الإنتاج الأمريكي في واحدة من أفضل فتراته وأن أنشطة الحفر عادت لتنتعش بمستويات قياسية في الأسبوع الماضي في علامة على تسارع الاستثمارات المدعومة من مستويات الأسعار المرتفعة، ولكن هذه الزيادات لم تؤمن المعروض بشكل جيد بسبب الانخفاضات الحادة في إنتاج دول رئيسة مثل فنزويلا وأنجولا وإيران وبسبب الصعوبات الفنية التي يواجهها الإنتاج الأمريكي وخاصة اختناقات خطوط الأنابيب.
وكانت أسعار النفط قد هبطت أكثر من دولارين في ختام الأسبوع الماضي في الوقت الذي ناقشت فيه السعودية وروسيا تخفيف تخفيضات الإنتاج التي أسهمت في دفع أسعار الخام للصعود إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2014.
وبحسب "رويترز"، نزل خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 2.35 دولار بنسبة 3 في المائة ليبلغ عند التسوية 76.44 دولار للبرميل، وخسر برنت نحو 2.7 في المائة هذا الأسبوع متكبدا أكبر خسارة أسبوعية منذ أوائل نيسان (أبريل)، بعدما بلغ الأسبوع الماضي أعلى مستوياته منذ أواخر 2014 عند 80.50 دولار للبرميل.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 2.83 دولار بنسبة 4 في المائة ليغلق عند 67.88 دولار للبرميل، وعلى مدى الأسبوع، هبط الخام الأمريكي نحو 4.9 في المائة مسجلا أكبر انخفاض منذ أوائل شباط (فبراير)، بعد تحقيق مكاسب استمرت ستة أسابيع.
ولقيت أسعار الخام دعما في الآونة الأخيرة من احتمال إعادة فرض عقوبات على إيران بعدما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق النووي العالمي مع طهران.
يأتي ذلك رغم ارتفاع إنتاج الخام الأمريكي، حيث أنتجت الولايات المتحدة 10.3 مليون برميل يوميا في شباط (فبراير)، وهو مستوى قياسي.
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية أكبر عدد أسبوعي وشهري من الحفارات النفطية منذ شباط (فبراير) مع استمرار شركات الحفر في العودة إلى استخراج الخام مع ارتفاع أسعاره إلى أعلى مستوياته منذ أواخر 2014.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة إن إجمالي عدد الحفارات النفطية ارتفع بمقدار 15 حفارا إلى 859 حفارا في الأسبوع المنتهي في 25 أيار (مايو)، وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015.
وعلى مدى الشهر، زاد عدد منصات الحفر 34 منصة، مسجلا ثاني زيادة على التوالي بعد ارتفاعه بواقع 28 منصة في نيسان (أبريل).
وإجمالي عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 722 حفارا مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج بالتوازي مع مساعي "أوبك" لخفض الإمدادات العالمية في محاولة للاستفادة من صعود الأسعار.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط