default Author

نحو ضرائب ملموسة في القطاع المالي «1من 2»

|

أدركنا أننا مقبلون على فترة عصيبة عندما طُلب رأي الصندوق"... مجموعة الخيرات التي اعتمدتها البلدان أو تنظر في اعتمادها بشأن كيفية تقديم القطاع المالي مساهمة عادلة ملموسة في تحمل أي تكلفة تترتب على التدخلات الحكومية لمعالجة اختلال النظام المصرفي".
والكل لديه اعتقاده القوي هذه الأيام حول فرض ضريبة على القطاع المالي. فدافعو الضرائب الذين مولوا إنقاذ القطاع المالي خلال الأزمة الأخيرة يريدون استرداد ما دفعوه – أو على الأقل ألا يتورطوا في الدفع مرة أخرى. والبعض يريد أن يرى تحويل قدر أكبر من الأموال التي تعبر النظام المالي لأغراض الاستخدام العام.
ويشعر المشاركون في هذه الصناعة بالقلق من إمكانية فرض ضرائب تضاف إلى قيود الإصلاحات التنظيمية التي يرجح أن تفرض عليهم في وقت قريب، وتساؤل بعض الحكومات في البلدان التي اجتازت قطاعات المالية العاصفة العشرين يضعنا في خضم هذه الشواغل كلها. وقد عرض تقرير مرحلي يركز على السؤال الأساسي الذي وجه لنا عن خيارات تحصيل أموال من القطاع المالي لسداد تكاليف التدخل الحكومي الذي يستفيد منه هذا القطاع. وقد أعد هذا التقرير باعتباره سريا لكن لعلكم لاحظتم أنه يتمكن رغم ذلك من جذب اهتمام كبير. إذن لأبدأ بتوضيح كيفية تفكيرنا في هذه المسألة.
هدفنا هو إلقاء نظرة هادئة على القضايا التي تثير الجميع.. والخيارات التي خلصنا إليها حتى الآن ستتم مراجعة هذا التقرير المؤقت لعرضه على قمة يونيو – لن تروق للجميع (وربما تروق لأحد) لكننا نأمل أن تساعد على تحقيق تقدم في النقاش العام حول هذا الموضوع بتقديم تحليل اقتصادي ومالي مؤثر. وقد اتبعنا في هذا الخصوص منهجا استطلاعيا وليس استراتيجيا. والانتقام ليس مبدأ سليما تصمم الضرائب على أساسه، وإنما المبدأ الصحيح هو تجنب الضرر المستقبلي والتحسب له.
يكمن التحدي الراهن في ضمان تحمل المؤسسات المالية التكاليف المباشرة على المالية العامة التي يمكن أن تفرضها في المستقبل المصرفي على الاقتصاد.
ونحتاج أيضا إلى جعل وقوع هذه الأحداث أقل احتمالا وأقل تكلفة عند وقوعها. ونعتقد أن هناك نوعية من الضرائب يمكن أن تقوم بدور في هذا الخصوص.
أحد أسباب الفوضى المؤلمة التي أحاطت بالأزمة هو أن عددا كبيرا من الحكومات لم يكن لديه الأدوات اللازمة لتصفية المؤسسات الفاشلة بشكل سريع منظم. وكثيرا ما انحصرت خيارات في واحد من بلدين حادين وبغيضين:
(1) السماح بفشل المؤسسة المؤثرة نظاميا وتحمل تداعيات الفوضى اللاحقة، أو (2) ضخ ما يكفي من الدعم الحكومي لإبقائها عاملة، ما يؤكد الشكوك المبدئية بأن مثل هذه المؤسسات أكبر من أن تفشل بالفعل وقد افتقرت الحكومات إلى وسيلة تستطيع من خلالها "تسوية أوضاع" المؤسسة الفاشلة الكبيرة - وهو مصطلح جديد حتى للكثير من الاقتصاديين.
وتسوية الأوضاع تعني إلغاء المساهمين تماما وتبديل الإدارة وتكبد الدائنين غير المؤمن عليهم خسائر -هامش الضمان haircut- على مطالباتهم. ويتوقع أن تكون كل هذه الإجراءات كريهة بالقدر الكافي في نظر المساهمين والمديرين بحيث تحد من المشكلات "الخطر المعنوي" (أي الإفراط في تحمل المخاطر توقعا لأن يتحمل آخرون التكلفة إذا ما كانت النتائج سيئة)، لكن معظم البلدان لا تزال بدون آلية لتحقيق ذلك، بينما يطيب الاستقرار المالي إنشاء مثل هذه الآلية. إذن من أين تأتي فكرة المساهمة؟ تسوية الأوضاع تتطلب مبلغا نقديا يدفع مقدما للحد من عدم اليقين لدى الدائنين (ودائني الدائنين...) عن طريق إعطاء بعض القيمة لمطالباتهم على وجه السرعة، وينبغي أن تدفع الصناعات المالية ثمن ذلك؛ فهي التكلفة التي تسدد عن مزاولة الأعمال، أو ينبغي أن تكون كذلك، على غرار ما يدفع لقاء تأمين الودائع، أو صيانة نظم معلومات. وهذا هو ما نسميه المساهمة في الاستقرار (FSC).
وضمن هذه المساهمة بالفعل أن تدفع حصة معقولة من تكاليف تسوية الأوضاع قبل وقوع الأزمة، مع زيادة هذا المقدار إذا اقتضت الحاجة، عن طريق رسوم "لاحقة" تحصل بعد وقوع الكارثة (أشبه ما تكون برسم المسؤولية عن الأزمة المالية المقترح في الولايات المتحدة، بهدف استرداد جانب من تكاليف الدعم العام).
وفي هذا السياق، حاولنا كخطوة أولى معرفة حجم التكلفة الناجمة عن الأزمة الكبيرة على حكومات العالم من حيث الدعم المباشر الذي قدمته لقطاعات المالية. والإجابة حتى الآن هو نحو 2.7 في المائة من أجمالي الناتج المحلي لمجموعة البلدان المتقدمة في مجموعة العشرين. وكانت التكلفة أكبر بالنسبة للبعض وأقل بالنسبة للبعض الآخر – ومنها معظم بلدان الأسواق الصاعدة.
وهذا مقدار ضخم، لكن المخاطر أثناء الأزمة كانت أكبر من ذلك حيث راوحت الضمانات وغيرها من الالتزامات الاحتمالية نحو 25 في المائة من إجمال الناتج المحلي بالنسبة للبلدان المتقدمة الأعضاء في مجموعة العشرين. وكل ذلك لا تدخل فيه التكاليف غير المباشرة على المالية العامة، بسبب الركود وكذلك بسبب تدابير التنشيط المالي (وإن كان بدرجة أقل) -وهي التي تسبب ارتفاعا حادا في الدين العام- وربما خسارة تراكمية في الناتج قدرها 27 في المائة تقريبا من إجمالي الناتج المحلي، وهي الأشد وطأة من بين كل التكاليف.
ومن الأمور الثانوية في هذا المقام ما إذا كان ينبغي معاملة الإيرادات المتولدة عن مثل هذه الرسوم معالجة الإيرادات الضريبية الأخرى أو إيداعها في صندوق الإيرادات المجنبة يدعم عمليات تسوية الأوضاع. فالأكثر واحد على المالية العامة (بالطبع مع افتراض عن تأثر السياسات الأخرى بوجود صندوق للإيرادات المجنبة أو عدم وجوده): يصبح على الحكومة بيع سندات أقل في السوق المفتوحة، إما لأن لديها قدرا أكبر من الإيرادات الضريبية أو لأن لديها عميلا حصريا هو صندوق الإيرادات والحجة الأساسية لإنشاء صندوق من هذا القبيل هو أنه يمكن أن يكون ضمانا أكبر لوجود موارد لاستخدام الجهة المكلفة بتسوية الأوضاع... يتبع

إنشرها