default Author

نحو ضرائب ملموسة في القطاع المالي «2 من 2»

|

ضريبة الأنشطة المالية FAT مجرد ضريبة على مجموع الأرباح والمكافآت التي تدفعها المؤسسات المالية. ويبدو هذا بسيطا، وهو كذلك في جوهره، لكن ما السبب في فرض ضريبة إضافية على المؤسسات المالية؟ هنا أخشى أن تبدو الأمور معقدة إلى حد ما، فاستعدوا لما هو آت.
الأرباح إضافة إلى جميع المكافآت قيمة مضافة. إذن فإن ضريبة من هذا النوع ستكون من قبيل ضريبة القيمة المضافة، وهو أمر يمكن أن نجده معقولا؛ لأن ضرائب القيمة المضافة الحالية لا تعمل بكفاءة في حالة الخدمات المالية، وهي خدمات معظمها معفى من هذه الضريبة، ويعني هذا أن تطبيق ضريبة من هذا النوع على الأنشطة المالية يمكن أن يجعل المعاملة الضريبية للقطاع المالي أقرب إلى المعاملة الضريبية للقطاعات الأخرى، ومن ثم يساعد على موازنة ميل القطاع المالي لأن يكون ضخما – أو ثقيل الوزن – لأغراض ضريبية بحتة.
ولنفترض الآن أن الوعاء الضريبي لم يشمل سوى المكافآت التي تتجاوز مستوى مرتفعا معينا، والأرباح التي تتجاوز معدل عائد "طبيعي" معين. هنا قد يكون الوعاء الضريبي لضريبة الأنشطة المالية بديلا لا بأس به للضرائب على "الريوع"؛ أي العائد الذي يتجاوز المستويات التنافسية، المكتسبة في القطاع. وقد يجد البعض أنه من العدل فرض ضرائب على هذا المقدار الزائد.
أو قد يشمل الوعاء الضريبي الأرباح التي تتجاوز مستوى معينا أعلى بكثير من المستوى الطبيعي. وقد يساعد تحصيل ضرائب على بعض هذه العائدات المرتفعة في أوقات اليسر على تصحيح أي نزوع للمخاطرة المفرطة لدى المؤسسات المالية التي لا تقيم وزنا كافيا للعواقب في أوقات العسر "سواء بسبب المسؤولية المحدودة؛ أو لأنها ترى أنها أكبر من أن تفشل".

ما الرأي في ضريبة على المعاملات المالية؟
نظرنا أيضا إلى فكرة تطبيق ضريبة عامة على المعاملات المالية FTT؛ حيث أكدت لنا الشهور القليلة الماضية بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الفكرة تحظى بتأييد جماهيري كبير. تستحق هذه الضريبة في كل مرة يتم فيها بيع أو شراء سهم أو سند أو غير ذلك من الأدوات المالية، و/أو عندما تباع أو تشترى العملات الأجنبية.
وعملنا في هذا الشأن لم يكتمل بعد – تذكروا: إن هذا التقرير مرحلي – ولكننا لا نعتقد أن هذه هي الطريقة المثلى لتحقيق الهدفين الرئيسين المحددين أعلاه، رغم أن بعض أشكال ضريبة المعاملات المالية قد يكون ممكن التطبيق "معظم بلدان مجموعة العشرين تفرض ضرائب بالفعل على بعض المعاملات المالية". ولا ينصب تركيز ضريبة المعاملات المالية على الحد من المخاطر النظامية، كما أنها ليست فعالة في فرض الضرائب على الريوع في القطاع المالي – فمن المحتمل أن يقع الجانب الأعظم من العبء على المستهلك العادي.
وإضافة إلى ذلك، فإن صناعة الخدمات المالية لديها قدرات عالية في وضع خطط تكفل الالتفاف على تطبيق مثل هذه الضريبة "ومن باب الإنصاف نقول إن ذلك يصدق أيضا على ضريبة المساهمة في الاستقرار المالي وضريبة الأنشطة المالية، ولكن بدرجة أقل في تصورنا".
ولعقد المقارنة يمكننا أن نعتبر "ضريبة الأنشطة المالية" مثل الضريبة على القيمة المضافة، وضريبة المعاملات المالية مثل الضريبة على رقم المبيعات – وقد تبين لمعظم البلدان منذ وقت طويل أن ضريبة القيمة المضافة أفضل من حيث زيادة الإيرادات: أي أكثر كفاءة باستخدام المصطلح الضريبي. ولا يعني كل ذلك أن نستبعد ضريبة المعاملات المالية في سياقات أخرى – ولكنها ليست الوسيلة الأكثر فعالية لتأدية المهمة التي نحن بصددها.

هل ينبغي أن يسير الجميع على المنوال نفسه؟
هناك عدة بلدان لم تكن بحاجة إلى توجيه تدفقات كبيرة من الموارد إلى مؤسساتها المالية، ولذلك فمن الطبيعي ألا تكون مقبلة على إثقال كاهل هذه المؤسسات بمزيد من الرسوم. وفي الوقت نفسه، تتمتع المؤسسات المالية بمهارة عالية في ممارسات المراجحة الضريبية والتنظيمية، حتى أن البلدان التي ترغب في تطبيق الضريبة تخشى من احتمال تقويض هذه الضريبة من خلال البلدان الأخرى غير الراغبة في تطبيقها.
ولكن هذا التجاذب ليس بالحدة التي يبدو بها. وإذا كان لنا أن نتعلم شيئا من التاريخ المالي، فهو أنه ما من أحد ينبغي أن يظن أنه محصن من الإخفاقات والأزمات. وعلاوة على ذلك، فإذا كانت ضريبة "المساهمة في الاستقرار المالي" على وجه التحديد معدلة بالدرجة الملائمة حسب مستوى المخاطر، فلن يؤدي ذلك إلا إلى فرض ضريبة أقل على البلدان ذات النظم المالية الأكثر أمنا. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن آخر ما نود أن يحدث هو قمع/ دفن القطاع المالي بفرض أعباء ثقيلة عليه؛ فهو كالمواد الغذائية يشكل قيمة كبيرة للنمو الاقتصادي.
إن ما قدمناه تقرير مرحلي، وسنواصل العمل أكثر في هذا الخصوص استرشادا بمناقشاتهم التي أجريت يوم الجمعة الماضي، كما سنواصل الاستماع إلى ما يصلنا من الآخرين. ومن القضايا التي نعمل عليها وحظيت باهتمام واسع النطاق بالفعل ضرورة تنسيق أي مبادرات ضريبية مع المبادرات التنظيمية، وبالتالي فإن أمامنا في الفترة المقبلة بعض الحسابات ومزيدا من الأوقات العصيبة، ولكننا لا نزال نتطلع إلى المساهمة في النقاش الدائر حول ما يهم بالفعل في كل ما يحدث، وهو كيفية الحد من مخاطر الإخفاقات المالية المستقبلية وتخفيض تكلفتها.

إنشرها