Author

ماذا يعني توسع كهربة قطاع النقل لصناعة الطاقة؟

|

لقد أعطى النفط ومنتجاته للعالم أكثر من قرن من سهولة التنقل والحركة. حيث يعمل البنزين والديزل على تشغيل السيارات وتحتاج الطائرات والسفن أيضا إلى وقود. النفط ومنتجاته مكن التجارة العالمية في البر والبحر، وتكوين الثروة. ولكن دوره المهيمن في قطاع النقل العالمي ـــ مثل دوره في توليد الطاقة في العقود السابقة ـــ أصبح عرضة للتهديد، بدءا من قبل السيارات.
وضعت المملكة المتحدة ثقلها في الاتجاه المتنامي نحو السيارات الكهربائية، معلنة في تموز (يوليو) من العام الماضي أن مبيعات سيارات البنزين والديزل ستحظر بعد عام 2040. وجاء هذا القرار بعد إعلان فرنسا قبلها بأسابيع إنهاء مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل في العام نفسه (2040). من جانبها تعهدت شركة فولفو لصناعة السيارات بتصنيع فقط سيارات كهربائية بالكامل أو هجينة ابتداء من عام 2019 فصاعدا، حيث تراهن الشركة على زيادة الطلب على هذه السيارات في العامين المقبلين. في الوقت الحالي، يعتبر انتشار السيارات الكهربائية منخفضا. على الرغم من تضاعف أسطول السيارات الكهربائية العالمي من مليون وحدة في عام 2015 إلى مليوني وحدة في العام الماضي، ولكن هذا العدد لا يزال يمثل أقل من 1 في المائة من أسطول النقل في العالم، استنادا إلى أرقام وكالة الطاقة الدولية.
في أوروبا وكاليفورنيا ومانهاتن، أعداد السيارات الكهربائية والهجينة في تزايد نسبي. حيث لم تعد سيارات مثل تويوتا Prius أو Tesla باهظة الثمن بالنسبة لأعداد متزايدة من الناس في هذه المجتمعات. ويعتقد صانعو السيارات أن المركبات الكهربائية هي المستقبل وأن هناك تسونامي من الطرز الجديدة ــــ أكثر من 100 ـــ على وشك الوصول إلى الأسواق. السؤال لم يعد إذا كانت السيارة الكهربائية ستؤثر في الطلب على النفط، ولكن السؤال الآن هو كم؟
في هذا الجانب التوقعات متباينة. على سبيل المثال، السيناريو المركزي (السياسات الجديدة) لوكالة الطاقة الدولية يشير إلى أن التوسع في استخدام السيارات الكهربائية سيعوض عن فقط 1.3 مليون برميل في اليوم من الطلب العالمي على النفط بحلول عام 2040. وإذا كان الأمر كذلك، فإن صناعة النفط يمكن ألا تقلق وفي الوقت نفسه، سيظل الاستهلاك ينمو بمعدل عشرة ملايين برميل في اليوم أو نحو ذلك. ولكن، في الجانب الآخر من التوقعات، تقول شركة بلومبيرج لتمويل الطاقات المتجددة، إن السيارات الكهربائية ستخفض نحو 13 مليون برميل يوميا من الطلب بحلول عام 2040. وسيتراجع الطلب على النفط بشكل دائم. هذا التباين الكبير في التوقعات يضيف كثيرا من عدم اليقين لقطاع النفط ويؤثر بشكل كبير ليس فقط في قرارات الاستثمار في مشاريع جديدة، وإنما أيضا في قرارات المستثمرين.
ما يمكن قوله هو أن المركبات الكهربائية والأنماط البديلة للتنقل بما في ذلك السكك الحديدية الكهربائية، والسفن التي تعمل بالغاز الطبيعي، ومشاركة السيارات، خلايا وقود الهيدروجين، والمركبات ذاتية القيادة في طريقها إلى الانتشار. تقود السيارات الكهربائية السباق في هذا الجانب ومن المتوقع أن يكون لها التأثير الأكبر. لقد أعطت الإعانات الحكومية للسيارات الكهربائية دفعة، على سبيل المثال، تمثل السيارات الكهربائية نحو 40 في المائة من مبيعات السيارات الجديدة في النرويج الغنية بالنفط. ولعبت السياسة المناخية وأنظمة اقتصاد الوقود دورها أيضا.
لكن آليات السوق بدأت تعمل أيضا إلى حد ما، حيث تستمر تكاليف البطاريات في الانخفاض كل عام. وتنتشر شبكات شحن جديدة حتى في مواقف السيارات في معظم الدول المتقدمة. قد لا يعتقد بعض المشككين في صناعة النفط بمستقبل قطاع نقل يعمل بالطاقة الكهربائية بشكل واسع، لكن على ما يبدو أن الصين تعتقد بذلك. حيث إنها تريد أن تصبح المصنع المهيمن على صناعة السيارات الكهربائية، سواء بالنسبة لأسطولها الخاص أو للعالم، وستكشف كبرى شركات صناعة السيارات في العام المقبل النقاب عن أول موجة من السيارات الكهربائية الجديدة والهجينة في الصين. الهند في صعودها الاقتصادي الذي تفترض الصناعة النفطية أنه يعني احتياجات بترولية متزايدة، تريد أن تتم كهربة جميع وسائل النقل بحلول عام 2030.
في تقرير حول انتشار السيارات الكهربائية، حدد مجلس الطاقة العالمي عدة توصيات لصانعي السياسات وقادة الطاقة. وقد حدد التقرير، الذي هو بعنوان "التنقل الكهربائي الطريق لغلق فجوة الانبعاثات" فجوة السيارات الكهربائية، وهي الفجوة بين عدد مبيعات السيارات الكهربائية السنوي المطلوب لتلبية أهداف اقتصاد الوقود لسيارات الركاب. في الاتحاد الأوروبي، هذا الرقم 1.4 مليون، في الولايات المتحدة 0.9 مليون، وفي الصين 5.3 مليون سيارة. وحدد التقرير أن الجهات التنظيمية يمكن أن تساعد من خلال تطوير حوافز للمستهلكين والمصنعين بما يتماشى مع معايير الانبعاثات. كما يمكن لشركات تصنيع السيارات أن تتعاون مع مزودي خدمات الكهرباء لتقديم عروض قيمة للمستهلكين. كما بين التقرير أن المستهلكين أنفسهم يمكن أن يلعبوا دورا في هذا الجانب، وذلك من خلال تقييم الفوائد الاقتصادية والبيئية للمركبات الكهربائية إلى جانب وسائل النقل البديلة الأخرى التي في طريقها لتدخل الخدمة، وتقديم آرائهم وملاحظاتهم إلى الجهات التنظيمية والمصنعين.
التحدي الذي يواجه صناعة النفط هو أن هذا التحول بدأ في الوقت الذي كانت فيه أسعار النفط منخفضة نسبيا. الحماس الجديد للسيارات الكهربائية ليس استجابة لارتفاع أسعار الوقود، وأيضا ليس فقط بشأن القلق بخصوص البيئة، حيث إن السيارات الكهربائية الصغيرة تعتبر مريحة وذات تكلفة تشغيلية منخفضة، وخاصة في المدن. في بعض الأماكن، يكون من الأرخص ـــ مع الإعانات ـــ اقتناء السيارة الكهربائية. في غضون سنوات قليلة سيصبح رأي المستهلكين واضحا، لكن صانعي السيارات، يدفعون قدما بخطط لسيارات الدفع الرباعي الكهربائية الجديدة الأفضل، الأطول أجلا من دون شحن والأرخص.
حتى إذا كانت المركبات الكهربائية تحقق انتشارا واسعا، فقد يكون الغاز الطبيعي هو المصدر الرئيس للكهرباء، لكن قطاع النفط على ما يبدو بدأ في قبول هذا التغيير. في هذا الجانب، يتوقع بعض المديرين التنفيذيين لشركات النفط العالمية أن السيارات الكهربائية ستشكل نسبة لا بأس بها من أسطول النقل بحلول عام 2030.

إنشرها