Author

القطاع الخاص ودوره في تحسين كفاءة البرامج الاجتماعية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

القطاع الخاص له دور كبير في تحسين أداء الاقتصاد، إذ إن المعايير التي يعتمد عليها القطاع الخاص في تقييم أدائه تجعل منه أكثر مثالية في عموم الأنشطة التجارية والخدمات، ولذلك توصل كثير من الدول المتقدمة اقتصاديا في العالم إلى نتيجة مفادها أن هناك أهمية لإشراك القطاع الخاص في مختلف الأنشطة والأعمال، سواء التجارية أو الخدمات ما ينعكس بصورة إيجابية على كفاءة الإنفاق والزيادة في الإنتاجية بصورة عامة، ما يسهم في خفض كثير من النفقات ويعزز من نمو الناتج المحلي.
جمعية إطعام واحدة من الجمعيات التي غيرت كثيرا من ثقافة المجتمع فيما يتعلق بالترشيد في استهلاك الطعام، والطريقة المناسبة لإعادة توزيع فائض الطعام بطريقة مناسبة تحفظ كرامة المحتاج وسلامته أيضا، بالطريقة والآلية التي تتخذها الجمعية من أجل سلامة الأطعمة المقدمة للفقراء، بل تجاوزت الجمعية ذلك إلى إصدار تقارير دورية فيما يتعلق بأعمالها.
وفي تجربة مميزة هذا العام قامت "إطعام" بالتعاون http://saudifoodbank.com/ مع إحدى شركات توصيل طلبات الوجبات من المطاعم فيما يتعلق بتفطير الصائم، حيث تتولى شركة التوصيل عملية التنسيق مع بعض المطاعم لتشارك في عملية إعداد الوجبات للصائم، وعملية السداد من قبل المتبرعين وجمعية إطعام تتولى تحديد المحتاجين لتلك الوجبات لإيصالها إليهم.
هذا التعاون له مجموعة من النتائج الإيجابية، إذ إنه رغم الجهود الكبيرة لكثير من الجمعيات الخيرية في مجال تفطير الصائم إلا أن هذه البرامج أقل كفاءة من هذا البرنامج، حيث تمكن هذا التعاون من توفير مجموعات من الميزات التي يمكن أن تحقق الهدف من التبرع، حيث إن واقع مجموعة من مشاريع تفطير الصائم تركز على إنشاء مواقع قريبة من المساجد لتوزيع وجبات إفطار الصائم، ولا يتم من خلال مثل هذا البرنامج التأكد من إيصال هذه الوجبات إلى المحتاجين من الفقراء، إذ إنها تذهب بشكل مباشر غالبا إلى القوى العاملة الأجنبية وبعض المواطنين، وهذا في حد ذاته جيد إلا أن الأفضل بلا شك أن تصل هذه التبرعات إلى من هم أكثر حاجة، وهم الفقراء وأسرهم الذين يقيمون غالبا في منازل قد تكون بعيدة عن مثل هذه البرامج، كما أن البعض انتقد حملات تفطير الصائم، ولكن بالطريقة التي تعمل بها جمعية إطعام فإنها تحقق المطلوب.
مما تتميز به التجربة أنها تتم بالتنسيق مع مطاعم موثوقة وجيدة، في حين أن بعض المؤسسات الخيرية ليس هناك معلومات عن الطريقة التي يتم بها إعداد الطعام سواء من خلال مطاعم معينة أو من خلال الإعداد للطعام من قبل بعض العاملين في المؤسسة الخيرية.
مما تتميز به التجربة أنها تعتمد على قاعدة البيانات الموجودة لدى الجمعية التي بها أعداد معروفة ومحددة ولذلك تعتبر أكثر دقة، بخلاف تجربة بعض المؤسسات الخيرية التي تعتمد بشكل عام على تقديرات قد تزيد أو تنقص. مما تتميز به التجربة أيضا أنها أقل تكلفة، فمن خلال التفاوض مع مجموعة من الشركات والمطاعم المتخصصة يتم الحصول على أسعار أفضل، وهذا ملاحظ إذ إن المطاعم نفسها ترى في المشاركة في هذه البرامج بأسعار قد تكون أقل من تكلفة الطعام أو مساوية له مساهمة مجتمعية، وهذا ملاحظ في بعض المطاعم الجيدة التي قدمت أسعارا تقل عن النصف مقارنة بالمؤسسات الخيرية.
لا شك أن هذه التجربة مميزة وتدعو إلى أن تكون هناك مشاركة في كثير من البرامج المجتمعية بين المؤسسات الخيرية والاجتماعية والقطاع الخاص، إذ إن كثيرا من مؤسسات القطاع الخاص لديها رغبة في المشاركة في كثير من البرامج حتى لو ترتب على ذلك تكلفة عليه، حيث يعتبر ذلك جزءا من مسؤوليته تجاه مجتمعه، ويمكن أن يكون ذلك من خلال برامج سواء في التدريب أو التمويل أو حتى المشاريع الخاصة بالإسكان أو دعم مشاريع الأسر المحتاجة للدخل والعمل.
فالخلاصة أن المشاركة بين جمعية إطعام وشركة توصيل طلبات المطاعم في برنامج تفطير الصائم، تعتبر تجربة مثالية لمشاركة القطاع الخاص في البرامج الاجتماعية بما يزيد من كفاءة تلك البرامج، ومن الممكن تكرار هذه التجربة في مجالات متعددة مثل تدريب الشباب وتهيئتهم لسوق العمل، أو تمويل مشاريع الأسر المحتاجة إلى الدخل، وغيرها من المشاريع التي يمكن أن يسهم القطاع الخاص بما يحسن من كفاءة تلك البرامج.

إنشرها