Author

الحب الأصيل

|

يقال إن ألم الفراق بين الأحباب قاتل، وهو ما نشاهده في كثير من حالات العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ويميل كثيرون للتقليل من أهمية مثل هذه الحالات، لكنها في الواقع تدل على كم هائل من المحبة. أذكر أن كثيرا من حالات الحزن سيطرت على أقارب لي، ومن ضمنهم أبي -غفر الله- بعد وفاة أخي الأصغر.
لم يعد أبي -رحمه الله- ذلك الرجل الذي عهدته قبل وفاة ابنه، استمر في حال من الحزن برغم محاولاته إخفاء تلك النظرة الحزينة عمن يعيشون معه. كان يعيش في عالم مختلف حتى توفاه الله، وقد يكون ذلك في لحظة كان يسترجع فيها شيئا من ذكريات فقيده الذي أحبه كثيرا وفقده فجأة.
لعل موت الفجأة الذي انتشر في الآونة الأخيرة هو السبب وراء كثير من المآسي التي تربط بين روحين، لكن ذلك لم يكن سبب وفاة السيدة التي لحقت بأمها بعد 30 ساعة من وفاة الأم. رغم أن الأم كبيرة في السن، وأن موتها لم يكن مفاجئا، إلا أن وقعه كان أليما على البنت التي استقبلت المعزين في والدتها، ولم تتمكن من الصمود سوى ساعات لتلقى ربها.
هنا نبارك هذه المحبة الرائعة التي فيها يتجسد الكم الهائل من الإنسانية التي تميز أصحاب القلوب الراقية، وهنا تظهر حالة التفاعل البشري في أرقى صورها. أدعو نفسي وكل قارئ إلى استرجاع أكبر محبة يحملها في جنباته، ولعل تلك تكون لحبيب موجود وقريب.
عندما نحب يجب أن نعلن حبنا لمن نحب، وعلينا أن نقدم كل ما يضمن أن يعلم من نحب حجم حبنا له. عندها نكون قد حققنا أمرا مهما، وهو تجميل الذكرى وضمان الرضا حين نتذكر من نحب لو غاب عنا، أو غبنا عنه. هذا الأمر الذي يحث عليه الدين الحنيف؛ إذ أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن نعلن حبنا لمن نحب، وجعل المحبة في الله أعظم درجات الحب، بل إن المتحابين فيه على منابر من نور، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
أعلنوا حبكم لمن تحبون فإن سبقوكم إلى الله، فادعوا لهم.

إنشرها